على ضفتي نهر النيل تستلقي مدينتا الأقصر وأسوان، وفي قلب كل منهما كنوز وآثار تشهد على حضارة شكلت، قبل أكثر من سبعة آلاف عام، لغزاً لا يزال يحير العلماء والخبراء إلى يومنا هذا، لا يمكن زيارة مصر من دون التوجه إلى هاتين المدينتين اللتين تعتبران من أجمل الوجهات السياحية الشتوية، ليس بسبب طقسهما المعتدل فحسب، وإنما لما تحويانه من معالم تاريخية، تأخذ الزائر في رحلة معرفية استكشافية تدغدغ المخيلة، وتحمله على بساط ريح وهمي ينقله إلى أعماق غموض الحضارة الفرعونية.

مدينة الشمس

تبدو مدينة الأقصر، التي كانت عاصمة للدولة الفرعونية الحديثة والتي لقبت بمدينة المئة باب، ومن ثم مدينة الشمس ومدينة النور، غارقة في مزاراتها وآثارها السياحية التي تشهد على عظمة حضارة بنت صروحاً وقصوراً وسنت قوانين، وأنتجت كنوزاً ومعارف لا تزال إلى يومنا هذا تشكل مصدر وحي وإلهام للكثيرين. تدهش الأقصر زوارها بجمال معالمها، وتسحرهم بلطف أجوائها وهوائها وألوان تربتها، فيشعرون وكأنهم أمام لوحة سريالية رسمت بريشة من ذهب لتبهر بخطوطها الناظر إليها. كثيرة هي الأماكن التي تشدّ الزوار، فالمدينة فريدة من نوعها، وهذا ما دعا عدداً كبيراً من كبار الشخصيات من العالم أجمع إلى زيارتها والمكوث فيها والاستمتاع بهوائها. تحولت الأقصر إلى أيقونة سياحية لما تحويه من معابد ومبانٍ أثرية وأسواق تجارية، مليئة بالتذكارات التي يحملها السياح في رحلة عودتهم إلى بلدانهم، فتبقى شاهدة على الأوقات المميزة التي أمضوها هناك. 

سلاسل الأقصر

يحار المرء من أين يبدأ رحلته في الأقصر. هل يبدأ بزيارة معبد الأقصر الذي شيد لعبادة الإله آمون رع؟ والذي يتميز بالمسلتين الكبيرتين على مدخله والتمثالين الكبيرين اللذين يمثلان الإله رع والبحيرة الساحرة مع تمثال الجعران؟ أم يزور أولاً معبد الكرنك عابراً طريق الكباش الذي يحيط به من الجانبين تماثيل ابو الهول الصغيرة؟.. أو لعله من الأفضل أولاً التوجه إلى وادي الملوك، حيث مقابر الفراعنة الملكية التي تتميز بالزخارف والنقوش الفرعونية الساحرة والغامضة؟ ولما لا تبدأ الزيارة من الدير البحري الذي شيدته الملكة حتشبسوت، ويضم مجموعة من المعابد والمقابر والذي يتميز بثلاثة مدرجات متصاعدة؟ وماذا عن معبد الرامسيوم الذي بناه الملك رمسيس الثاني ليكون مقبرة ملكية، إذ يضم تمثايل ضخمة لرمسيس الثاني يتميز بالزخارف والنقوش التي تحكي طبيعة الحياة في تلك الفترة؟ كل معبد ومتحف أثري في هذه المدينة يستحق الزيارة، وهذا يعني أنه ينبغي وضع برنامج زيارة يمتد على مدى ثلاثة أيام، تتخللها زيارة أيضاً إلى «متحف التحنيط» الذي يعد الأول من نوعه في العالم، واستراحة في المقاهي العديدة المنتشرة في الأماكن، وبالطبع عدم نسيان زيارة الأسواق التجارية وشراء التذكارات اللطيفة، قبل الانتقال والتوجه إلى مدينة أسوان أرض الكنوز وزهرة الجنوب المصري. 

عذوبة النيل

في مدينة أسوان يشعر الزائر بدفء الشمس وروعة النيل وعذوبة مياهه التي تنساب ملتفة حول المدينة لتستقر بعد السد العالي فيها، مشكلة بحيرة هادئة هي قبلة للباحثين عن رقعة من الهدوء والاسترخاء. وبين شهري ديسمبر ومارس، تتحول هذه المدينة إلى مقصد للراغبين في الاستشفاء من أمراض مثل: الروماتيزم والربو والتهاب الكلي المزمنة، لما تتمتع به من مناخ صحي. في هذه المدينة الغارقة في هدوء سرمدي، يمكن الغرف من كنوزها التاريخية المنتشرة على ضفتي نيلها، من آثار فرعونية إلى رومانية وفاطمية، ناهيك عن المعابد والمقابر المحفورة في الجبال، والتي تشكل مصدر إبهار للزوار من كل أنحاء العالم. 

تحتضن أسوان معالم سياحية كثيرة، فكل حجر فيها بإمكانه أن يخبر أسراراً فرعونية، وكل جدار في معبد أو متحف ومقبرة، يكشف عن مدى روعة الهندسة الفرعونية والنقوش والزخارف التي أتقنها الفراعنة. من «معبد فيلة» الذي غرق وأعيد تفكيكه وتجميعه، إلى «معبد أبو سمبل» الذي بناه رمسيس الثاني في الصخر والواقع جنوب أسوان، والذي يتميز بظاهرة فريدة من نوعها لا تزال إلى اليوم تحير العلماء، وهي نفاذ الشمس إلى عمق المعبد لينير تمثال رمسيس الثاني يومي عيد ميلاده وذكرى جلوسه على العرش واللذين يصادفان في 22 فبراير و22 أكتوبر على التوالي من كل عام. هناك أيضاً «معبد كوم إمبو» المبني على النيل، والذي لا يمكن الوصول إليه إلا عبر القوارب، كذلك هناك «جزيرة الفنتين»، وتضم مقياساً تاريخياً للنيل يعود للعصر الروماني.

زوار مدينة أسوان سوف يسمعون الكثير عن قرية «غرب سهيل» النوبية، التي تتميز ببيوتها الملونة وبطبيعتها الخلابة، وهي تستقطب السياح الذين يأتون إليها على متن قوارب شراعية تحملها مياه النيل. 

 

مأكولات شعبية

عند زيارة مدينة أسوان لا تفوتوا تجربة تناول المأكولات التالية:

• الفتة بأنواعها.

•  المديدة، عبارة عن حلبة وسمن بلدي يضاف إليه اللبن أو العسل.

أما في مدينة الأقصر، فننصحكم بتجربة التالي:

• الفطير بالسخينة، وهو فطير يحمر بالثوم والسمن البلدي مع البصل والطماطم والتوابل والشطة. 

• المفروكة، وتصنع من قطع صغيرة من العجائن، ثم توضع فى خليط من اللبن، والسمن والسكر.

• العيش الشمسي، وهو خبز يعد بطريقة خاصة بأهل الأقصر.

•  مشروب البوظة ويصنع من الدقيق والماء وماء الورد ويطهى على النار.

 

إقرأ أيضاً: المرفأ.. وجهة سياحية هادئة