على مر العصور صمد الحب أمام الحروب والعواصف والجوائح، وفي أزمة كورونا أثبت الحب مرة أخرى أنه الأقدر على المقاومة، إذ وحد الوجدان العالمي وأذكي روح التفاعل بين الثقافات والجغرافيا والأديان، نصفع الجائحة بإحدى مميزات إنسانياتنا التي توثق عرى تضامننا فينهزم الوباء متراجعاً، من خلال هذا التحقيق التمسنا تجارب مجموعة من الناس كيف قاوموا الفيروس بالحب ووصلوا إلى بر الأمان.

تؤكد ابتسام بركات (كاتبة وروائية) أن الحب في أزمة كورونا كان بوصلتها اليومية والأداة الأقوى لصمودها أمام الجائحة وتقول: «أقاوم بالحب، وأقاوم بالقلم الذي يوضح لي الطريق دائماً. أنتبه إلى كل ما يوقظني لحقيقة أن الحياة هدية ثمينة في كل لحظاتها. ليست هنالك لحظة أقل أهمية من أخرى».

وتضيف: «أقاوم أيضاً بالصداقة - النباتات بالقرب من النافذة والعصافير في الحديقة وفي الأفق وأصوات السيارات من الشارع القريب أصدقائي. علينا التباعد. علينا أن نرتدي كمامة. أن نغسل أيدينا كثيراً. قررت أن التباعد الاجتماعي يحل محله التقارب الروحي والفكري. وغسل اليدين يمتد إلى غسل القلب والحياة مما كانت عليه من حزن. وأهم عناصر المقاومة عندي هو قبول الحياة كما هي والتعلم منها من غير تذمّر. الحياة هي حبنا الحقيقي وحقيقة الحب أجمعه أننا لا نعرف ما سيحدث ولكننا نواصل الحب بأمل حتى تواصل قلوبنا التنفس والرغبة في الحياة». 

  • فاطمة الورد: قاومت أزمة كورونا بحب الوطن.

 

حب الوطن

تجد فاطمة الورد (إعلامية في مركز أخبار قنوات ابوظبي) أن حب الوطن والرغبة في رد الجميل كانت من أكثر الأمور التي قاومت بها شخصياً أزمة كورونا وتقول: «حبي  لوطني ورسالتي الإعلامية  كانا يشعرانني بالقوة، كنت في الصفوف الأولى مع زملائي نظهر حبنا واستعدادنا للتضحية من أجل نشر الوعي ونشر ضوء الأمل للجميع، وجدتها فترة يثبت فيها الإنسان حبه لكل عزيز، ومقدرته على العطاء في ظل تحديات كبيرة من أجل سلامة غيره». مشيرة إلى أن «أعظم رسائل الحب على الإطلاق فقد وصلتنا من القيادة الرشيدة (لا تشلون هم)»، حيث كانت هي زادنا من الطمأنينة، والمعينة لنا كجنود للكلمة في تقديم الصورة الخيرة والمحبة في أزهي حللها». 

  • حمد المنصوري: الحب استنهض فينا عزيمة النضال ضد هذا الوباء القاتل.

 

يقول حمد المنصوري (فنان وموسيقي) إن الحب في أحد تعريفاته هو عشق الحياة لأن الحياة جميلة ورائعة وتستحق أن نحتفي بها حتى ولو كنا على حافة الموت، جائحة كورونا تنشر جواً من الكآبة والحزن لتوقعنا الفراق لكن الحب يستنهض فينا عزيمة المصارعة والمناضلة ضد هذا الوباء القاتل». ويوضح قائلاً: «ذلك لأن العواطف المشبوبة تشرع بين حنايانا أبواب الأمل وتزرع في أديم انتظار الانتصار على المرض أماني تتوق للتحقق على أجنحة المودة مرفوعة كأدعية ممهورة بختم السكينة». يعتقد المنصوري أن كل ذلك يحفز أجهزتنا المناعية التي تتحد مع أجواء المشاعر الدافئة والتي من شأنها أن تميت الفيروس الغادر».

  • خالد السناني: زيادة الحب والألفة بين أفراد العائلة إحدى أهم إيجابيات «كورونا».

