اختار المعماري العراقي حسين حربة الإقامة في إيطاليا منذ 40 عاماً. درس الفتى الآتي من بابل في تورينو، وكون شهرة كبيرة بعد تمرسه في ابتكار قطع الأثاث الفنية، ومن ثم الحقائب على شكل معماري مطلقاً عليها اسم «البيت الصغير»، لتوصف لاحقاً بأنها أيقونة من أيقونات الحقائب العالمية. ثري بإبداعاته الخلاقة وإحساسه وحزمه في التعامل مع التصميم، وشهير بموهبته الحرة من أي قيود، مما يستقطب حوله دور التصميم الكبرى، التي تتعاون معه في تجديد تصاميمها الأيقونية وفق منظوره وذوقه وأسلوبه، ومنها أريكة جو الشهيرة التي أعاد حربة تشكيلها بأسلوب يزاوج الشرق بالغرب. أطلق عليه العديد من الألقاب، وكرّم في أهم المحافل، ويشارك دورياً في عروض الأزياء الإيطالية مقدماً فيها روائع الحقائب الفاخرة المفعمة بالألوان والأمل.. ونسأله:

  • يرى حسين حربة أن للألوان طاقة تعبيرية ترمز إلى المكانة التي وصلت إليها المرأة.

• هل سيقودك الحنين إلى الإقامة في العراق؟

- كتبت علينا ظروف خارج إرادتنا، بيد أن الحياة لا بد أن تسير، ليس لدي جواب حالياً لهذا السؤال، ولكن العراق موجود دائماً وأبداً في قلوبنا.

• بعد تصميمك لكنبة جو الشهيرة، هل تفكر في وضع لمساتك على قطع أخرى؟

- هناك مجازفة كبيرة جداً في هذا الموضوع بالذات. فكنبة جو تعد إحدى أيقونات التصميم العالمية، أنتجت منذ نهاية الستينات وقام بتصميمها ثلاثة معماريين عالميين، وكانت بمثابة هدية من الشعب الإيطالي إلى الولايات المتحدة الأميركية. كان اتفاقي مع الشركة المنتجة لكنبة جو على إطلاق تصميم خارجي لها، ذي تعبيرية مختلفة وكأنه ثوب جديد، عند قرب الاحتفال بمرور خمسين عاماً على إنتاجها، وتم الاحتفاء بعرضها في متحف الفنون التطبيقية العالمية في مدينة تورينو.

  • الرسم على الجلد في حقيبة محدودة الإصدار من مجموعة 2021.

• ما الفلسفة الخاصة التي تربط بين تصاميمك كافة؟

- تنبع جذور فلسفتي من جماليات الطبيعة. فعندما أمسك قلمي وورقتي وأبدأ بالتفكير، يكون هدفي الأول أن أخلق قطعة تتجسد فيها أبجديات السعادة، فتصاميمي قطع من الربيع وألوانه وروحه وإيحاءاته. أطمح إلى أن يفكر من يقتني إنتاجي أن أمام عينيه وبين يديه قطعة تمثل جمالية فصل الربيع، لعلها تمنحه قليلاً من السعادة وراحة البال.

• هل ثمة مفاهيم تصميمية تغيرت لديك بعد الخبرة؟

- من دون شك، بعد سنوات من تصميمي لشركات عالمية كبرى، لاحظت أن عالم التصميم والموضة هو عالم غربي ليس فيه أي وجود عربي، ما عدا زها حديد الناجحة في مجال العمارة في آخر 30 عاماً، وهناك نوادر من الأسماء العربية واللبنانية في مجال الموضة، وكأنه عالم لا يمكننا بلوغه أو أن نكون جزءاً منه. لهذا السبب عندما فكرت أن أدخل مجال الموضة العالمي، قررت أن أدخله من عالم الحقيبة، لأنني صممت حقيبة لها شكل معماري لذلك سميتها البيت الصغير The Mini Home. أسعدني جداً عندما وصفها خبراء الموضة بأنها أيقونة من أيقونات الحقائب العالمية.

  • دقة التفاصيل في حقيبة «صنع في إيطاليا».

حقائب وأثاث

• أين تجد ذاتك الإبداعية أكثر؟ في تصميم الحقائب أم الأثاث؟

- كل عمل أنتجته يمثل جانباً من خصوصيتي، ولكنني أميل أكثر إلى الحقيبة لأنني أراها كثيراً أمام عيني في مناطق مختلفة من العالم، وبيد بعض الشهيرات وغيرهن، وعندها أقول دائماً في ذاتي إن هذا هو تبادل الثقافات وإنهاء ثقافة الاحتكار، التي يتحدثون عنها في معظم الحوارات الثقافية التي تخص الموضة، فعندما يتحدثون عن العالم العربي لا يذكرون إلا التاريخ البعيد أي الحضارات البابلية والسومرية والفرعونية. في هذا المجال بالذات، أود أن يكون لنا حضور معاصر ذو أهمية بمستوى عالمي، وهذا ما أسعى إليه أنا وغيري. سعدت جداً عندما أشادت مجلة فوغ وغيرها من المجلات العالمية بسعيي هذا وبخصوصية تصاميمي، وعندما يختار أكثر من مهرجان عالمي للسينما حقائبي ليكرّم بها شخصيات عالمية. ومنذ فترة قررت شركة النشر العالمية سكيرا Skira، أن تنشر كتاباً عن حياتي وعن تصاميمي بعنوان (الفتى الذي أتى من بابل)، كما اختارتني مجلة Vanity Fair الإيطالية في عددها الصادر في  شهر مايو الماضي، واحداً من رموز Made in Italy في العالم.

• ما ملامح التشكيلة الجديدة والمواد المستخدمة في صناعتها؟

عملت مع الشركات الإيطالية على إنتاج مواد فاخرة، واختيار جلود نادرة وثمينة جداً، وركزت على انتقاء ألوان قوية، لها طاقة تعبيرية قوية ترمز إلى المكانة التي وصلت إليها المرأة في كل المجالات.

  • حقيبة لبنان التي ترمز إلى خصوبته وحماية شعبه له من النار والدخان.

حقيبة  لبنان

يوضح المعماري العراقي حسين حربة فكرة تصميمه أحدث أعماله (حقيبة لبنان)، بالقول: «لبنان يبقى في القلب، صنعت الحقيبة من جلد التمساح الأخضر النادر في دلالة على خصوبة أرض لبنان وجمال طبيعته وشعبه. ويد الحقيبة السوداء والحمراء، الأعمدة السوداء مع الأحمر تعبر عن النار والغبار الأسود، أما السلاسل الذهبية فتمثل الشعب اللبناني الحاضن لبلده وحاميه. لبنان رمز لا يمكن إلا أن يستعيد الحياة ويعود لعزه وأمجاده فهو بلد الفينيقيين».

اقرأ أيضاً: 12 مصمماً عالمياً ينضمون إلى «برنامج المبتكرين»