تؤكد لانا قاعاتي، مدربة التنمية البشرية ومديرة جروب ملتقى الأمهات في أبوظبي، أن تنمر المرأة على الأخرى حقيقة مرة وموجودة في المجتمع من حولنا، وترى أنها من القضايا التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، نظراً لخطورة نتائجها على الشخصية التي تتعرض للتنمر، لا سيما وقد انتشرت تلك الظاهرة السلبية بكثرة في الآونة الأخيرة، خاصة في المجتمعات العربية، حسب قولها لـ«زهرة الخليج».

  • لانا قاعاتي

 

أسباب التنمر
أما عن الدوافع التي تسبب تنمر امرأة على أخرى، توضح لانا قاعاتي أن أغلب الدراسات المجتمعية وجدت أن تنمر النساء على بعضهن، يكون نتيجة نقص ما في حياتهن الخاصة وعدم الثقة بالنفس، أو قد يكون بسبب اضطرابات نفسية، وفي الكثير من الأحيان يكون بسبب الغيرة، لا سيما وقد ترى امرأة أن الأخرى أجمل منها، فتشعر بالغيرة وخصوصاً مع انتشار عمليات التجميل مؤخراً، وزيادة التركيز على الشكل والمظهر الخارجي، وأحياناً أخرى تكون الغيرة بسبب الحالة المادية والمكانة الاجتماعية، وقد تغار المرأة من امرأة أخرى بسبب التفكك الأسري والمشاكل الزوجية. 

التنمر في العمل
تشير لانا قاعاتي إلى أن تنمر السيدات على بعضهن البعض، يمكن أن يحدث حتى بين الصديقات المقربات، ويمتد إلى مضمار العمل، وبدلاً من أن تدعم المرأة زميلتها في العمل، يحدث العكس فتبدأ في التنمر عليها وإيذاء مشاعرها، سواء بالكلمات أو النظرات أو الهمس مع الأخريات، ويحدث ذلك خاصة إذا كانت امرأة نشيطة ناجحة ومتميزة في مجالها، وقد أثبتت الدراسات أن السبب الرئيسي في غيرة المرأة من إحدى زميلاتها، غالباً ما يكون بسبب الضغط النفسي الذي تتعرض له المرأة العاملة، نظراً لتضاعف مسؤولياتها في العمل والمنزل وتربية الأبناء، فتصبح مضطربة نفسياً وتبدأ في التركيز على الآخريات والتنمر عليهن.

أنواع التنمر
تقول لانا قاعاتي إن التنمر ينقسم إلى: التنمر اللفظي، من خلال السب والشتم والسخرية، والتنمر العاطفي: من خلال إلحاق الأذى المعنوي بتشجيع الآخرين على الابتعاد عنها ونبذها، وتضيف: «هناك أنواع أخرى أيضاً، مثل التنمر المجتمعي الذي يكون من خلال نشر الشائعات والأكاذيب والاضرار بالسمعة، وأيضاً التنمر الإلكتروني، من خلال نشر التعليقات المسيئة للطرف الآخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى من خلال سرقة إحداهن لحساب الأخرى، واستخدامه بطريقة غير لائقة للإضرار بها».

آثار التنمر 
تنبه لانا قاعاتي إلى أن التنمر لا يلحق الأذى بالمرأة التي تعرضت له فقط، وتشرح: «للتنمر آثار سلبية تلحق بالمجتمع ككل، لا سيما أن المرأة عضو مهم جداً في المجتمع، فهي الزوجة والأم ومربية الأجيال، فالأذى، الذي تتعرض له بسبب التنمر، يدخلها دوامة من التقلبات المزاجية، ينتج عن ذلك ضغط نفسي وخلافات أسرية ومشاحنات مع الزوج قد تصل إلى حد الطلاق، أيضاً قد تتعامل مع أطفالها بطريقة عصبية نتيجة اتهامها لفظياً بعدم قدرتها على تربية الأبناء لتثبت العكس، فضلاً عن فقدانها ثقتها بنفسها، فلا تهتم بمظهرها ولا تؤدي مسؤولياتها بنجاح سواء في البيت أو العمل، نظراً لشعورها بعدم تقدير المحيطين بها، وقد يسبب ذلك أن تفقد وظيفتها، كما أن أخطر الأعراض التي قد تصاب بها، الاكتئاب متفاوت الشدة وتدهور حالتها النفسية، فيصل الأمر حد التفكير في الانتحار».

علاج المشكلة
تدعو لانا قاعاتي النساء المتنمرات إلى إعادة النظر فيما يفعلن من سلبيات تضر بحياة الأخريات، لافتة إلى أن الإعلام بكل وسائله المتاحة، لا بد أن يسلط الضوء على هذه الظاهرة السلبية، لتثقيف النساء وتوعيتهن بمخاطر التنمر وكيفية محاربة هذه الآفة الخطيرة، وتنصح لانا قاعاتي كل سيدة تعرضت للتنمر بألا تفقد الثقة بنفسها، فلولا تميزها ما تعرضت للأذى من الآخرين، وأن تحاول أن تتغافل وتتجاهل ما تفعله الآخريات وتمضي في طريقها، وتضيف: «إذا شعرت المرأة المتنمر عليها بأن الموضوع غير محتمل بالنسبة لها، فعليها ألا تخجل في طلب المساعدة من المختصين، وأيضاً ممن هم أكبر منها سناً وأكثر خبرة، بشرط أن يكونوا أشخاصاً موثوقاً بهم، ومن المهم أيضاً ألا تستسلم للوحدة والعزلة، وعليها مقاطعة العلاقات السامة التي تضر بها قدر المستطاع، وأن تنغمس في ممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية والتعرف إلى أشخاص إيجابيين، فالإيجابية تنتقل بالعدوى من شخص إلى آخر، وحينئذ ستشعر بالشفقة على من تنمرت عليها يوماً ما، لأنها ستكون الأقوى».