تحول الفنانة التشكيلية اللبنانية أدريانا الحاج المساحات الجدارية إلى لوحات خاصة مليئة بالإبداع، تفرش ألوانها بدقة متناهية لتشكل بها حكاية ملهمة، تعبر من خلالها عما يجول في داخلها وما يناسب المكان. لا تخاف أدريانا المساحات الكبيرة بل تهوى التحديات، وهي تعترف في حوارها مع «زهرة الخليج» بأن أصعب ما في الرسم الجداري هو تناسب الأحجام ما بين كل مكونات العمل الفني ودقة الألوان.

• كيف وجدت مشاركتك كفنانة في حملة «أنا بيروت» لدعم المتضررين من انفجار مرفأ بيروت؟

- نقشت رسوماتي على فستان أبيض من تصميم رجا سعادة، ارتدته الإعلامية رابعة الزيات، تم بيعه في المزاد العلني بمبلغ 84 ألف دولار، ذهبت جميعها لمساعدة المتضررين من هذا الانفجار، أردنا تقديم هذا الفستان إهداء لبيروت بعد الوجع الذي عشناه. أردت أن أسهم بمنح الأمل من خلال الألوان الهادئة والمريحة بعيداً عن الألوان الدموية والغامقة، لذلك من يرى الفستان يجد توثيقاً لحدث الانفجار، من خلال امرأة تودع أبناءها الذين تحولوا إلى طيور وانتقلوا إلى السماء.

• لكن هناك من انتقد التقاط صور لرابعة الزيات بالفستان، واعتبروا أن الحدث لا يليق بالمناسبة؟

- هو انتقاد وليس نقداً، وعلى الرغم من أنني أعذر الناس الذين كان رد فعلهم بهذا الشكل، لكن أقول إن انتقاداتهم دليل على نجاح الفكرة، التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وطبيعي أن تكون هناك ردود فعل مؤذية في أماكن ما، ومشجعة في أماكن أخرى، لكن المهم أننا استطعنا جمع مبالغ مالية ذهبت للمتضررين.

  • رسومات أدريانا الحاج على فستان أبيض من تصميم رجا سلامة ترتديه الإعلامية رابعة الزيات.

رسم الجداريات

• لماذا تخصصت في رسم الجداريات؟

- كفنانة تشكيلية، اختبرت الرسم على الأقمشة وأسطحٍ مختلفة، الإحساس بالرسم وتفاعل المادة تختلف، والشيء الوحيد الصعب في الرسم على الجداريات هو المساحات الكبيرة والقرب من المساحات التي ترسم عليها، وهو ما يستدعي أن تبتعد وتعود للوحة لتستطيع إكمال الرسمة وتعرف أبعادها، بطريقة صحيحة، لكنها متعة حقيقية لكل مبدع، وشخصياً أمنيتي أن يكون في كل منزل جدارية، لأن الرسوم ليست حكراً على القصور والأماكن الكبيرة أو المقتدرين على دفع ثمن هذا العمل، لهذا السبب قررت العمل على رسم الجداريات لأي شخص يرغب بعملها في منزله، ووجدت طريقة أقل تكلفة وأعتبر نفسي نجحت في هذه المهمة، وقربت هذا الفن بالذات لبيوت ومطاعم وفنادق في بيروت.

• إلى أي مدى ما زال هناك متذوقون للفن التشكيلي؟

- الفن التشكيلي هو ذاكرة بصرية، فما دام هناك أناس يقدرون المكان الذي يعيشون فيه، سيبقى هناك من يقدر الفن التشكيلي، فهو بصمة مرتبطة بتاريخ وجغرافيا أي بلد، فهو مثله مثل أي مهنة أخرى مثل الغناء أو التمثيل أو الكتابة، جميعها تعرضت لموجة الغرباء الذين وجدوا لظروف معينة وخصصوا مساحة لهم. لكن الفنان التشكيلي يحاسب على تاريخه وما البصمة الفنية التي تركها.

حب الفن

• هل من يقتنون الرسومات يشترونها حباً في الفن أم للمظاهر؟

- الناس الذين يقدرون قيمة الرسم يشترون اللوحات حباً في الفن، هناك أناس يجمعون لوحات لها قصص وقديمة ومرقمة، ولها تاريخ أو لها أصحاب أو اكثر من شخص مالكها في مراحل مختلفة، وأعتقد أن اللوحة في المنزل هي جزء من الديكور، فاللوحة مكملة وهي المساحة التي تمنحك راحة وتعطيك مساحات للمكان، وهناك من يراها ضرورة في المنزل.

• تعلمين الطلاب مادة الرسم، أيهما أهم الموهبة الفطرية أم الدراسة؟

- أدرس فن الرسم لكل الأعمار بداية من سبع سنوات، واكتشفت أن في داخل كل شخص فناناً يستطيع تعلم تقنية الرسم، ولكن الموهبة مختلفة تماماً، لأنك عندما تمارس الرسم بالموهبة تجده اختلف، وهذا ما أجده عند تعليم الرسم حيث يقولون إنهم لا يريدون تخطيط رسمة معينة، وينتقون بذاتهم الرسمات، وهذا الاختلاف إبداع. نحن كمعلمين نستطيع أن نعلم الطلاب تقنية الرسم، ولكن لا نستطيع تعليمهم الموهبة والانطلاق من التقنيات إلى الخروج بخط خاص بكل واحد منهم، وهنا يبرز الفرق.

  • جداريات أدريانا الحاج تنشغل بالتفاصيل.

حسن شريف.. الأب الروحي

تصف الفنانة التشكيلية اللبنانية أدريانا الحاج الفنان الراحل حسن شريف بالأب الروحي للتشكيليين في الإمارات، وتقول: «مسيرته جميلة ومنوعة وانطلقت من الكاريكاتير، من أجواء السياسة إلى أجواء أخرى، اختبر بها مواد مختلفة وكانت لديه الجرأة لتقديمها بأسلوب وطريقة مختلفة وملهمة جداً».