يشكل المطرب المصري محمد منير حالة متفردة في الساحة الفنية العربية، فمنذ دخوله عالم الفن عام 1977 ظل مخلصاً لتراث بلاد النوبة، فعلى مدى 43 عاماً ومنير يغني أغنيات لا تشبه ما يألفه الناس، ويقدم أداءً موسيقياً مختلفاً، وفي مظهره لم يكن ملتزماً بتقاليد المطربين وهندامهم، فهو يفضل أن يظهر على طبيعته بملابس بسيطة اعتلى فيها أهم المسارح الغنائية، وبتصفيفة شعر ينمو على طبيعته من دون ترتيب.

ظاهرة فريدة

في الوقت الذي يعد فيه منير ظاهرة فريدة غنائياً، وله محبوه ومريدوه الكثر في مصر والعالم العربي، إلا أنه مغمور سينمائياً على الرغم من مشاركته في مجموعة كبيرة من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات طيلة سني عمره الفنية، لكن منير الذي يحتفي في العاشر من أكتوبر الجاري بعيد ميلاده الـ66، ظل دائماً محافظاً على هالته الفنية كفنان متفرد، يستمتع عشاق صوته باعتباره (الكينج) المتوج على سدة الطرب، وينظرون إليه بفخر المدافع عن لون غنائي قدمه قبله قلة قليلة، لم يكوّن أصحابه قاعدة جماهيرية كما فعل منير، الذي غنى من كلمات وألحان محبوب باتي، قبل 15 عاماً: (امبارح كان عمري عشرين).

إحساس عالٍ

المتأمل في مسيرة منير الغنائية سيتأكد من حقيقتين ثابتتين، أولاهما: أن منير صاحب إحساس عميق ودافئ في الغناء، يخفي بذكاء محدودية صوته وعدم قدرته على تأدية (جوابات الغناء) بنفس ميزته في الغناء على طبقة (القرار)، ولعل حسن اختياراته الغنائية، ومعرفة مدى اتساع صوته، جعلاه يختار بذكاء ما يلائمه فنياً. وثانيتهما: أن منير يتمرد دائماً على القوالب الغنائية الجاهزة، التي يحاول الشعراء والملحنون حصره فيها، فأغانيه تشي بأفكار مجنونة لا يجرؤ معظم المطربين على تقديمها، فضلاً عن كونه مجدداً في الأساليب الموسيقية في أغانيه، وما يشجعه على ذلك حلاوة الفلكلور النوبي الذي يتكئ عليه منير، كلما وهن فنياً.

ممثل مختلف

لم يحقق منير في حقل التمثيل الانتشار والنجاح والجماهيرية التي حققها مغنياً، بل اتكأ وهو ممثل على منير المغني، فدارت تجاربه كلها في فلك الشخصية الغريبة الفريدة، التي يعرفها الجمهور عن مطربهم، فكان ظهوره نجاحاً لأنه قدم للجمهور في تلك الأدوار، حالات فنية تشبه الشكل الموسيقي الذي يقدمه كمطرب، فلم يجد الناس تبايناً في الشخصية الفنية لمنير، فصنع حضوره الفارق في أفلامه مع المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، مثل: (حدوتة مصرية، اليوم السادس، المصير، وإسكندرية ليه)، كما أسهمت أغنيتا (حدوتة مصرية، علّي صوتك بالغنا) اللتان انتشرتا جماهيرياً في ترسيخ صورته عند الناس (كناجح مغنياً وممثلاً)، مما سهل تقبله في كل حالاته، في أفلامه الأخرى.

في المسرح، قدم منير ثلاث مسرحيات فقط، هي: (مساء الخير يا مصر، الملك هو الملك، وملك الشحاتين). أما تلفزيونياً فشارك في ثلاث مسلسلات، هي: (جمهورية زفتي، علي عليوة، والمغني).