لأنها تؤمن بقيم إنسانية مثل العدل والمساواة والتسامح، وجدت الناشطة الحقوقية وداد بوحميد نفسها منجذبة إلى ممارسة الأنشطة التطوعية، وتنفيذ مهام تعلي من شأن مكانة الإنسان وتصون كرامته وتدافع عن حقوقه، وهي نفس السلوكيات التي تتفق مع إرث وثقافة المجتمع الإماراتي الذي نشأت على تسامحه وتقبله للآخر. وداد تشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وفي الشهر الذي يحتفل فيه العالم بيوم مناهضة العنف ضد المرأة، تتحدث وداد بوحميد لـ«زهرة الخليج»، في هذا الحوار:

•  لماذا اتجهت إلى مجال العمل الإنساني والمجتمعي؟

ـ إن الفطرة الطبيعية للبشرية قائمة على قيم العطاء والعدل والمساواة والتسامح كما أن العمل المجتمعي يمثل فضاءً رحباً يمارس فيه الفرد ولاءه لمجتمعة، وقراري الالتحاق بالعمل الإنساني وجمعيات حقوق الإنسان وغيرها من الأنشطة التطوعية، هو إرث وثقافة أصيلة رسختها فينا قيادتنا الرشيدة، حيث أولت دولة الإمارات منذ تأسيسها أهمية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع ومنظومته التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح.

• ما أشكال العنف المُمارَس ضد النساء؟ وما أسبابها؟

ـ تتعدّد محاور وأشكال العنف ضد النساء، لكن أهمها يتعلق بالبعد الاقتصادي، حيث يُمكن اعتبار كلٍّ من الفقر والبطالة من الأسباب الأكثر شيوعاً للعنف. إضافة إلى البعد النفسي، حيث يوجد العديد من الأسباب النفسية لممارسة العنف ضد المرأة، والتي تعود في أساسها إلى التنشئة الاجتماعية للطفل في الأسرة والمدرسة.

• من وجهة نظرك هل تلعب العادات والتقاليد دوراً أساسياً في العنف ضد المرأة؟ وما عوامل الوقاية؟

ـ بالرغم من وجود قضايا تتعلق بـ«العنف الأسري»، الناتج عن اتباع البعض للقواعد الثقافية والاجتماعية البالية والخاصّة بنوع الجنس، إلا أن نسبة أعداد ضحايا العنف من النساء تعد «منخفضة» بالمقارنة مع أعداد ضحايا هذه الفئة في العديد من دول العالم، بفضل الجهود والاهتمام الكبير من الأنظمة الحكومية في الدولة لتعزيز مكانة المرأة ورعاية حقوقها وبناء مبادئ المساواة في الهياكل التعليمية والصحية والثقافية والقضائية والأمنية والاقتصادية.

• يشهد العالم ممارسات تعمل على قمع حقوق المرأة وتعنيفها على الرغم من الجهود العالمية المبذولة في هذا الشأن، برأيك ما السبب في هذا الخلل؟

 ـ هذه مشكلة عالمية وتتطلب تعزيز تنسيق الجهود الدولية من خلال توحيد إسهامات وكالات وآليات الأمم المتحدة ذات الصلة بالعنف ضد المرأة وتوفير الوسائل التقنية لإعمالها وتفعيلها مع تحميل الدول المسؤولية الأولى في مجال التصدي لظاهرة العنف ضد المرأة ومحاربتها بشتى الوسائل المشروعة. من المؤلم جداً أن تضطر المرأة إلى خوض الكثير من المعارك للمطالبة بحقوقها الطبيعية، لا بد بصورة أساسية أن ننظر إلى الحلقة الكاملة لحياة المرأة من التعليم إلى الصحة والعمل والأسرة والعلاقات الاجتماعية والفرص الاقتصادية، فعلى سبيل المثال في مناطق الصراعات يُرصد العديد من الممارسات الخاصة بالكرامة الإنسانية المتعلقة بالعنف ضد النساء.

