«الإنسانية» لغة واحدة يتحدثها سكان الإمارات

في دولة الإمارات، تختلف الوجوه من شخص إلى آخر مع اختلاف الجنسيات والديانات واللغات وحتى اللهجات، لكن هناك لغة واحدة يتحدث بها ويتقنها الجميع وهي «الإنسانية». فمن يحظى بالعيش على أرض الإمارات سيعايش تجربة إنسانية فريدة، بين جنسيات متعددة وديانات مختلفة ولغات كثيرة، انصهرت في بوتقة واحدة لتشكل الإنسان

في دولة الإمارات، تختلف الوجوه من شخص إلى آخر مع اختلاف الجنسيات والديانات واللغات وحتى اللهجات، لكن هناك لغة واحدة يتحدث بها ويتقنها الجميع وهي «الإنسانية». فمن يحظى بالعيش على أرض الإمارات سيعايش تجربة إنسانية فريدة، بين جنسيات متعددة وديانات مختلفة ولغات كثيرة، انصهرت في بوتقة واحدة لتشكل الإنسان. «زهرة الخليج» وهي تحتفي بـ«اليوم العالمي للأخوة الإنسانية»، تلتقي صديقات من جنسيات وديانات وثقافات مختلفة، جمعتهن أرض الإمارات، فأصبحن عوناً لبعضهن البعض، يتشاركن الأفراح والأحزان في تعاضد وتلاحم ومحبة منقطعة النظير.

تقول لانا قاعاتي، مسلمة، سورية الجنسية تعمل في مجال تنمية الذات: «يوجد في دولة الإمارات ترتيب فطري مدهش للتسامح وقبول للآخر، فقد تكون إحداهن مسلمة وجارتها مسيحية أو هندوسية، لكنها أقرب لها من أختها أو صديقتها، وإذا ما أصابها مكروه، تكون الجارة هي أول من تدق بابها لتساعدها، وأنا شخصياً لي صديقة اسمها رشا وهي مسيحية، تشاركنا صيام رمضان وتحتفل معنا بأعياد المسلمين، ونتبادل معها الهدايا في أعياد الكريسماس ورأس السنة».

  • الصديقات زيبولينوفا، رشا، يونام، لانا وآلاء مجتمعين بحديقة في أبوظبي.

تدير لانا جروب «أمهات الإمارات» على منصة «فيسبوك» الذي يجمع 40 ألف سيدة من جميع إمارات الدولة من مختلف الجنسيات والديانات، تقول عن التجربة: «تحدث الكثير من الخلافات في الرأي بين السيدات وهو أمر طبيعي، لكنني أتدخل في الوقت المناسب للسيطرة على الأمور، وغالباً ما يكون الاختلاف في وجهات النظر حول موضوع ما، لكننا في النهاية يد واحدة، تهمنا راحة بعضنا البعض، ونتناقش في الكثير من القضايا والمواضيع التي تهمنا جميعاً، ونقدم النصح لبعضنا البعض ونقف بجانب بعضنا في المناسبات، ولا ننظر إلى جنسية أو لغة أو ديانة الأخرى، فنحن نتشاطر السعادة والمحبة والإخاء، ونحن صحبة لم نشعر أبداً بأي فارق بيننا يوماً، نظراً لاختلاف الجنسية أو العقيدة، وهذا يتضح في علاقاتي مع صديقاتي اللاتي نلتقي معاً كنموذج على صفحات مجلتكم».

تنوع الثقافات والعادات

بدورها، تقول المعلمة يانا زيبولينوفا، مسلمة، من سلوفاكيا، إنها تعرفت إلى صديقاتها، من خلال جروب الأمهات الخاص بمدرسة أبنائها، منذ أكثر من خمس سنوات تقريباً، وتضيف: «أكرمني الله بتلك الصحبة الجميلة، رغم أنني عندما جئت للإقامة مع زوجي وأبنائي في الإمارات لأول مرة، كنت أبحث عن صديقات من نفس جنسيتي، ظناً مني أنني لن أستطيع التفاهم مع الجنسيات الأخرى لاختلاف اللغة والعادات والتقاليد، لكن ما حدث كان العكس، وتعرفت إلى مجموعة من السيدات من جنسيات مختلفة وديانات مختلفة، ولم أشعر يوماً بينهن بالغربة، بل شعرت بأنني في بلدي وأنهن عائلتي الكبيرة».

