بعد أن كانت دعوات الاحتفال تقتصر عادة على الأعراس والمناسبات السعيدة من تخرج أو نجاح مدرسي أو جامعي، وما يماثلها من تحقيق نجاحات وانتصارات مهنية، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا الشرقية، تتمثل في الدعوة لحفلات الطلاق التي كانت تقيمها بعض النساء المطلقات قبل انتشار فيروس كورونا.

ياسمين الخالدي مدربة التنمية البشرية والمستشارة الأسرية، تشير إلى هذه الظاهرة الغريبة وتوضح أسبابها وتأثيراتها السلبية على المجتمع، وتقول: «انتشر هذا الشكل من الدعوات مؤخراً بشكل لافت للنظر، حتى بات الأمر عادياً ومألوفاً أن تحتفل بعض السيدات بطلاقهن، حتى تطور الأمر وباتت مثل هذه الحفلات تقام في أماكن مخصصة مثل قاعات الأفراح والمناسبات، وتبلغ تكاليفها الكثير من الأموال، فضلاً عن الهدايا التي يقدمها المدعوون للسيدة المطلقة!».

  • ياسمين الخالدي مدربة التنمية البشرية

أسباب الطلاق

تلفت الدكتورة ياسمين النظر، إلى أن قضايا الطلاق والخلع، أصبحت في ازدياد يوماً تلو الآخر، موضحة أن السبب في ذلك عدم وجود الثقة بين الزوجين، والأنانية المفرطة من كليهما أو من أحدهما، فضلاً عن الخلافات التي تنشب بين الزوجين بسبب عدم اهتمام أحدهما بالآخر، وتدخل الأهل في تلك الخلافات بشكل سلبي، الأمر الذي يزيد من حدتها وتطورها للأسوأ، خاصة عندما يحاول الزوج من أجل إرضاء أهله التقليل من قدر زوجته أو العكس، فضلاً عن عدم تدريب الأبناء سواء الذكور أو الإناث من قبل الوالدين قبل الزواج، على أهمية تحمل المسؤولية، والتدليل المفرط الذي يجعل منهم شخصية اعتمادية، لا تستطيع القيام بواجبات الزوجية.

آثار على الأبناء

تنبه الدكتورة ياسمين إلى أن الأبناء هم الضحية الأولى والأهم في وقوع الطلاق بين الزوجين، وما يحدث لهم من أمراض نفسيه واجتماعية بسبب عدم وجودهم مع الأب والأم داخل أسرة مستقرة، من دون دعم نفسي أو عاطفي أو قيادة وحنان أو عاطفة،  فيصبحون (رهينة) بعد الطلاق، فكل طرف يحاول جذبهم إليه، فتنتقل لهم مشاعر عدم الأمان ومشاعر العدوانية، التي تؤدي فيما بعد إلى تعرضهم لمشاكل واضطرابات نفسية وسلوكية كبيرة وعميقة.

دوافع الحفلات

تشير الدكتورة ياسمين إلى أن الدافع وراء إقامة حفلات الطلاق، غالباً ما يكون بسبب شعور الزوجة بمشاعر الانتقام والسخرية وإظهار الامبالاة من المحيطين لما مرت به، أو التعبير عن انتهاء المعاناة والعذاب خاصةً في بعض حالات ظلم الأزواج لزوجاتهن أو تأخر مدة التقاضي بينهم، لأسباب تعود لمماطلة الزوج وعدم مواظبته على حضور جلسات المحكمة، أو امتناعه عن تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بالحضانة أو التخلف عن مواعيد الزيارة أو النفقة الزوجية.

ظاهرة سلبية

وتنصح الدكتورة ياسمين الزوجات بأهمية الابتعاد عن محاكاة من يقمن حفلات للطلاق، شارحة: «مثل هذه الاحتفالات تدعو إلى تشجيع النساء على الطلاق، وهي دعوة مستترة إلى الانحلال وسهولة التفريق بين الزوجين والتهاون بالميثاق الغليظ وهو ارتباط الزواج، وبالتالي تؤدي إلى التفكك الأسري وضياع الأبناء، إذ تعَدُّ انهياراً للوحدة الأسرية وانحلالاً للأدوار الاجتماعية المرتبطة بها، واستجلاباً لعادات سيئة لا تمت لثقافتنا العربية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، ونشر ثقافة دخيلة بعيدة عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف».

توعية المجتمع

وتؤكد الدكتورة ياسمين، على ضرورة زيادة توعية المجتمع من قبل المؤسسات المختصة والمعنية بشؤون الأسرة، بمخاطر هذه التصرفات الدخيلة، فضلاً عن دور المساجد ووسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية لتوضيح خطورتها، وأهمية احترام الزواج واستقرار الأسر وحماية الأبناء، الذين هم نواة المجتمع وشباب الغد ورجال المستقبل وهم من ستنهض بهم الأمم. وتنصح الدكتورة ياسمين النساء بتحكيم عقولهن، وأن يفكرن في الزواج بميزان العقل لا ميزان العاطفة، والابتعاد تماماً عن التهور والمطالبة بالطلاق، مهما كانت الظروف من أجل الأبناء واستقرار الأسرة، وتضيف: «إذا ما اضطرت المرأة للطلاق، فعليها أن تراعي نظرة المجتمع السلبية لها، إذا ما أقدمت على إقامة مثل تلك الحفلات التي ما أنزل الله بها من سلطان، حتى لا تتعرض للنقد اللاذع الذي ربما يؤثر في مستقبلها ونظرة الآخرين لها».

اقرأ أيضاً:  عدل الآباء يقلل شجار الأبناء