أليسار كركلا: مسرحنا يصدّر للعالم سلاماً وجمالاً

يلمع المبدع في مختلف الميادين، وهذه هي حال مصممة الرقصات الشهيرة أليسار كركلا، سليلة العائلة الفنية الكبيرة التي أسست أكبر فرقة استعراضية في العالم العربي، فهي منذ اليوم الأول لحادثة بيروت وهي متفرغة لمتابعة الدعم المقدم من مدرسة برودواي في أميركا، عبر تقديم صفوف تعليمية خاصة في الرقص يعود ريعها لإن

يلمع المبدع في مختلف الميادين، وهذه هي حال مصممة الرقصات الشهيرة أليسار كركلا، سليلة العائلة الفنية الكبيرة التي أسست أكبر فرقة استعراضية في العالم العربي، فهي منذ اليوم الأول لحادثة بيروت وهي متفرغة لمتابعة الدعم المقدم من مدرسة برودواي في أميركا، عبر تقديم صفوف تعليمية خاصة في الرقص يعود ريعها لإنقاذ أهالي مدينتها، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية العمل اليومي مع المنكوبين لمساعدتهم ومدهم بالثقة والأمل. وفي حوارها مع «زهرة الخليج» تؤكد أليسار أن أبناء لبنان لا يعرفون المستحيل ولا يفارقهم الأمل، ونسألها:

• ما الأثر النفسي الذي تركته حادثة انفجار مرفأ بيروت عندك؟

- تقطع قلبي مليون قطعة، نحن اللبنانيين اعتدنا الحوادث التي نعود ونتجدد بعدها، ولكن حادثة المرفأ وصلنا بها إلى مكان لم نعد نستوعب ما يحدث حولنا، وبرغم ضخامة هذا الحدث أدركنا مرة جديدة حجم حبنا للبنان، وكم هو غالٍ علينا، صحيح أن مدينتنا انفجرت، وأعمالنا توقفت، ولكن كان واجبنا تعمير المدينة وأن نصمد ونقول إن غداً يوم أفضل وسنعود لنعمل شيئاً جديداً.

• ما رسالة الأمل في حب لبنان التي تودين إيصالها؟

- الإنسان يجب ألا يفقد الأمل، هناك دائماً يوم جديد، يجب ألا نقول إن الحياة انتهت ويجب على كل شخص منا مراجعة إمكانياته لخلق الأمل في بيروت والعالم كله، حيث إن الجميع يمرون بفترات صعبة وواجبنا أن نستيقظ كل يوم، وقلبنا كبير وأملنا كبير.

مستقبل بيروت

• كيف اختلفت بيروت بالنسبة لك قبل حادثة المرفأ وبعدها؟

- قبل التفجير كنت أعيش وأعمل وأسافر وأعود لبيروت ولم أكن أفكر فيها كثيراً، اليوم استحوذت المدينة على تفكيرنا لأن الحياة فيها حزينة جداً، ولكن في المقابل هذه الجريمة كشفت لنا عن شعب ينهض ليعيد إعمار المدينة، وجيل جديد خرج ثاني يوم الحادثة لمساعدة المنكوبين وتنظيف الشوارع وإعادة البناء، اكتشفنا مرة جديدة أن الشعب اللبناني صاحب إرادة واكتشفنا حجم حبنا لهذه المدينة.

• ما المستقبل التي تتمنينه لبيروت؟

- أتمنى ألا نصل لمكان متأزم سياسياً يدفعنا لمغادرة البلاد، أنا عشت في زمن الحرب وكل حياتي عشتها بين إنجلترا وأميركا، عملي وفني أبعداني عن لبنان لفترة، ولكنني عدت وأسست نفسي هنا وانطلقت هنا ووصلت العالمية، أتمنى اليوم من الجيل الجديد ألا يغادروا، لأن هذا أكبر فراغ يحصل بهذه المدينة العظيمة المهمة بحضاراتها وفنها وهي مدينة الجمال، لا أستطيع وصف مدينتي ولكنني أتمنى ألا أرى هذا الفراغ الحاصل، هناك شيء اسمه (الحلقة الذهبية) هذه العائلات الكبيرة تهرب وهذا الجيل لا يعلمها، لا يعرفون الأمور الجميلة التي خرجت من المدينة، وأتمنى أن يكون لدى العالم الأمل للبقاء ويأتي هذا الأمل مع قدرة على العيش في هذه المدينة.

