لأن المحتوى الخاص بالتربية على الشبكة المعلوماتية في أغلبه يتناول الموضوعات بلغة أجنبية، والمحتوى العربي فيها قليل، فقد ارتأى وسام الشيخ حسن ولونا الخالدي أن تكون لهذا الموضوع، المهم لكل أم وأب، منصة تضمه، وتثري محتواه، وتكون مرجعاً للباحثين عن الطرق السليمة والصحية في التربية، أو في تأهيل النفس لتكون مربية ممتازة، من خلال التجارب الخاصة، أو التجارب الملاحظة في المجتمع من حولهما. فأوجدا لهما مكاناً على خارطة الإعلام المعاصر، من خلال قناة على عالم «البودكاست»، بعنوان «مش بالشبشب». عن الاسم، والهدف، والموضوعات التي تتناولها القناة، التقينا وسام ولونا وكان معهما هذا الحوار.

بداية الطريق

عن بداية الفكرة، تقول لونا: «كانت البداية لدى وسام، والذي أعرفه منذ أيام الدراسة الجامعية، أي منذ عام 2001 تقريباً، واستمرت معرفتنا حتى اليوم، وقد أصبحت أماً ولديّ طفلان، وهو أب لأربعة أطفال. بدأ مشوارنا في كندا، حيث كنا ندرس، والآن يستمر مشوارنا في الإمارات. عندما أصبحت أماً، كنت أجد أن الأمومة صعبة، وأردت فهم الأمور الخاصة بها، فكنت أبحث عن المقالات والمواد التي أحتاجها على الإنترنت، وبعد أن أجدها أضعها على صفحتي في (الفيسبوك)، وسام كان من الأصدقاء الذين يقرؤونها». ويقول وسام إنهما حتى في فترات حملها، كانا يتحدثان عن أمور الحمل معاً أثناء اللقاءات العائلية بين والدتها ووالدته، اللتين هما صديقتان، ولم يكن يعجب الوالدتين هذا الحديث، خاصة في حضور زوجة وسام، والتي كان المفترض أن تكون هي الطرف الذي يتحدث، يقول: «كان الأهل والأصدقاء يسخرون منا، ويقولون إن أمور الحمل طبيعية ولا تحتاج كل هذا الاهتمام في الحديث عنها».

كانت مقالات لونا تجذب المتابعين، وكانا يحاولان تطبيق ما جاء فيها على تربيتهما لأبنائهما، تقول: «بعدما رأيت تجاوب المتابعين لما أضعه، أخبرت وسام بأنني أود أن أبدأ في إطلاق مدونة، من أجل ذلك، ولكنه أخبرني بأن هذا المحتوى موجود بكثرة بلغة المقالات التي أضعها، وكانت بالإنجليزية، وأننا في العالم العربي نعاني نقصها بلغتنا، لذلك لماذا لا نجرب أن نضع شيئاً باللغة العربية على (البودكاست) في مجال التربية»، وتستأنف: «في البداية كان الأمر صعباً بالنسبة لي، نظراً لخلفيتي الإنجليزية التي تؤثر في حديثي، حتى إن والدتي كانت تقول لي إنني أتحدث مثل الأجنبية التي تتعلم العربية للتو، ولكن الأمر مثل ركوب الدراجة، يحتاج إلى متابعة وممارسة. بعدها كنت أكتب النص بالإنجليزية ثم أترجمه للعربية، حتى أصبحت في الحلقات التالية أكتب الملخص فقط، ثم يخرج الكلام سهلاً بلغتي العربية». أما عن المدة التي أخذها الاثنان للتخطيط لأول حلقة في «البودكاست»، يقول وسام: «من اللحظة التي قلنا فيها إننا سنقوم بإصدار (البودكاست)، حتى أول حلقة، استغرق الأمر سنتين. فلما رأيت الأمر كذلك، قلت للونا إننا إن لم نحدد تاريخاً للبداية فلن نبدأ، لذا سجلنا حلقة دعائية، وفيها أعلنا عن موعد البداية، لكي نلتزم».

