يستمتع الكثير من الأهالي بسماع قصص أطفالهم المضحكة، ولكن عندما يبدؤون يقولون أشياء غير صحيحة ومختلفة عما حدث في الواقع، يشعر الآباء بالقلق تجاه هذا التصرف، على اعتبار أنه علامة على انحراف سلوكهم بما يؤثر سلباً في شخصياتهم. ولكن المستشارة تهاني التري خبيرة العلاقات الإنسانية والدولية، ترى أن الكذب عند الأطفال هو تعبير عن خصوبة الخيال وارتفاع مستوى الذكاء، رغم أنه سلوك طبيعي لدى الجميع، ولكنه مرفوض وغير أخلافي.

وتضيف: «عادة الكذب لدى الأطفال تبدأ ما بين سنتين وأربع سنوات، وبحلول سن الرابعة يكذب نحو 80% من الأطفال، كجزء من تطورهم النفسي والمعرفي والاجتماعي، وإشارة إلى مهاراتهم في قراءة أفكار الآخرين وقدرتهم على الخداع، من أجل تحقيق مكاسب شخصية أو لإخفاء التجاوزات والأخطاء التي اقترفوها».

سلوك مرحلي

وحتى لا يتحول هذا السلوك المرحلي إلى خصلة وعادة دائمة، فكيف يمكن أن يفرق الأهل بين الكذب الطبيعي الإيجابي والكذب السلبي؟ ولماذا يلجأ الأطفال عادة للكذب؟ تجيب التري قائلة: «الأطفال الذين تركز عائلاتهم بشدة على اتباع القواعد، وفرض العقوبات وليس الحوار المفتوح، يكذبون أكثر من غيرهم وعن قصد، ولكن بعض الحالات تستدعي إعادة التفكير في هذا الموضوع، ولا سيما حين يصاحب الكذب سلوكيات عدوانية وعنيفة، أو إذا أدى إلى عرقلة التزامات ونشاطات الطفل اليومية، فهنا تتخذ الأمور اتجاهاً انحرافياً لا بد من مناقشتها مع الطفل أو مع أخصائي إذا لزم الأمر».

لكن كيف يمكن التفرقة بين الكذب الطبيعي والكذب المرضي وكيفية التصرف في هذا الشأن؟ تقول: «في البداية، ينبغي أن ينتبه الأهل إلى وتيرة الكذب وعدد مرات حدوثها، فإذا لاحظ الأهل تكرار هذا السلوك، على الأهل أن يدرسوا تصرفاتهم وأجواء البيئة المحيطة بالطفل، وإن تكرر بشكل كثيف ولافت، لا بد من استشارة أخصائي»، كما يجب توجيه تنبيه للطفل، خاصة لو كان عمره فوق الـ 5 سنوات، أما إذا كان أقل من 3 سنوات، فيمكن تحويل أكاذيبه إلى أمنيات واحتياجات بصيغة مباشرة».

نصائح تربوية

وقدمت تهاني التري نصائح للتعامل مع الطفل الذي يكذب:

- عود طفلك على المصارحة وألا يخاف مهما أخطأ لأن الطفل يندفع للكذب في بعض الأحيان خوفاً من الضرب والعقاب.

-  اجعل مساحة مناسبة للحوار بينكما.

-  كن أنت الصديق قبل المسؤول وكن أنت دوماً خط الدفاع الأول له.

- كن عزيزي المربي قدوة حسنة لطفل فلا تنهه عن الكذب وتكذب أنت.

- تجنب عقابه فالعقاب اسلوب غير مجدٍ ووسيلة مضللة لتعديل سلوك الكذب.

- ازرع في طفلك المفاهيم الأخلاقية والدينية ووضحها له.

- ناقش معه السبب الذي دعاه للكذب وأخبره أنه إن اعترف بخطئه لن يعاقب وكافئه.

- ابتعد عن تحقيره والسخرية منه أو التشهير به أمام إخوته، لأن ذلك يخفض من مفهوم ذاته، وبالتالي قد يلجأ للكذب لإخفاء مواطن الضعف في شخصيته أمامك.

- قد يكون طفلك لا يكذب بل لديه خيال واسع وتتوقع أنت أنه يكذب فوضح له الفرق بين الاثنين بأسلوب يتناسب مع سنه.

- حاول ألا تقارنه بأحد لأن ذلك يضعف شخصيته تماماً ويجعله يتجه للكذب لتحسين صورته لديك.

- حاول إيجاد أنشطة مشتركة بينكما لتقريب المسافة ووجهات النظر.

- حاول ألا تقلد تربية الأهل قديما مع الجيل الحالي لان هناك فرقاً شاسعاً بينهما.

- احرص لعدم تعرض الطفل للكثير من المشاكل والضغوط فيتخذ الكذب كوسيلة لتسهيل أموره.

- تجنب التفرقة في المعاملة بين الأبناء حتى لا يضطر أحدهم للكذب عن أخيه لغيرته الشديدة منه وحباً للانتقام.

- تفاخر الطفل أمام عائلته وذلك لزيادة مكانته الاجتماعية وممتلكاته وبالتالي تعويض النقص الذي يشعر به.