 

مقاطع الغزل

يرى خالد السناني (مؤثر في السوشيال ميديا) أن الحب كان هو المنقذ في هذه الجائحة نافياً أن يكون الوجه السلبي للأزمة هو الطاغي قائلاً: «ليس كل ما أتت به جائحة كورونا يعد سلبياً فهناك أثر إيجابي يتمثل في تلك البيوت التي نطفت حوائطها بالألفة بين أفراد العائلة وقد التأم شملهم في مشهد هو ذاته إحدى مفردات لغة المشاعر التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي مؤكدة على صمودنا الإنساني الذي يمدنا بطاقات الحب الإضافية لنعيشها مع بعضنا فنخلق أجمل الذكريات التي ستلهمنا دائماً المزيد من مقاطع الغزل للحياة».

وتتفق سجا عريجة (مصورة) مع الرأي القائل إن الدفء والحب العائلي كانا أحد وأجمل مظاهر مقاومة كورونا، تبين: «اجتاح الفيروس حياتنا فجأة؛ ولكن كان هنالك أثر إيجابي في احتضان البيوت للعوائل والقلوب بالرسائل والتواصل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ولم الشمل بالحب والسعادة؛ فلم ينشغل أحد عن الآخر بعمل أو بعدم وجوده في المنزل فأصبحنا نتشارك الوقت كله؛ كانت أياماً جميلة مليئة بالحب وستبقى ذكريات لا تنسى»..

إقرأ أيضاً: «إكسبو دبي 2020».. يعزز المساواة بين الجنسين في 4 مجالات بارزة

بطل الأزمة

من وجهة نظر الدكتورة ابتسام محمد أحمد (أستاذ علم الاجتماع) أن الحب من المشاعر الإنسانية، التي لها مردود اجتماعي قوي وكبير، ويعتمد في نموه وازدهاره على التواصل والتلاقي والتفاعل، تستطرد بالقول: «لكن أزمة  كورونا مست نسيج التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وإصابته بخلل عضوي شكل صعوبة في التقارب المادي من ناحية الاجتماع واللقاء وحتى الذهاب إلى المكاتب والمدارس ودور العبادة باختصار، سبب الفيروس فوضى كبيرة: كما أنه وضع العلاقات الدائمة على المحك مع التعايش القسري والتغيير المفاجئ في التوازن، وقد أسهم ذلك في إحداث هزة كبيرة لاختبار علاقاتنا، تضيف: كنا بحاجة فقط إلى حالة الطوارئ الصحية لنشعر بقرب العائلة وحب الروتين اليومي الذي كنا نتضجر منه، اكتشف الكثير في هذه الأزمة معنى الحب الحقيقي  لكل شيء في الوجود، حياتنا، عملنا، علاقاتنا مع الآخر، ومؤسساتنا.. الحب كان هو البطل في هذه الازمة».

  • شهد العبدولي: الحب هو السلاح الأساسي والوحيد لمقاومة جميع الأمراض.

 

السلاح الوحيد

تعتبر شهد العبدولي (مدربة في التنمية الذاتية) أن الحب السلاح الأساسي والوحيد لمقاومة جميع الأمراض النفسية التي تنعكس بشكل أساسي على صحة الإنسان الجسدية وتقول: «يظهر هذا الأمر جلياً وجدياً، على ملامح الشخص وأدائه وعطائه وحتى علاقاته مع الناس وسلوكياته، لذلك ومع انتشار وباء كورونا في بدايته كان الأمر صعباً للغاية على الشخص أن يتقبله، ولكن اليوم إذا سألت الجميع سيذكرون هذه الفترة ويقولون: «إنها أفضل فترة قضيناها مع العائلة» التي تفتّت نسيجها بسبب زحمة الحياة. 

تضيف: «اختبرنا كيف استطعنا من خلال الحب في زمن الكورونا أن تقوى الأواصر الأسرية وكيف اقترب أعضاء العائلة الواحدة من بعضهم البعض في جوٍ من الألفة التي تشيع الطمأنينة في النفوس شاحنة القلوب بطاقة إيجابية كانت خيراً وعوناً لنا في التصدي لسلبيات العزل وسنرى بعد الجائحة وحينما ترجع الحياة لسيرتها الأولى كيف توطدت وشائج قراباتنا بالمحبة الصادقة». تختتم  العبدولي: «نعم بالحب نستطيع أن نواجه ونحارب ونناضل ونستمر، الحب الصحيح دائماً يكون مصدر قوة عندما يكون في مكانه الصحيح».