يوجد لدى البعض اعتقاد خاطئ بأن مجرد ارتفاع اليوريك أسيد في الدم يعني الإصابة بمرض النقرس، لكن النقرس، بحسب الدكتورة نسرين مصطفى، أخصائية أمراض الروماتيزم في مركز هيلث شيلد الطبي في أبوظبي، هو نوع من التهابات المفاصل والذي يؤدي إلى الشعور بنوبات مفاجئة وشديدة من الألم والتورم، والاحمرار في المفاصل وأحياناً يسبب ارتفاعاً في حرارة الجسم.

 

  • الدكتورة نسرين مصطفى

 

وتضيف الدكتورة نسرين: «يمكن أن تحدث نوبات النقرس بشكل مفاجئ، وغالباً ما تؤدي إلى إيقاظ المريض في منتصف الليل أو الصباح الباكر، مع الإحساس بأن المفصل المصاب يشتعل. وتشعر بالحرارة في المفصل المصاب، والتورم والألم بحيث يبدو حتى وزن الملابس أو أغطية الفراش عليه غير محتمل». وتلفت الدكتورة نسرين إلى أن الرجال أكثر عرضة من النساء، للإصابة بالمرض في سن 30 وحتى 45 عاماً، أما المرضى فوق سن الـ55 فتستوي معدلات الإصابة بين الرجال والنساء.

أسباب المرض

توضح الدكتورة نسرين أن سبب الإصابة بمرض النقرس، هو هجمات النقرس للمرضى الذين يعانون ارتفاع معدلات حمض اليوريك (أو اليوريك أسيد) بالدم، عن الحدود المسموح بها لفترات طويلة، قد تمتد إلى عامين أو أكثر، مع وجود بعض العوامل الوراثية أو بعض المشكلات الصحية وعوامل أخرى مثل زيادة الوزن أو ارتفاع الضغط أو غيرها.

أملاح اليوريك أسيد

وتشير أخصائية الروماتيزم الدكتورة نسرين إلى أن اليوريك أسيد يعتبر من مضادات الأكسدة، وله فائدة مهمة بالجسم ويقلل من حدوث بعض الأمراض العصبية، وينتج عن هدم بعض البروتينات والمواد الغذائية ويتم التخلص منها عن طريق الكلى، ولكن في بعض الحالات لا يتم التخلص من هذه الأملاح بالشكل الكافي، مما يؤدي إلى ارتفاعها في الدم عن قدرة الجسم عن جعلها في حالة الذوبان، وتزيد من نسبة ترسبها بالمفاصل أو الحالب أو حوض الكلى على شكل بللورات أو كريستالات، مما يسبب هياجاً للكريات البيضاء وبعض الخلايا المدافعة المبطنة للمفاصل، فتحاول تخليص الجسم منها والتهامها، مما ينتج عنه إفراز عوامل تزيد من الالتهابات في المفاصل، وتؤدي إلى التورم والاحمرار (يعني ذلك أننا يمكن أن نسمي حالة الورم والالتهاب بالمفاصل على أنه نوع من أنواع دفاع الجسم ضد الترسبات بالمفاصل) أو تسبب حصوات بالكلى.

المفاصل المصابة

تؤكد الدكتورة نسرين أن هناك اعتقاداً خاطئاً أن آلام الكعب أو باطن القدم هي واحد من أعراض النقرس وأنه يجب أخذ علاج للمرض في هذه الحالة، وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً، إذ إنه من الممكن أن يكون السبب في آلام الكعب، مشاكل أخرى منها التهابات بالأغشية المبطنة للقدم أو ما يسمي الشوكة العظمية أو التهاب بالأعصاب أو غيرها من الأسباب التي يجب معرفتها وعلاجها، بعيداً عن أدوية النقرس.

مفاصل الجسد

وتلفت النظر إلى أنه يمكن للنقرس أن يصيب مفصلاً واحداً أو مفاصل متعددة أشهرها الأصبع الكبير بالقدم، ولكن الأمر ليس قاصراً عليه، بل يمكن أيضاً إصابة الكاحل، الركبة، الرسغين، ومفاصل الأصابع، أو الكوع، وتزداد حدة الألم والالتهاب غالباً في خلال من 12-24 ساعة، وغالباً ما يحدث تحسن تام في أيام قلائل، خاصة في الهجمات الأولى فيظن المريض أنه لا يجب أخذ العلاج إلا أثناء الهجمة، ولكن مع تكرار حدوث الهجمات يصعب السيطرة عليها.

