يحمل الرجل والمرأة أمانة استمرار الكيان البشري قائماً ومتطوراً ومتفاعلاً مع المحيط الكوني، وتلك الأمانة هي ميراث مستمر من آباء إلى أبناء سيصبحون آباء، وتستمر الدائرة لا تتوقف والطفل هو الركن الأساسي من تلك الأمانة التي يعول عليها لبقاء البشرية.

ولكي نستطيع بناء كيان إنساني سوي يجب أن نوفر لهم بيئة آمنة ينمو فيها الطفل في مأمن من المخاطر المادية أو النفسية. تبقى البيئتان على نفس الدرجة من الأهمية ولكن البيئة المادية الآمنة متغيرة وترتبط بقدرات المجتمع لكن تبقى النتيجة هي الأهم وهي تحقيق بيئة مادية للطفل تحميه من أي تعرض لأذي أو ضرر جسدي. أما البيئة النفسية الآمنة فهي البيئة التي تظل ذات معايير تقريباً ثابتة لا تتغير طبقاً للقدرات والمعطيات المادية للمحيط الأسري والمجتمعي بالطفل.

إن تعرض الطفل للعنف سواء داخل الأسرة أو في المدرسة يؤدي إلى التشوه النفسي ويغرس فيه الشعور بعدم الأمان يبني عليه الطفل شعوراً داخلياً لا واعياً بالخوف المتراكم يتحول إلى محرك رئيسي لسلوكياته ليصبح خاملاً يخاف أن يفكر خارج الصندوق أو يتحدث بما لا يتوافق مع رؤية الآخرين ويخاف الاندماج في المجتمع.

العنف النفسي أشد خطورة على بناء شخصية الطفل. العنف المادي هو مقدمة نصل من خلالها إلى الانهيار النفسي ولكن يأتي العنف الرمزي كواحد من أهم أشكال العنف النفسي وهو عنف قد لا ندركه بعقولنا الواعية ولا يتأثر به الطفل من خلال وعيه ولكن يأخذ تأثيره طريقاً آخر عبر اللا وعي.

كل ذلك سيقودنا، كما أشرت سابقاً، إلى تكوين طفل مرتعب وصاحب شخصية مهتزة وغير قادر عن التعبير عن ذاته، ويكبر فيصبح شاباً بنفس الخوف ويتسرب له شعور بأن الأمان هو أن تبتعد عن إغضاب الآخرين حتى لا تتعرض للعنف بأي شكل منه، الجسدي أو الرمزي، فيصبح شاباً غير قادر على التفكير الإبداعي، وغير واعٍ بطرح الأسئلة والبحث وراء الإجابات، وغاضب على المجتمع والأسرة.

لذلك قبل القوانين التي حرصت عليها دولة الإمارات، للحفاظ على الطفل من أي عنف يهدد أمنه الذاتي وبالتالي يهدد أمن الأسرة كلها، لا بد من وجود حاضنة من الوعي داخل المجتمع فمن دونها لن يكون للقوانين كامل قوتها في مقاومة العنف ضد الطفل والذي يعطل مسيرة بناء المستقبل للدولة.