لا أدري السرّ حتى هذه اللحظة، ولكن أعتقد أنني أعشق الحصول على حكمة وقيم ليست موجودة في الكتب أو أعرق الجامعات! هنا لا أتحدّث عن نظريات في الإدارة أو الاقتصاد وغيرهما من العلوم، ولكن عن حكمة كتبتها الأيام في قلوب وعقول أجدادنا وجداتنا وآبائنا وأمهاتنا، لا يُمكن الحصول عليها سوى منهم مباشرة، وتزداد بطول مجالستهم وحسن الإصغاء والحديث معهم. أتساءل عن سرّ استمتاعي الكبير ولساعات بحديث أمّي وجيلها.

تقرؤون #رمسة_عاشة هذه بالتزامن مع اليوم العالمي لكبار السن الذي يصادف الأوّل من أكتوبر كل عام، وما حفّز كلماتي هو أن العام الحالي 2020 الذي أصبح الناس يفضلون مناداته بعام كورونا، فهو عام صعب بالفعل، لكن مهما بلغت صعوبته لدى الأجيال المختلفة فقد كان الأصعب لكبار السن والذين نفخر بأن نناديهم كبار المواطنين في الإمارات.

قبل كورونا كانت ظروف كبار السن حول العالم تبعث على القلق بدرجات متفاوتة حول العالم، لأنّه مع تطوّر الحياة وازدياد سرعتها قلّ الاهتمام بهم ومنحهم ما يستحقّونه من اهتمام ورعاية وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة التي تحتفل بمرور 30 عاماً على إعلان هذا اليوم يوماً لكبار السن، ولكن خلال وبعد كورونا أصبحت ظروفهم أصعب والمخاطر التي يتعرضون لها وتنتظرهم في مرحلة ما بعد كورونا أكثر.

ورغم أننا محظوظون في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بوضع أفضل من غيرنا عالمياً نظراً لأن رعاية الوالدين وبرّهما في قلب ديننا وتربيتنا ومن أهم دعائم وركائز قيمنا الاجتماعية، إلا أن مشاغل الحياة تُزاحم كبار السن على حصتهم من الاهتمام والرعاية.

لا نستطيع أن ننكر أن البعض نجحت الحياة والعمل في تحييدهم عن طريق منحهم حقّهم ونصيبهم من وقتهم واهتمامهم، وأما بعد فيروس كورونا المستجد فاضطر كبار السن للبقاء لفترة لا تقل عن 5 أشهر حبيسي المنزل وبعضهم حتى الآن نتيجة أنّهم من أكثر الفئات تعرضاً لمخاطر كورونا ومضاعفات الإصابة به. ومثلما أدّت جائحة فيروس كورونا المستجد إلى ترتيب الكثير من الأولويات في حياتنا، أرى أن نُمضي بعض الوقت لنراجع شكل علاقتنا بمن لهم حقّ علينا الذين لم يبخلوا للحظة برعايتنا وتربيتنا إلى أن أصبحنا ما نحن عليه اليوم.

بدأت الرمسة أبحث عن سرّ تعلّقي وطول استماعي لأحاديث الكبار من أهلي وأصدقائنا، ولم يطل بحثي عنها فهي في سنع الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي حظيت بأن أولد وأتربّى في بيت حباه الله نعمة العمل ضمن فريقه من خلال والدي بطي بن بشر، رحمه الله، وأختتم بأن الإجابة هي سرّ النجاح والتوفيق، فمن يبرّهم يوفقه الله ويحظى بحكمة يحسده عليها غيره. كل يوم كبار سنّ وأنتم لكباركم أقرب وأبرّ.