قررت سلامة خلفان ترك عالم الأعمال والاستراتيجيات لتجد وقتاً للإبداع، عندما شعرت بأن لديها طاقة إبداعية يجب إكمالها، تمنحها راحة بال وطمأنينة وتعطيها إحساساً بالتواصل مع روحها. فدخلت عالم المجوهرات من بابه العريض، أي العلم والمعرفة، فدرست علم الأحجار الكريمة وتخصصت في الألماس في GIA، لكي تكون على دراية بالجانب النظري لفن تصميم المجوهرات. ونجحت سلامة في ابتكار قطع مجوهرات فريدة قابلة للتبدل والتغير حسب مناسبات النساء ووفق أمزجتهم، وتمكنت في غضون سنوات قليلة من التحليق بإبداعاتها في سماء العالمية. هي سعيدة بما حققته، وبمبادئها التي لا تحيد عنها، وأهمها التواصل المباشر والشخصي مع عميلاتها، وتفصيل قطع ذات قيمة معنوية وعاطفية خاصة لهن، والاستمرار أيضاً في الحفاظ على الهوية والحرف اليدوية. تتحدث سلامة عن تجربتها، وتخص قراء «زهرة الخليج» بالقطعة الأولى التي صممتها بمناسبة اليوم الوطني التاسع والأربعين لدولة الإمارات، وأطلقت عليها اسم (قلبي إماراتي).

* ما أول قطعة مجوهرات صممتها؟ 
- عندما أسست البراند كان مصدر إلهامي فرس شقراء اسمها بينيلوب، هذه الفرس لديها لجام خاص بها، وأول قطعة كانت سواراً على شكل لجام مع بعض التحريف، والقطعة موجودة لدي حتى الآن وعزيزة على قلبي. 

* ما الذي أوحى لك فيما بعد لإبداع مجوهرات قابلة للتغيير والتبديل؟
- عندما كنت صغيرة كنت أحب القراءة كثيراً، والدي شجعنا على القراءة، فكنت أنهي ثلاثة كتب يومياً ولا أفعل شيئاً غير القراءة. وبعد ذلك أصبحت القراءة تعتمد على شغف الموضوع، فصرت أقرأ كل الكتب التي لدي فضول نحوها، وتدور حول الموضوع المفضل لدي. أصبحت عندما أسافر، أو أذهب إلى مجتمع آخر، أو أقرأ كتاباً أو قصة أو عن شخصية معينة، أشعر بأنها تلهمني بطريقة معينة، وهذا الإلهام يذهب إلى عقلي فيصور لك أشياء أنسجها في خضم تصاميم معينة. أحد التصاميم استوحيته من مروحة عربة الخيل، فصار عندي شغف بالسيرك الذي كان رائجاً بين العشرينات والأربعينات وفترة الآرت ديكو، وشهدت هذه الفترة البذخ والمبالغة في كل شيء، فكنت آخذ هذه المبالغة وأصنع منها تصاميمي. ومن هنا أتت فكرة كون المجوهرات للتسلية والتلاعب فيها، فيمكن تغييرها وتبديلها وتنسيقها بالطريقة التي تحبها المرأة وترتديها في أوقات مختلقة. 

 

خطاب الروح

* هل تعتبرين إبداعاتك مرايا لروحك أم متنفساً لمخزونك وموروثك الثقافي؟ 
- جزء لا يتجزأ من الاثنين، لأن الروح تتأثر بكل المخزون الثقافي وتجارب الحياة والناس الذين تعاملت معهم، والأحاسيس التي شعرت بها والمراحل التي مررت بها. المهم في أي قطعة أصممها أن تكون خطاباً من الروح، فالروح تتكلم وتقول هذا ما عندي وهذا مخزوني وهذا ما رأيته، فهذا الإبداع الذي أعطيكم إياه لتشعروا بالقليل مما أشعر به. 

* ماذا عن ملامح مجوهراتك الأخيرة؟ 
- هي قطع لا أريد أن أقول إنها خرجت عن محور الصندوق لكي أصممها، ولكن هي قطع مختلفة تماماً وتحتاج امرأة واثقة بنفسها لكي ترتديها ولا يهمها أن تكون جزءاً من التكرار، المرأة التي لا تخاف من ارتداء المختلف، والمتصالحة مع نفسها هي من تحب هذه القطع. 