• هل ندمت على قرار عودتك إلى لبنان عام 2006 وتأسيس مدرسة الرقص؟

- أنا عدت لأنني أحمل رسالة مسرح كركلا، وأؤمن بأن نجاح الفنان يأتي من بلاده، عشت في أميركا وكنت أستطيع أن أكمل هناك، ولكن قررت العودة، أمور كثيرة دفعتني للعودة مثل الحنين والعائلة، وأشياء كثيرة لا أستطيع العيش دونها.

• فرقة كركلا العالمية تقدم الفن اللبناني، هل يمكن ترجمة هذا الحدث للوحة راقصة أو عمل؟

- مسرح كركلا يمثل الفن اللبناني والعربي، وقدمنا عروضنا في أهم المسارح في العالم من أوروبا إلى أميركا والبلدان العربية، مسرحنا دائماً يرمز للجمال والفرح، وجريمة 4 أغسطس من الصعب تمثيلها وتذكير العالم باليأس والألم، هذا الحوار دار بيني وبين الوالد وهو مؤسس الفرقة عبد الحميد كركلا، وسألته: هل نقدم عملاً يمثل 4 أغسطس؟ فقال لي إننا لا نريد تذكير العالم بهذا اليوم، بل نريد أن نذكرهم بفرح لبنان وجمال بيروت وموسيقانا الجميلة، أتمنى أن نجتمع على مسرح راقص مثل كركلا في لبنان أو غير لبنان، وأن يأتي الجمهور ليفرح معنا لا ليحزن والعمل الجديد الذي نحضره اليوم لنعيد إحياء الجمال والسعادة بقلوب المتابعين.

  • أليسار كركلا: مسرحنا يصدّر للعالم سلاماً وجمالاً

يوبيل ذهبي

• احتفلتم باليوبيل الذهبي العام الماضي لفرقة كركلا، اليوم وبعد مسيرة طويلة بدأت منذ عام 1969، أين وصل هذا الفن؟

- هذه السنة صعبة على الجميع وعلينا وعلى جميع المؤسسات الفنية بسبب «كوفيد 19»، فنحن من أكثر القطاعات المتأثرة بسبب الإغلاقات ومنع السفر، لم نتمكن من تقديم مسرحنا في لبنان ولا السفر بسبب الجائحة التي أوقفت كل الفعاليات، ولكن بعد 50 عاماً أصبحنا نعرف أهمية الفن ببلدنا وأهمية مسرح كركلا وكيف يقدم صورة فنية مختلفة، أغلب المسارح نسمع عنها مشاكل تواجهها أو تتعرض لها، واليوم تأكدنا من أهمية فرقتنا التي تصدر السلام والجمال، قبل أيام قررنا أنه وقبل انتهاء جائحة كورونا يجب أن نكون جاهزين بعمل، لنكون مستعدين لانفتاح العالم من جديد، الوضع الاقتصادي حتّم علينا إنسانياً إبقاء جميع أفراد الفرقة معنا وأن نبقى ننظر للأمام ونستمر.

• كان لك تعريف خاص عن الرقص وفلسفة بأنه يتعدى حركات الجسد، هل ما زال المفهوم ذاته أم اختلف قليلاً؟

- الرقص من أجمل الفنون، فهو يعبر عن أكثر من إحساس، والراقص كفلسفة تجده يجمع روحه مع جسده وعقله وفكره مع الموسيقى فيصبح طريقة للتواصل مع الجمهور، فهي لغة قوية والراب لغة مفهومة بكل أنحاء العالم وهناك مسرحية رائعة عرضت في الصين عبرت من خلال الرقصات ودخلت على قلوب العالم.

