ظهر الميلان في برج بيزا الشهير بعد سنوات قليلة من البدء في بنائه، ولم يكن يخفى على مختصي البناء أثناء وجودهم في موقع البناء أن السبب الرئيسي لذلك يعود لنوعية التربة التي كان البناء يرتفع فوقها، ولكن ذلك لم يمنع من مواصلة العمل على الرغم من أن مشاكل التربة المؤدية إلى ميلان البرج لم تعالج بعد، ولكن استمرت عملية البناء ومعها استمر الميلان ويزداد شيئاً فشيئاً. وفي النهاية ظهر للعالم ذلك البناء المعوج والذي كان اعوجاجه سبباً في شهرته العالمية!

مثل ذلك البناء تبدو بعض العلاقات الاجتماعية، هي تبدأ بشكل تلقائي يأمل أطرافها في نجاحها واستمرارها، لكن المفارقة أن تلك العلاقات كلما استمرت تفاقمت مشاكلها وبدأت تنحرف عن الطريق الذي كان من المؤمل أن تستمر فيه.

وبمقارنة موضوعية بين بناء برج بيزا المائل وبناء علاقة اجتماعية ناجحة، يمكننا أن نستخلص عدداً من الدروس التي قد تغير من سلوكياتنا وتأخذ بأيدينا نحو إقامة علاقات اجتماعية ناجحة من دون المرور بأي عقبات أو مصاعب.

وأول تلك الدروس يتلخص في أهمية التركيز على الأساسات والقواعد، فمنذ البداية تعتبر الأساسات من أهم ركائز الحياة لبناء علاقات صلبة تدوم طويلاً، فلو أن العاملين على البرج اهتموا باختبار التربة ومعرفة نوعها لاختاروا للبرج موقعاً آخر يمنعه من الاعوجاج.

ثانياً: الاعتراف بالخطأ أياً كانت أسبابه أو أطرافه أمر مهم. أما المكابرة أو التجاهل فهي مسألة تزيد من المشكلة من دون أن تحلها.

ثالثاً: إن المضي في علاقات هشة وضعيفة مع معرفة عيوبها ونواقصها ومن دون محاولة إيجاد حل جذري لها يؤدي إلى تفاقمها وتراكمها بمرور الوقت حتى تصل إلى الحد الذي يصبح فيه البحث عن حل مناسب مستحيلاً.

رابعاً: إن المشكلات التي تواجه بالصمت والنكران لا تُحل.

أخيراً: العلاقة غير السوية حتى وإن كانت رائعة في ظاهرها أمام العيان فإن الخوف من انهيارها في أي لحظة يظل ملازماً لأصحابها فيستنزفهم ويمنعهم من الاستمتاع بالحياة.

وقديماً قيل ما بني على باطل فهو باطل!