الفكرة والتسمية

فكرة «البودكاست» قائمة على تعليم أساليب التربية والتنشئة بأسلوب خفيف، وطريقة ذكية، وأراد مؤسسا «البودكاست» أن يكون الاسم جاذباً وشارحاً للفكرة بكل ذكاء، يقول وسام: «أردنا أن يكون لدينا اسم يعبر عن التربية بوضوح، وبشكل ذكي ومضحك في آنٍ واحد، وكان من الصعب أن نجد شيئاً مناسباً، فطرأت فكرة الاسم على لونا، بحيث إن كل شخصٍ نخبره بالاسم يفهمه ويضحك وهو يتذكر طفولته التي لم تكن تخلو من (الشبشب). وشعرنا من خلال هذا بأننا نستطيع أن نخرج بمحتوى ذكي وخفيف ومفهوم، وباسم يناسب جيل الآباء الحالي، الجيل العشريني والثلاثيني، ويلفت انتباههم». ويضيف: «لما كنا نضع الفكرة، كان من الأشياء التي شجعتنا أننا حظينا بأبناء، وكنت أتعامل معهم بعدة طرق، ولم أكن فرحاً بما كنت أفعله في بعض الأحيان، لأنني كنت أتعامل معهم بالطريقة التي تمت تربيتي بها، وهذا الأمر خاطئ».

وصلات دماغية

وتوضح لونا بأن الأمور التي يتحدث عنها «البودكاست» ليست بالضرورة أموراً تعرض لها الجميع، فهي لم تتعرض للضرب من الأهل مثلاً، وأن أكثر الأهل محبون لأبنائهم، وعدم تربيتهم بالطريقة الصحيحة لا يعني أنهم لا يحبونهم، ولكن هم فقط لا يعرفون الطريقة الصحيحة للتربية، سوى التي تلقوها من آبائهم، وبأن لونا ووسام، لم يبدآ حياتهما كآباء، مثل الذي يشرحانه في «مش بالشبشب» تقول: «كنا نصرخ ونغضب على أبنائنا»، وتضيف: «الكتاب الذي جعلني أبدأ هذا المشوار، كتاب إنجليزي بعنوان (الطفل ذو العقل المتكامل)، يقول إن الطفل يولد من دون وصلات دماغية بين شق دماغه المسؤول عن الإبداع والأحاسيس، والشق الآخر المسؤول عن المنطق، ومهمة الأم هي إيجاد هذه الوصلات، عن طريق إعطاء الطفل اللغة، لغة التواصل ولغة المشاعر، ومنحه أمان العودة لها بعد الخطأ».

مواد «البودكاست»

الخبرة الشخصية في التربية كان لها دور كبير في التخطيط لحلقات «بودكاست» «مش بالشبشب»، ولكن هناك منابع أخرى تحدثنا عنها لونا بقولها: «كل حلقة تتحدث عن مشكلة حدثت لنا، أو عن أمرٍ سمعناه، ونتحدث عنها بالاستناد إلى بحوث علمية وكتب ومقالات متخصصة لأطباء، أو أشخاص مشتغلين بعلم نفس الأطفال، أو تربيتهم. وهذا ما نحاول شرحه، ألا وهو أن التربية الواعية تكون بمعرفة، وليست اعتماد على خبرات فقط، فالمعرفة تمنح الراحة النفسية أثناء التربية. وتحدث أحياناً أمامنا في الشارع بعض المواقف، التي تمنحنا فكرة للموضوع، كمشهد أم مع ابنها الذي يبكي في المركز التجاري، فالأمور التي نتحدث عنها تحدث مع كل الأهالي في كل مكان، فالأولاد هم الأولاد، والتربية هي التربية، وفي الأخير فإن الطفل يحتاج إلى أن يشعر بالأمان والحب والاهتمام، وتلبية هذه الثلاث أشياء هو الأساس في التربية الواعية، التي يجب أن تكون من منطلق حب ورحمة وعطف». وتختتم لونا، ناصحةً المربين، بقولها: «املأ كوبك العاطفي بنفسك، وعلم ولدك أن يملأ كوبه العاطفي».

لونا:

«تخصصت في الإدارة، وبعد أن رزقت بابنتي الأولى أردت أن أعمل مدرسة، فدرست التعليم مدة سنتين، وعملت مدرسة بديلة في مدرسة ابنتي، وخلال عملي لاحظت كيفية تعامل المدرسين مع الطلاب، والتحكم فيهم من خلال كلمة واحدة، كما قرأت في تلك الفترة كتباً عن التربية ونفسية الأطفال، بمعدل كتابين أو ثلاثة كل شهر. أما الآن فإنني أسير قدماً في الدخول إلى علم النفس الخاص بالأطفال».

وسام:

«درست إدارة، وعملت في شركة عالمية، ثم شركة مقاولات، وأعمل الآن في شركة أغذية، ولديّ محل لبيع الحلويات، بالإضافة إلى أنني ممثل ستاند أب كوميدي بالعربي. وأرى (البودكاست) بطريقة ما ردّاً على الستاند أب كوميدي، لأن أغلب النكت التي أطلقها في الثاني عن طفولتي، وطرق التربية فيها بشكل ساخر، وفي (البودكاست) أعطي طريقة تجنب تلك الطرق».

اقرأ أيضاً"  رولاند: الأكريليك فن صناعة الدهشة