فجأة ومن دون سابق إنذار، تصدر اسم العالم الأميركي من أصل مغربي الدكتور منصف السلاوي عناوين الأخبار، وصار مصير العالم معلقاً بين يدي وعقل السلاوي، بهدف التوصل إلى لقاح يقضي على وباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» الذي أربك العالم وحبس الناس في بيوتهم، وغير الكثير من تفاصيل الحياة.

في 15 مايو الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مشروع Warp Speed لتسريع جهود إنتاج لقاح يقضي على «كوفيد 19»، واضعاً تاريخ يناير 2021 حداً أقصى للبدء في إنتاج اللقاح، ومقدماً العالم منصف السلاوي باعتباره مسؤولاً أول عن المشروع بالاعتماد على سيرته الطبية كمخترع لقاحات، وهو التحدي الذي قبله السلاوي واصفاً إياه بـ(الصعب جداً لكنه قابل للتحقق).

خبير دوائي

السلاوي (مواليد 27 يوليو 1959) في مدينة أغادير، خبير في الصناعات الدوائية، قضى أكثر من نصف عمره في معامل الأدوية بالولايات المتحدة الأميركية، وهو مدير سابق لقسم اللقاحات بشركة (جلاكسو سميث كلاين)، إذ عمل هناك لأكثر من ثلاثين عاماً، وخلال مسيرته الأكاديمية، أشرف العالم المغربي على تطوير عدد من اللقاحات، مثل لقاح «روتاريكس» لحماية الأطفال من التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي، ثم لقاح «وباء إيبولا». وقضى السلاوي 27 عاماً من حياته وهو يجري بحوثاً حول لقاح «سيرفاريكس» للوقاية من الملاريا، إلى أن اعتمدته وكالة الأدوية الأوروبية في سنة 2015، وهو الأول من نوعه في العالم.

بيولوجيا جزئية

بعد أن أنهى السلاوي دراسة الثانوية في معهد محمد الخامس في الدار البيضاء، غادر في سن السابعة عشرة لدراسة الطب بفرنسا، لكنه استقر ببلجيكا حيث أعجبه تخصص البيولوجيا الجزئية ووجده ملائماً لسبر أغوار فضوله في معرفة خبايا جسم الإنسان، فحصل على درجة الدكتوراه في علم المناعة. استقر ببلجيكا لمُدة 27 سنة، تزوج البلجيكية كريستين بيلمونطي وهي باحثة خبيرة في الفيروسات، وهي التي اكتشفت لقاحاً ضد فيروس ظهر في سنوات الثمانينات، كان يهاجم الأبقار شبيهاً بفيروس نقص المناعة لدى البشر. غادر منصف السلاوي بلجيكا برفقة زوجته نحو الولايات المتحدة الأميركية، ليصبح أستاذاً في جامعة هارفارد، وفي غضون 15 عاماً، شارك في اكتشاف غالبية لقاحات علم المناعة مثل: الملاريا، سرطان عنق الرحم، المكورات الرئوية وغيرها. ولدى  كريستين العديد من براءات الاختراع، ولديها مقالات علمية في عشرات المجلات الطبية، تصنف كمراجع لطلبة الطب والصيدلة والعاملين في المجال بصفة عامة.

فيروسات متطورة

عُين السلاوي مسؤولاً عن قسم البحث والتطوير في شركة (جلاكسو سميث كلاين)، حيث حصل على نتائج مُهمة إذ إنه بين عامي 2011 و2016، أنتجت المجموعة التي يوجد على رأسها 24 دواءً ولقاحاً جديداً لفيروسات مُتطورة، والتي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية بشكل رسمي. وفي سنة 2017، وبعد مشوار علمي طويل وناجح، قرر السلاوي التقاعد وترك المكان للجيل الجديد من الباحثين الشباب، منصرفاً إلى الإشراف البحثي في (موديرنا) الطبية كشريك وباحث.

تضارب  مصالح

بمجرد اعلان دونالد ترامب عن رئاسته لمشروع Warp Speed لتسريع جهود إنتاج لقاح يقضي على «كوفيد 19»، صفى منصف السلاوي مشاركته في شركة (موديرنا) الطبية، التي كانت تعمل بدورها على تطوير لقاح ضد «كوفيد 19»، وتبلغ قيمة مشاركة السلاوي في الشركة 12 مليون دولار، وجاء ذلك تخوفاً من تضارب المصالح الشخصية بين وجوده في الشركة ورئاسته للفريق الرئاسي الأميركي لمواجهة الفيروس.