تتجه أنظار الملايين في دولة الإمارات والعالم إلى "مسبار الأمل" ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الذي تفصله ساعات معدودات عن تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق في تاريخ المنطقة، وسط حالة من الترقب والانتظار لمصير هذه المهمة، التي تحمل معها آمال وطموحات شعوب أكثر من 56 دولة عربية وإسلامية في الوصول لأول مرة إلى مدار "الكوكب الأحمر".

وبات العرب على بعد يوم واحد من الوصول إلى المريخ لأول مرة في التاريخ، بعد اقتراب "مسبار الأمل" من الدخول إلى مدار الالتقاط، ضمن أول مهمة عربية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة الإمارات.

ويصل "مسبار الأمل" بعد غد الثلاثاء إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، بعدما سافر في الفضاء العميق، بمتوسط سرعة يبلغ 121 ألف كيلو متر في الساعة، طوال نحو 7 أشهر، منذ انطلاقه من قاعدة تاناغاشيما الفضائية في اليابان في العشرين من يوليو 2020، قاطعاً نحو 493 مليون كيلومتر.

أصعب التحديات

وينتظر "مسبار الأمل" عند دخوله إلى مدار الالتقاط حول المريخ، واحداً من أصعب التحديات التي مر بها منذ ولادته كفكرة، في الخلوة الوزارية لحكومة دولة الإمارات عام 2014، قبل أن تتبلور الفكرة إلى خطة استراتيجية ومشروع علمي عملاق ذي أهداف غير مسبوقة في تاريخ البشرية، تحت اسم "مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ".

ويتلخص التحدي الأصعب في أن المسبار المنطلق في الفضاء بسرعة 121 ألف كيلومتر في الساعة، عليه أن يقوم ذاتياً بإبطاء سرعته إلى 18 ألف كيلومتر فقط، وذلك في خلال 27 دقيقة تعرف باسم "الـ27 دقيقة العمياء"، وذلك باستخدام محركات الدفع العكسي الستة "دلتا في" المزود بها المسبار.

تأخر الاتصال

وخلال هذه الدقائق الحرجة، سيكون الاتصال متأخراً بمركز التحكم في المحطة الأرضية بالخوانيج في دبي، وعليه أن يقوم بهذه العملية ذاتياً، كما عليه أن يقوم وحده أيضاً بالتغلب على ما قد يواجهه من تحديات أثناء هذه الدقائق، التي ستحدد مصير 7 سنوات قضاها فريق المشروع في العمل بدأب ومثابرة في تصميم وتطوير وبناء وبرمجة المسبار، حتى يكون جاهزاً لمجابهة هذا التحدي وتخطي الدقائق العمياء، كما فعل مع ما واجهه طوال رحلته المريخية من تحديات.

اقرأ أيضاً:  «معرض 421».. الثقافة في متناول جمهور أبوظبي
 

وتزداد صعوبة هذه المرحلة في كون الاتصال سيكون متأخراً بين مركز التحكم والمسبار، ومن هنا جاءت تسمية هذه الدقائق السبع والعشرين بـ"العمياء"، حيث إن المسبار وبلا تدخل بشري سيعالج جميع تحدياته في هذه الفترة بطريقة ذاتية، وفي حال وجود أي أعطال فنية في أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسية التي يستخدمها المسبار في عملية إبطاء سرعته، سيسبب ذلك أن يتيه المسبار في الفضاء العميق أو يتحطم وفي كلتا الحالتين لا يمكن استرجاعه.

وستكون اللحظة الحاسمة، عندما يتمكن فريق المحطة الأرضية، من استلام الإشارة من المسبار فور تخطيه الدقائق "الـ27 العمياء"، إيذاناً بإعلان نجاح المهمة في هذه المرحلة.

4 في مهمة للمريخ

ويعد فبراير الجاري، شهراً مريخياً بامتياز، إذ إن هناك 3 دول، هي الولايات المتحدة الأميركية والصين بالإضافة إلى دولة الإمارات، تتسابق على الوصول إلى "الكوكب الأحمر" خلال هذا الشهر، وفي حال نجاح "مسبار الأمل" في الوصول إلى مدار الالتقاط في الموعد المحدد أو بتأخير قد يصل إلى ساعتين حسب السيناريوهات المحتملة التي حددها واستعد لها فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ستكون الإمارات في مقدمة هذا السباق، وستصبح خامس دولة في العالم تصل إلى مدار المريخ، كما ستكون ثالث دولة في العالم تصل إلى مدار "الكوكب الأحمر" من المحاولة الأولى.

إنجاز عالمي

وفي حال نجاح وصول الإمارات إلى كوكب المريخ من المحاولة الأولى، تكون الدولة حققت إنجازاً عالمياً يفوق نسبة نجاح الوصول إلى مدار "الكوكب الأحمر" والتي لا تتعدى تاريخياً 50%.

دبي تصل الأرض بالمريخ

وفور دخول "مسبار الأمل" إلى مدار الالتقاط، ونجاح فريق "مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ" في الاتصال مع المسبار عن طريق مركز التحكم الأرضي في الخوانيج، ستكون دبي نقطة اتصال بين كوكبي الأرض والمريخ على مدار سنة مريخية كاملة، تمتد إلى 687 يوماً بحسابات الأرض، ويواصل الفريق إرسال الأوامر وتلقي الإحداثيات من المسبار حتى وصوله بأمان إلى المدار العلمي ثم إلى المرحلة العلمية، وبعد التأكد من أن كل الأمور تسير وفقاً لما خطط له الفريق، سيكون التواصل مع المسبار من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، ومدة كل نافذة اتصال من 6 إلى 8 ساعات يومياً، علماً بأن التأخر في الاتصال نظراً لبعد المسافة يتراوح بين 11 و 22 دقيقة، وذلك لإرسال الأوامر إلى المسبار وأجهزته العلمية، وكذلك لاستقبال البيانات العلمية التي يجمعها المسبار طوال مهمته، وذلك بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع. وقد تم تجهيز مركز التحكم الأرضي على أعلى مستوى للقيام بهذه المهمة من خلال الكوادر الوطنية الشابة.