كرّست الناجية من سرطان الثدي بولا نصر الله جزءاً كبيراً من حياتها، في الوقوف إلى جانب مرضى السرطان ومساندتهم ودعمهم بما تستطيع، رافعة شعار: (بالعزيمة والأمل، والإيمان.. يمكن مرض السرطان ومواصلة الحياة)، إذ أسهمت بولا في بثّ الروح الإيجابية في نفوس المرضى وتشجيعهم وغرس الأمل في دواخلهم، ليكونوا قادرين على التغلّب على المرض والانتصار عليه.

مثال يحتذى
تشير بولا إلى أن بداياتها في مشوار دعم ومؤازرة مرضى السرطان كان عام 2011، عندما اكتشفت اصابتها بالمرض الخبيث، إذ إنها ومنذ ذلك الوقت أخذت عهداً على نفسها أن تنتصر عليه، كونها فقدت شقيقتها بالمرض ذاته، حيث أدى حرصها وفحوصاتها المبكرة على تشخيص المرض في مرحلته الأولى، لتباشر مراحل العلاج داخل دولة الإمارات على امتداد عام ونصف.
وبكلمات أشبه برسائل توعوية، تقول بولا نصر الله لـ«زهرة الخليج»: «منذ علمت بإصابتي بسرطان الثدي، وضعت نصب عيني التغلّب عليه وفعلت، لقد كان سلاحي العزيمة والأمل، وعدم إضاعة الوقت لأن الحياة تستحق، وواجبي هو الاستمرار فيها، وغايتي منح الآخرين من حولي الدعم الكافي، وبالفعل تغلّبت على المرض وإصراري هو الذي هزمه، بعدها لمست في داخلي دافعاً كبيراً لمساندة الآخرين ممن مرّوا بنفس التجربة، أو اكتشفوا إصابتهم مؤخراً، فعملت من خلال مدرسة أبنائي بالتعاون مع عدد من الأمهات على إطلاق مبادرة لمكافحة السرطان وجمع التبرعات والوقوف إلى جانب المرضى».

جمعية للمرضى
خلال تلك الفترة بحثت بولا عن جمعيات ومؤسسات تدعم مرضى السرطان، فوجدت جمعية أصدقاء مرضى السرطان، التي تشكل حراكاً فاعلاً ومؤثراً في الدولة، وتقف إلى جانب المرضى وتمدّ لهم يد العون والمؤازرة، وتدعم باتجاه التوعية المجتمعية للتغلّب على المرض من خلال ما تقدمه من جهود ومبادرات نوعية، فصارت جزءاً منهم، وحرصت على المشاركة في مختلف الفعاليات والأنشطة التي تقيمها بشكل دوري، وقدّمت قصتي للجميع، وشاركتها مع المرضى الذين بالفعل باتوا أصدقاءً لها، وتضيف: «اليوم أشعر برغبة أكبر، للوقوف إلى جانب المرضى لأنني اختبرت هذا الشعور وعشته، وأؤمن بأن الحديث مع المرضى بشكل ودّي، لا يخلو من الأمل يمنحهم القدرة على تجاوز هذا المرض، فالكثير من المرضى باتوا أكثر قرباً مني ويحرصون على الحديث معي وهذا أمر يشعرني بسعادة غامرة، فأن نمدّ أيدينا للآخرين لمساندتهم يعد غاية سامية دائماً ما أطمح لأن أؤديها على أكمل وجه وأعتزّ بها».

القافلة الوردية
عن دور القافلة الوردية وإسهاماتها، تقول بولا: «في شتى أنحاء العالم لم أجد جهودهاً معطاءة، تشبه ما تقوم به القافلة الوردية، فهذا المسير الذي تقوم به سنوياً، منذ عام 2011 جمعية أصدقاء مرضى السرطان، أسهم في رفع معدلات الوعي المجتمعي حول مرض سرطان الثدي، وعملت على اكتشاف عشرات الحالات وأسهمت في إنقاذ حياة أصحابها، وما تقوم به هو عمل في أرقى أشكاله الإنسانية، لهذا أنا أحرص على الوقوف ودعم هذه المسيرة وأتمنى لو أنها تقام يومياً. فالقافلة تكسر حاجز الخوف لدى النساء اللاتي يترددن في إجراء الفحوصات، فقد أسهمت وخلال كل تلك السنوات وبعد ما قطعت حتى اليوم أكثر من 19 ألف كيلو متر في الكشف عن الكثير من الحالات التي لم تكن تتوقع أنها مصابة بالمرض، وأسهم هذا الكشف في علاجهنّ ووصولهنّ إلى مراحل الوقاية بل بتن اليوم ناشطات ينصحن أصدقاءهنّ ومحيطهنّ المجتمعي، ناهيك عن توفيرها للفحوصات بشكل مجاني للواتي لا يملكن القدرة المالية للذهاب إلى المستشفيات وإجراء فحوصات الكشف عن المرض ومحاربته، بل هي خطوة مهمة تحسب للقافلة والقائمين عليها».

التحلي بالأمل
ووجّهت بولا رسالة إلى المصابين تدعوهم فيها للتحلّي بالأمل ومواصلة العزيمة والإصرار من أجل الخلاص منه، مؤكدة أن الوعي بأن الشفاء من المرض يكمن بعامل القوة النفسية التي يتحلى بها المريض، ومدى إيمانه بأن الحياة لا بد أن تُعاش لا أن يُكتفي بالانهزام والاستسلام، وأوضحت أن أجمل شيء يمكن أن يقوم به الإنسان هو مساعدة الآخرين خاصة في هذه الظروف لأنهم يحتاجون إلى الأمل والمحبة.
وكانت جمعية أصدقاء مرضى السرطان قد أطلقت مبادرة القافلة الوردية، في عام 2011، تزامناً مع احتفالها بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسها. وحظيت المبادرة برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعم وتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري لجمعية أصدقاء مرضى السرطان سفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان للإعلان العالمي للسرطان، وسفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لسرطانات الأطفال.