وتنبه إلى أن تكرار الهجمات غالباً ما يكون بسبب عدم أخذ العلاج بانتظام أو عدم تشخيص المرض، وبالتالي تأخر العلاج وتراكم زيادة ترسبات بللورات اليوريك أسيد بكميات كبيرة، والتي ينتج عنها تآكل وتشوهات بالعظام والمفاصل.

عوامل الخطورة

توضح الدكتورة نسرين أن زيادة الوزن، ارتفاع ضغط الدم، أمراض الكلى المزمنة، الصيام لساعات طويلة بشكل مستمر، عدم شرب الماء بالكمية الكافية، زيادة أكل اللحوم الحمراء وبعض المأكولات البحرية، زيادة أكل الأعضاء الداخلية للحيوان مثل الكبد والكلاوي، الإكثار من المشروبات التي تحتوي على سكر الفاكهة (الفركتوز) وشرب الكحوليات، وتناول بعض الأدوية التي من شأنها زيادة اليوريك أسيد في الدم مثل بعض أنواع مدرات البول، كلها عوامل تؤدي إلى الإصابة بالمرض.

الوقاية من النقرس

تشير الدكتورة نسرين إلى أن الإكثار من شرب الماء والألبان، يساعد على التخلص من أملاح اليوريك الزائدة. وتضيف: «يجب الإقلال من تناول بعض أنواع الأسماك، مثل سمك التونة والسردين والماكريل والسلمون، والقشريات كالروبيان والكابوريا والحبار والمحار واللحوم الحمراء والكبدة والكحوليات، إذ إنها تحتوي على كمية عالية من مادة البيورين التي تعتبر المصدر الأساسي لليوريك أسيد. ومن المهم جداً الاهتمام بالمحافظة على الوزن المثالي، ومعالجة الأمراض المصاحبة مثل السكري وضغط الدم المرتفع وزيادة الكوليسترول ومشاكل الكلى، الذي يعتبر من أهم العوامل لتقليل فرص الإصابة بمرض النقرس».

تشخيص المرض

توضح الدكتورة نسرين أن تشخيص المرض يشمل الفحوص المساعدة في اكتشاف المرض، مثل اختبار سائل المفاصل، حيث يتم سحب سائل من المفصل المتورم، وقد تظهر (بلورات ملح حامض اليوريك) عند فحص هذا السائل تحت المجهر، أيضاً فحص الدم لقياس حمض اليوريك مع فحوص لوظيفة الكلى وعوامل الالتهابات. وتضيف: «الموجات فوق الصوتية للمفاصل والأنسجة، واستخدامها في العيادة كفحص سريري غير مؤلم وسهل وسريع من دون سحب سائل المفصل، يمكن من تشخيص مرض النقرس، حيث يمكن للطبيب رؤية علامات وتغيرات ودلالات معينة خاصة بمرض النقرس بالمفاصل دون غيره من أمراض التهاب المفاصل الأخرى، وأيضاً تمكنه من متابعة استجابة المريض للعلاج من خلال متابعته للاختفاء التدريجي لهذه التغيرات بالمفاصل والأنسجة مثل الأوتار والغضاريف و الأربطة، كما يمكن تشخيص المرض من خلال الفحص بالتصوير المقطعي المحسوب ذي الطاقة المزدوجة».

علاج النقرس

علاج مرض النقرس طويل الأمد، وليس كما يظن البعض أنه علاج مرحلة الالتهاب والتورم فقط، هكذا تشخص الدكتورة نسرين الإجابة حول العلاج المتوقع، وتضيف: «مرض النقرس علاجه طويل، خاصة إذا كان مصحوباً بأمراض أخرى كأمراض القلب أو السكري أو الكلى أو ارتفاع الضغط، وقد أكد الكثير من الدراسات الطبية الحديثة والتي تم عرضها في المؤتمر الأخير للجمعية الأميركية لأمراض الروماتيزم والذي تم في نوفمبر 2020، على أن علاج النقرس يؤدي إلى تحسن أكبر للمرضى الذين تم تشخيصهم بالإصابة بأمراض القلب والشرايين. فهنالك  مجموعات كثيرة من الأدوية، منها ما هو خاص بتثبيط الالتهاب بالهجمات الحادة، ومنها ما يساعد على تقليل ترسب الأملاح بالمفاصل، ومنها ما يقلل من مستوى اليوريك أسيد في الدم، ومنها ما يساعد على التخلص من الأملاح الزائدة. ولكل مرحلة من مراحل النقرس أدوية خاصة بها، ولاختيار نوع الدواء يجب أخذ التاريخ المرضي والدوائي، ومعرفة الظروف المعيشية في الاعتبار، مما يساعد على اختيار نوعية الدواء المناسب للمريض».

اقرأ أيضاً:  وصفات طبيعية تساعد على التخلص من الأرق