  

* ما وضع قطاع الرفاهية في ظل جائحة كورونا وهل تغيرت ملامحه؟
- من ناحيتنا كشركة، لاحظنا أن الزبائن ما زالوا يقبلون على شراء المجوهرات والذهب، ويحبون شراءه وهذا ما انعكس على سعر الذهب في السوق. الناس أصبحوا يستثمرون أموالهم في الذهب، ولا يشعرون بأنهم يخسرون. والشيء الذي أكد لي هذا الموضوع أنه في خضم الجائحة، وبعد شهرين عمدت المحلات التي كان قسم الذهب عندها يغطي 10% في المحل، إلى توسيعه وتكبيره والاستثمار فيه. وبالنسبة لي كمصممة، يهمني أن أكون صادقة مع نفسي، وألبي الصوت الداخلي الذي يقودني إلى الابتكار، وتصميم قطع كبيرة وغريبة تروي قصة حقيقية وتترجم المشاعر، أي أنني أتبع حدسي وأعمل بما يمليه علي، بغض النظر عن حسابات العرض والطلب والربح والخسارة. 

* كيف تنظرين إلى تجربة التسوق الافتراضية، وهل قدمت حلولاً بديلة قد تغني عن الذهاب إلى البوتيك؟ 
- لا يشتري الناس المجوهرات لشكلها فقط، والسبب الرئيسي الذي يحث الناس على شراء المجوهرات هو الطريقة التي تشعرك بها، ما قصة هذه القطعة؟ ما الإلهام الذي وراءها؟ وما الأشياء التي جعلتها تبدو بهذا الشكل؟ في بوتيكنا كان من المهم جداً أن نخصص مكاناً هادئاً نستطيع فيه إعطاء الزبون الصورة الكاملة عن القطع بطريقة مريحة له. جمعنا بين التسوق الإلكتروني، والتسوق في المنزل. وكتسوق أونلاين نحن من البراندات التي بدأت التسوق إلكترونياً قبل الجائحة، وهذا أفادنا جداً، لأنه خلال أيام الإقفال التام حيث لا يستطيع الناس التحرك، استطعنا تلبية طلبات العملاء ممن لديهم أعياد ميلاد ومناسبات خاصة، أو يفتشون على هدية، فكان من السهل عليهم إيجاد الهدية المناسبة.

 

أول قطعة إماراتية


أخبرينا عن آخر أعمالك؟
- سأطلق كتاباً عما قريب. بعد تجربتي بملحق السفر مع «زهرة الخليج» عام 2017، وجدت أن لدي محتوى غنياً وضعته كله في مكان واحد، وهو ليس فقط دليل سفر بل يتعداه إلى الثقافة والتجميل والفن وكل ما له صلة بالسفر. كما أطلقت تصميماً جميلاً يناسب يوم الشهيد وعيد الاتحاد، لا سيما أنه لم يسبق لي أن أطلقت أي قطع خاصة بهاتين المناسبتين على الإطلاق. لأنني كنت عندما أصمم صممت شيئاً لهاتين المناسبتين أشعر بأن شيئاً ما ينقصه، فأتراجع وأعود للتصميم مجدداً. وذلك لأنني أدرك كم أن ثقافتنا غنية وعميقة وأريد أن أكون أصيلة، وفي الوقت نفسه ألا أكرر أي عمل سابق لأحد غيري، وآتي بما هو جديد، وهذا ليس سهلاً. ولكن هذه المرة استطعت ذلك، وأطلقت أول قطعة تراثية ذات جذور إماراتية سميتها (قلبي إماراتي Emarati At Heart). 

* كيف تستقبلين مناسبة اليوم الوطني الإماراتي؟
- الإمارات علمتني أنا وغيري أمراً أثر ونما فينا إيجابياً بشكل كبير، هو أن لا شيء مستحيلاً. فمن رأى التغييرات التي حصلت في هذا البلد خلال فترة قصيرة يدرك أن من جدّ وجد، وهذا الأمر يشحننا بطاقة إيجابية، أن ندرك أنه بعد العمل والجد والإنتاج ثمة نتيجة رائعة، والإنسان الذي يعطي سينال.

 

إقرأ أيضاً: Fabergé تطرح قلادة تخبئ بداخلها دباً قطبياً