مع نهاية عام 2020 وبداية عام 2021، نقف عند حافة التأمل نقلب أوراق هذا العام، الذي يلملم ساعاته الأخيرة في حقيبة الماضي ليرحل، ويغيب في ضباب الذكريات، ولكنه يترك لنا وراءه تجربة إنسانية شملت كل البشرية، تجربة سيتوقف أمامها الكثير من البشر، يتأملون أيامها وساعاتها.. سيبحثون عن تلك اللحظات التي ما مرت بنا من قبل ونتمنى ألا تمر بنا مجدداً.

بدأ العام عادياً، ثم أظلمت الشمس تحت غمامة جائحة كورونا الرمادية، التي ابتلعت نور الشمس وحلقت بالخوف على سماء البشرية، وصار الخوف يسير بين طرقات المدن الخالية من الناس، الذين اختبؤوا داخل بيوتهم بحثاً عن الأمان والحماية، وعلقت بالأجواء رائحة الخوف التي سكنت كل أركان الحياة.

بدأ المغيبون عن الحضارة والتقدم، يضعون بصماتهم على وعي الناس، بصمة تعلن أن الجائحة هي غضبة من الله، أنزلها على البشرية لأنهم ابتعدوا عن تعاليم دينهم، تشابهت مفاهيمهم وأهدافهم واختلفت مفرداتهم.. سعوا لاستغلال الخوف الذي انتاب الناس لخدمة مفاهيمهم وأغراضهم، وصنعوا خرافات غذوا بها تلك المشاعر المرعبة، ولم يمنحوا البشر إلا مزيداً من الذعر وتأنيب الضمير، لكن العلماء عملوا في معاملهم يبحثون من خلال العلم والواقع والمنطق، عن وسيلة لهزيمة هذا الفيروس معتمدين على عقولهم، التي هي من صنع الله الذي خلقنا وخلق لنا هذه العقول لتكون حارسة لنا في رحلة الحياة.

ووقف رجال الدولة الحقيقيون يبحثون عن الطمأنينة لشعوبهم، ولكن بعضهم استغل الجائحة للمزايدة واكتساب الأرضيات الوهمية عند شعوبهم، ولا ننسى يوم وقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وقالها بكل ثقة وقوة وأمان (لا تشلون هم)، فكانت ثلاث كلمات فقط، لكنها كانت سوراً عظيماً ضربه حول المجتمع، منع عنه فيضان الخوف ونام الجميع آمنين في بيوتهم مطمئنين، بقيادة حملت بين كفيها درع الأمان للمجتمع. وجلسنا ننتظر العلم ولم يطل انتظارنا ولم يخيّب العلم والعقل رجاءنا فيه، وكان عند الموعد ونجح العلماء بفضل المعرفة والعلم والعقل في المعركة الأولى مع الجائحة، وما إن جاءت نهاية العام، إلا وحمل العلماء لنا نور الأمل، وصنعوا لنا درع الوقاية الأول. العلماء لم يصنعوا اللقاح لا لمسلم ولا لمسيحي ولا ليهودي، بل صنعوه لكل البشر، لم يفكروا في تلك التصنيفات الفارغة، التي تبتعد عن حقيقة الله الخالق الرحيم. صنعوا الدرع الأولى وهم ينظرون لمستقبل الإنسان كإنسان فقط، كقيمة مجردة من انقسامات يصنعها الباحثون عن تغييب قيمة العقل، الذي صنعه الله الخالق العظيم الرحيم، ويحرصون على منح الخرافة سلطة الحكم على البشرية.

وما زال العلم ينخرط في معركة شديدة مع الجائحة، وكلنا يقين أن انتصاره سيكتمل قريباً، وسيتم ترويض ذلك الوحش لنضع صورته على حائط مجد وانتصارات العقل، في معركته المستمرة مع الجهل والخرافة.