• كونك ناشطة حقوقية كيف تقيمين وضع المرأة في الإمارات؟

ـ استوقفتني ذات يوم جملة تقول: إن المرأة التي تعيش حياتها من دون انتقاص حقوقها تعني ببساطة أنها ولدت في مجتمعات سليمة وقوية وذات مستقبل زاهر. ولعل هذا السر الذي اكتشفته دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد حين أدركت تماماً أهمية دور المرأة الإماراتية بصفتها داعماً وشريكاً لأخيها الرجل وليست منافسة له، مما جعلها تقدم نموذجاً مختلفاً غدت فيه واحدة من أهم الدول في المنطقة بمجال حماية وتمكين النساء ومنحهن المكانة المناسبة في المجتمع، وقد أعدت استراتيجيات وخطط وتشريعات في هذا المجال أعطت من خلالها موضوع حماية وتمكين النساء أولوية كبيرة، وها هي تمضي قدماً في مسيرتها لتوفير سبل الدعم والرعاية لها انطلاقاً من إيمانها الراسخ بدورها المهم في المجتمع انطلاقاً من الإيمان بأن للمرأة حقوقاً إنسانية لا يمكن المساس بها؛ فهي الشريكة والفاعلة في تكوين أسر مستقرة وآمنة.

• كيف تنظر «جمعية الإمارات لحقوق الإنسان» إلى المنظومة التشريعية ودورها في حماية المرأة من التعرض للعنف داخلياً أو خارجياً؟

ـ العنف ضد المرأة حاجز أمام التنمية والسلام والازدهار وهو ما ينعكس سلباً على دورها الحيوي في المجتمع. وقد جاء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يصادف الـ 25 من نوفمبر من كل عام، مناسبة لتأكيد ما قدمته دولة الإمارات من أجل حماية المرأة من أي تمييز أو عنف يُمارَس بحقها. فدولة الإمارات تنظر إلى العنف المُمارَس على المرأة باعتباره جريمة لا يمكن التهاون معها ولا قبولها، ولذلك تم اعتماد مجموعة تشريعات واستراتيجيات تسهم في رفع الوعي حول النساء وحقوقهن وحمايتهن من أي انتهاك جسدي أو جنسي أو معنوي أو نفسي، لكونه مخالفاً لما نصّت عليه الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية.

حماية المرأة

كان لسمو الشيخة‎ فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات) دور بارز في التوجيه نحو اعتماد آليات توفر الحماية للمرأة من أي تمييز أو إساءة، وفق سياسة متكاملة تقدّم أكبر قدر ممكن للنساء من الحماية؛ حيث وجهت سموها بإطلاق مجموعة من الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية التي استهدفت حماية وصون حقوق المرأة على اختلافها.

إلغاء المادة 53

تحارب دولة الإمارات العنف الممارَس ضد النساء انطلاقاً من رؤيتها العامة القائمة على نبذ العنف والتطرف والكراهية، وإعلاء شأن ثقافة وقيم التسامح والسلام والعيش بسلام؛ ولذا أكد قانون العقوبات الإماراتي تجريم العنف الممارس على الأشخاص، كما تم إلغاء المادة (53) بشأن تأديب الزوج لزوجته حتى لا يكون ذلك ذريعة لممارسة العنف، كما يعتبر التحرش بكل أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون، وفي حال حدوث اغتصاب فإنه في بعض الحالات يعاقب الجاني بالإعدام. كما يؤكد قانون الأحوال الشخصية العديد من الضمانات التي تحمي المرأة من التعرض للتمييز في الأحكام الخاصة بالخطبة والزواج والطلاق والتفريق والحضانة والنسب والوصية والأهلية. وكفل دستور دولة الإمارات مسألة حماية وصون المرأة، وأقر مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في العديد من الحقوق؛ وأهمها التعليم والعمل والحصول على المساعدات والمزايا الاجتماعية والصحية وشغل الوظائف الحكومية وغيرها.