وحول ما تعلمته من صديقاتها، تبين: «تذوقت أطباقاً شهية كثيرة من مطابخ مختلفة حول العالم من صديقاتي المقربات، ومع الوقت تعلمت منهن طريقة إعداد أنواع وأصناف مختلفة من الطعام، وبدأت في إثراء مطبخي، الأمر الذي نال استحسان زوجي وأبنائي كثيراً، فأقدم لعائلتي باستمرار أكلات مختلفة من كل بلاد العالم، وتفوقت في إعداد الكشري المصري، والبسبوسة السورية وغيرهما، وأشعر بأن أبنائي محظوظون لأنهم تعرفوا إلى ثقافات وعادات مختلفة من خلال أصدقائهم وزملائهم في دولة الإمارات، ولا أخشى عليهم إذا سافروا يوماً إلى إحدى الدول، لأنهم سيكونون حينها أكثر انفتاحاً من الأطفال الذين تربوا في بلادهم، ولم يحتكوا بثقافات أخرى ولم يكتسبوا مهارات التعامل مع الآخر».

لا عوائق

تتفق بونام شودهري، هندية، رائدة أعمال هندوسية، مع صديقتها يانا في أن الدين والمذهب والجنسية، لم تكن يوماً عائقاً أو تحدياً خلال إقامتها بالإمارات منذ سنوات، لافتة إلى أن من ساعدتها لإنشاء مشروعها الذي تديره حالياً، امرأة عربية مسلمة من دون أي مقابل، موضحة أن وجودها وسط صديقات متنوعات الجنسيات، أثرى حياتها وأكسبها الكثير من الخبرات في التعامل مع الآخر. وتضيف: «منذ قدومي إلى الإمارات لم أرسل لوالدتي يوماً لتأتي من الهند لتساعدني خلال ولادتي مثلما تفعل الأخريات، أشعر بأنني وسط أخواتي، فالكل يساعدنني ويهتممن بي». وتشير بونام بسعادة إلى أنها تشارك في الإفطار الرمضاني الذي تقيمه صديقتها لانا سنوياً على الرغم من أنها ليست مسلمة، موضحة أنها تعشق الأجواء الرمضانية واحتفالات المسلمين.

المحبة والإخاء

الدين لله والوطن والأرض للجميع، هكذا بدأت حديثها المهندسة رشا كفا، سورية الجنسية مسيحية الديانة، مؤكدة أنها محظوظة جداً لمعرفتها بصديقاتها، إذ إنها تجتمع معهن على المحبة والإخاء، قائلة: «وجدت فيهن الصديقة والأخت، أفكارنا متشابهة طموحاتنا وأحلامنا متقاربة، لاسيما أن شقيقتي راهبة، ترتدي الحجاب على رأسها وتلبس الأسود لأنه لون يدل على الوقار والحشمة، وهذا يتشابه كثيراً مع رداء المسلمات، في دلالة واضحة على أنه لا فرق في الديانات، والقيم والأخلاق، الكل يعبد الله وجميع الديانات تحث على التسامح والسلام والحفاظ على القيم والأخلاق الحميدة». وعن المواقف الإنسانية التي لامست مشاعرها، تقول رشا: «عند قدومي إلى الإمارات منذ سنوات ذهبت إلى المستشفى في حالة إغماء، وكنت حاملاً في طفلي الأول وكنت بمفردي، ولكن من قامت برعايتي وبقيت معي تدعمني وترعاني هي سيدة مسلمة من لبنان، صحيح أنها مختلفة معي في الجنسية والديانة، لكن ما جمعنا هو أننا بشر وأنها إنسانة قبل أي شيء».

تقريب الشعوب

من جهتها، ترفض ربة المنزل آلاء عفيفي، مسلمة، مصرية الجنسية، تداول عبارة مسلم ومسيحي، أو هندي وعربي عند التعريف بالأشخاص، مشيدة بالدور الكبير الذي لعبته دولة الإمارات في تقريب الشعوب على أرضها وتحت سمائها، في دلالة واضحة على أن التسامح يغلف الحياة بين الجميع، وتضيف: «صديقتي الهندية بونام ليست من جنسيتي ولا من ديانتي، وعلى الرغم من ذلك أشاركها الااحتفال بعيد الديوالي، سواء بحضور الاحتفال الذي تقيمه بمنزلها وتدعو الجميع لحضوره، أو من خلال معايدتها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أيضاً تبادلني الاحتفال خلال أعياد المسلمين وفي شهر رمضان المبارك». وتسرد آلاء قصة حدثت معها حول التسامح، قائلة: «أتذكر عندما ذهبت إلى الهند لحضور حفل زفاف صديقتي بونام وارتديت يومها الساري الهندي، وقضيت في ضيافتها أسعد أوقات حياتي، وفي أحد الأيام قامت بطهو اللحوم والدجاج لنا لتحتفي بنا، على الرغم من أن أكل اللحوم يخالف عقيدتها، ونحن بدورنا نحترم اختياراتها، ونطهو لها الطعام النباتي الذي تفضله عند حلولها ضيفة عندنا».

يوم عالمي للأخوة الإنسانية

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع يعلن يوم 4 فبراير من كل عام «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية»، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، ويحتفل المجتمع الدولي بهذا اليوم سنوياً ابتداءً من العام الجاري.