تعد تربية المراهقين في وقتنا الحاضر من أصعب الأمور التي تواجه الوالدين نتيجة للتغيرات الاجتماعية والتكنولوجية المتسارعة، وفي بعض الأحيان يكون من الصعب التحكم في سلوكياتهم وضبطها. 

توضح الأخصائية التربوية نور وليد، في حوارها مع «زهرة الخليج»، واحدة من أهم المشكلات التي توجه المراهقين، والتي تعرض عليها من قبل متابعيها عبر منصة (انستغرام)، وهي مشكلة (التأتأة) التي تصيب بعض المراهقين، خاصة عند تعاملهم مع الغرباء، أو مع أقرانهم بالمدرسة في بعض الأحيان، الأمر الذي يسبب لهم الانطواء، والانعزال عن الناس.

الأخصائية التربوية نور وليد

* ما المقصود بالتأتأة؟
- هي التلعثم في الكلام التي غالباً ما تترافق، إما مع فترة من الصمت بين كلمة وأخرى، وإما في صعوبة في لفظ الكلمات كاملة، وقد تكون هذه التأتأة مستمرّة أو مؤقتة وفقاً للموقف أو الظروف التي تحكم المراهق.

* متى تبدأ المشكلة بالظهور؟
- عند المراهقين منذ الصغر، إذ إن أغلب المشاكل النفسية لديهم تكون نتيجة ترسبات منذ الطفولة بسبب التربية الخاطئة أو أسباب نفسية أخرى.

* ما الأسباب النفسية التي تؤثر في اضطراب سلوك المراهقين؟
- اتباع أسلوب التربية الخاطئ من قبل الوالدين، مثل التخويف وأن يعيش المراهق في حالة من التوتر والقلق، أيضاً الغيرة من قدوم أخ أو أخت جديدة وعدم التعامل مع الوضع بالشكل الصحيح، فضلاً عن تغيير مربية قد تعلق بها الطفل نفسياً، وأيضاً الإلحاح من قبل الوالدين على الطفل للنطق والتحدث قبل أن تمر سنتان من ميلاده، فضلاً عن تخوف الوالدين المبالغ فيه من أن يلعب الطفل مع أقرانه، وعدم منحه الحرية الكافية لاختيار ألعابه ومقتنياته الشخصية دون تعنيف أو ترهيب، وأخيراً فإن غياب الطفل عن ممارسة الأنشطة الاجتماعية والتطوعية في سن مبكرة، قد يكون أحد الأسباب المهمة لانعزاله عن المجتمع وظهور المشكلات النفسية التي تدفعه للتأتأة في الكلام.


مشاعر مضطربة

* هل يزداد الوضع سوءاً، إذا أهملت المشكلة؟
- إذا لم يتم التعامل مع مشكلة التأتأة بطريقة صحيحة وفوراً منذ اكتشافها لدى الطفل، فمن الممكن جداً أن يتفاقم الوضع في مرحلة المراهقة، فيشعر المراهق عند الحديث أمام مجموعة من الأشخاص أو على الهاتف بمشاعر مضطربة، مثل الإثارة، الإرهاق، التوتر، الخجل، العجلة وبالتالي المزيد من الضغوط النفسية التي تؤثر في مزاجه العام وتعزله عن المجتمع.

* ما تأثير التأتأة في الحالة النفسية للمراهقين؟
- سيشعر المراهق بصعوبة في التعبير عن نفسه وبالتالي سيخشى من التحدّث إلى الآخرين، أيضاً سيشعر بعدم الثقة بالنفس، لا سيما أن الكثير من المراهقين الذين يتعرضون لمشكلة التأتاة، لديهم مشكلة في الفهم والمعرفة وصعوبة في القدرة على التخاطب.


* كيف تعرف الأم أن ابنها يعاني من التأتأة؟
- إذا لاحظت أنه يمد الكلمات أو الأصوات داخل الكلمات، أو صعوبة البدء في نطق الكلمات أو العبارات أو الجمل، أو تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، وإضافة كلمة إضافية مثل (امم) أثناء حديثه، وأيضاً الشعور بالخوف والقلق من الكلام، فضلاً عن إصدار حركات لا إرادية على الوجه، مثل حركة الرأس، رعشة الشفتين أو الفك، أو تحرك جفون العينين بشكل سريع ومضطرب.

 

إقرأ أيضاً: حمية غذائية فريدة من الشعير

 

أهمية العلاج المبكر

* ما الآثار التي تترتب على إهمال الوالدين العلاج المبكر للمشكلة؟ 
- سينتج عن ذلك مشاكل في التواصل مع الآخرين، ويواجه المراهق صعوبة في التعبير عن نفسه، وسيتجنب المواقف التي سيطلب منه أن يتخذ فيها قراراً ويتحدث عن رأيه، أيضاً سيبتعد عن المشاركات الاجتماعية، ومن الممكن أن يؤثر ذلك في حياته العلمية والعملية في المستقبل، وأيضاً فقدان الشهية والعزلة عن المجتمع، ومن أصعب الآثار التي من الممكن أن يتعرض لها، هي التنمر من الآخرين وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه نتيجة لانعدام ثقته بنفسه.

* كيف يمكن للوالدين مساعدة الطفل للتخلص من التأتأة؟
- تلعب الأسرة دوراً مهماً في مساعدة الطفل على التخلص من المشكلة، حتى قبل أن يصل إلى سن المراهقة، من خلال التعامل معه بشكل إيجابي مثل أقرانه، الذين لا يعانون من صعوبة في التحدث، وتهدئته والتحاور معه للوقوف على أسباب المشكلة التي تواجهه والتي تؤدي إلى تلعثمه في الكلام، ومن المهم جداً أن يتجنب الوالدان التوتر والعصبية والتقليل من جو المشاحنات والخلافات والشجار في المنزل، فضلاً عن ضرورة مشاركته في أنشطة اجتماعية ورياضية يرغب فيها، وإذا لم تتحسن حالة الطفل، فمن الضروري أن يلجأ الوالدان لاستشارة طبيب مختص في التخاطب لتقديم المساعدة.