• ما أكثر الدول التي تحب الرقص العربي والذي تقدمه فرقتكم؟

- مسرح كركلا يقوم بخلط الرقص الشرقي بالعربي والفولكلور مع حركات الجسد العصرية، والجمهور في كل العالم ينتظرنا بهذه اللغة، التي يتحمسون لرؤيتها على المسرح وكل دول العالم ترحب بالفن الذي نقدمه، في أميركا عام 2019 قدمنا مسرحية في واشنطن تقبلوا لغتنا ومسرحنا بطريقة مذهلة وفرحنا جداً لأنهم فهموا هذه اللغة، وفي فرنسا ولندن اعتادوا أعمالنا وفي كل بلد لدينا حضور مميز.

ثلاثي كركلا

• يقود مسرح كركلا ثلاثي مهم أنت ووالدك وشقيقك، ما الخبرات التي نقلها لك مؤؤس الفرقة والدك؟

- أخي إيفان مسؤول عن إدارة المسرح والإخراج، أنا مسؤولة عن تصميم الرقص، ووالدي الأستاذ الكبير عبد الحليم كركلا هو المؤسس، وعلاقتي بوالدي ليست فقط أبوة هو أستاذي الذي علمني خبرة المسرح، وهو رجل خرج في وقت لم تكن هنا في لبنان أي فرقة رقص، واستطاع تأسيس واحدة مهمة وأوصلها للعالمية، ومثّل بلده ورفع علم لبنان وهو ما أثر في حياتي وكلما استمررنا نعرف معنى الأمل، فهو يمدني بالثقة والراحة هو مع كل الأوضاع وكورونا والوضع الاقتصادي، دائماً يقول الذي يحدث بالعالم ينتهي باليوم الذي تعملين به على فنك، وعندما يفتح العالم تكونين جاهزة له، هو أكبر أستاذ لي وأشكره على هذه الهوية التي منحني إياها، هذا المسرح هو هوية، أنا فتاة عربية درست وتغربت في الخارج ولكن هويتي العربية من وراء مؤسستنا والقوة التي منحني إياها.

• كيف تنظرين إلى تجربتك في برنامج «ستار أكاديمي»؟

- كانت مهمة جداً لأنني كنت عائدة من أميركا وقتها، وأنا ابنة المسرح الذي يتمتع بلغة خاصة مختلفة عن لغة التلفزيون، البرنامج  أعطاني القدرة على الدخول إلى عالم الرقص على الشاشة، وهو مختلف كلياً عن رقص المسرح، وأسهم في تعريف الجمهور العربي بنا، وعرفوا أننا نعمل كعائلة، جعلتني هذه التجربة أخلق شخصية منفصلة، وعلمتني أن حبي هو المسرح، حيث إن الكاميرا تغش وتقرب للجمهور ماذا يريد الفريق أن يوصله له، بينما المسرح يختلف، وهي تجربة جميلة وصعبة لأنه يتطلب عملاً وجهداً ولكن بعد تسعة مواسم، قررت أن أتوقف قبل انتهاء البرنامج.

• ماذا تقولين عن مسرحية «جميل وبثينة» في مهرجان شتاء طنطورة؟

- كانت أجمل مفاجأة، لأنه لم يسبق لنا تقديم عمل في السعودية، ولا أبالغ إن قلت إن مدينة العلا من أجمل المناطق التي زرتها، ولها سر حيث لم يكن أحد يعلم عن هذا المكان الساحر، والمسرح تم إنشاؤه على طريقة أهم المسارح التي عمل عليها والديكور والصحراء والزمن القديم الممزوج بالعصري، كان كل شيء جميلاً جداً ورحب بنا الجمهور السعودي، والعمل كان مستوحى من تراث السعودية، وكان المفروض أن يسافر إلى انحاء العالم انطلاقاً من العلا، ولكن جائحة كورونا أوقفتنا.