قيل قديماً إن الحب يصنع المعجزات، لكن هذا القول لم يفسر شكل هذه المعجزات أو كيفية حدوثها، فكثيرة هي القصص التي تروي حكايات أبطالها مشاهير، عاشوا لحظات صعبة بسبب المرض أو الفقد أو الخسارة، وكان بإمكان شركائهم أن يتخلوا عنهم، ويتفرغوا لحيواتهم من دون أي مسؤولية، لكنه الحب الذي من أجله ضحوا بكل شيء من أجل شريك العمر.. «زهرة الخليج» تلقي الضوء على بعض هذه الحكايات لمشاهير جمع بينهم رباط الحب القوي الذي كان متيناً بما يكفي للإنتصار على ظروف الحياة القاسية.

 

عزت وفاطيما

حتى وفاته، ظل الفنان عزت أبو عوف حزيناً ومتأثراً لرحيل زوجته فاطيما، وعلى الرغم من زواجه لاحقاً، إلا أن الفنان المصري لم يخفِ حزنه وتأثره الدائم من رحيل زوجته الأولى إعلامياً، وهو الأمر الذي تفهمته زوجته الثانية التي في الأصل هي مديرة أعماله. وكانت قصة الحب بين عزت وفاطيما بدأت منذ مرحلة الشباب، إذ تزوجا وهو في سن التاسعة عشرة وهي في سن الخامسة عشرة، وكان عزت قد صرح مراراً وتكراراً بأن سبب حبه الكبير لزوجته، هو تضحيتها بطموحاتها وأحلامها وحياتها ومستقبلها لكي تتفرغ لإسعاده ومساندته كفنان، فضلاً عن تصريحه الشهير: «سبب حبي الكبير لها، لأنها على مدار 37 عاماً لم تشتكِ مني ولا مرة واحدة، رغم أني شخصية متقلبة المزاج وعصبي جداً وأفتعل مشكلة من أقل شيء». ودخل عزت أبو عوف بعد رحيلها في موجة اكتئاب، ليتعالج في أكثر من مصحة نفسية لعلاجه من صدمة الوفاة، واكتشف بعد وفاتها بثلاث سنوات أنه يحتاج لجراحة قلب مفتوح وذلك لانسداد أحد الشرايين رغم كونه رياضياً ويهتم بالجري ولعب كرة التنس. وبرر عزت زواجه لاحقاً بظروف مرضه، وإنه اختار مديرة أعماله أميرة، لأنها تعمل معه لأكثر من عشرين عاماً وكل أعماله بيديها، كما أنها أنقذته من مصائب كثيرة كاد يقع فيها، وبدورها تقبلت أميرة فكرة الزواج، ورضيت بأن تكون الزوجة الثانية التي تعيش من أجل زوج متأثر برحيل زوجته الأولى، لرغبتها في إسعاده.

مايكل وكاثرين

لم يقف فارق العمر بدايةً ولا المرض تالياً عقبة، أمام الحب الجارف الذي يجمع النجمة الشهيرة كاثرين زيتا جونز (51 عاماً) وزوجها النجم مايكل دوجلاس (76 عاماً)، والذي أثمر حتى اليوم عن ربع قرن زواج، فالزوجان اللذان يعيشان أقوى قصة حب توجها الزواج منذ 21 عاماً، لم يطفئ قرار الانفصال الذي اتخذاه عام 2013 واستمر لأربع سنوات، قبل أن يعودا مجدداً حتى الآن يظهران معاً في كل المناسبات وسط انسجام تام.

لكن اللافت في علاقتهما هو مساندة كل منهما الآخر في العديد من المواقف، إلى حد التضحية براحتهما وبقائهما معاً يواجهان المشاكل بصبر وروية، وكان أبرزها إصابة مايكل بسرطان الحنجرة عام 2011، فكانت كاثرين هي المشرفة المباشرة على علاجه من الألف إلى الياء حتى شفي من المرض بعد أربع سنوات، وبدوره كان مايكل من وقف بجانب زوجته كاثرين بعد إصابتها بمرض نفسي قبل عدة سنوات، حتى تجاوزت الأمر. 

باكاناي وعبد السلاموف

بعد مسيرة احترافية للملاكم الداغستاني محمد عبد السلاموف، التي توّجها بانتصاره بثمانية عشر نزالاً متتالياً حققها بالضربة القاضية، خسر عبد السلاموف نزاله الأخير في نوفمبر 2013، أمام متحديه الكوبي «مايك بيريز» في مدينة نيويورك. وجراء النزال أصيب بطل العالم السابق للوزن الثقيل بجلطة دماغية نقل إثرها إلى المستشفى، ووضع تحت جهاز التنفس الاصطناعي للحفاظ على حياته. وبقي في غيبوبة لفترة طويلة قبل أن يستفيق، ويصبح مصاباً بالشلل في نصفه الأيمن. لكن القدر تدخل في حياة عبد السلاموف، عندما أرسل له زوجة وفية هي بطلة قصته، فـ«باكاناي» كانت طوال الوقت ترعى بتفانٍ زوجها الذي فقد قدرته على التحرك بشكل مستقل، وكان يبذل جهوداً جبارة لإعادة تأهيله بنجاح. ومع ذلك، كان تلف الدماغ شديداً لدرجة أن عملية تعافي الملاكم يمكن أن تستغرق سنوات عديدة.  وبعد 6 سنوات كاملة من الحادث، وتحديداً في صيف 2019، بدأ الملاكم يتحدث بهدوء مع عائلته. وعلى الرغم من أن الأطباء يقولون إن الجانب الأيمن من جسده سيبقى مشلولاً إلى الأبد، لا زالت باكاناي تؤمن بأن زوجها سيقف ذات يوم على قدميه، ويمشي بشكل مستقل.

الزوجان ريف

لا يمكن لعشاق سلسلة البطل الخارق (سوبر مان)، أن ينسوا الممثل الأميركي كريستوفر دولييه ريف (1952 - 2004)، والذي حقق النجومية بعدد من الأدوار الشهيرة، وأهمها شخصية «دي سي كوميكس» الكلاسيكية سوبرمان، بداية من فيلم سوبرمان (1978) الذي فاز بجائزة بافتا. وظهر ريف في أفلام أخرى لقيت استحسان النقاد، مثل البوسطنيون (1984)، ستريت سمارت (1987) بقايا اليوم (1993). وحصل على جائزة نقابة ممثلي الشاشة وجائزة غولدن غلوب عن أدائه في الفيلم التلفزيوني النافذة الخلفية (1998). أما التحول الحقيقي في حياة كريستوفر فكان يوم إصابته بشلل رباعي في 27 مايو 1995، بعد أن سقط من ظهر حصان خلال مسابقة الفروسية في فرجينيا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث ظل بقية حياته مقعداً على كرسي متحرك وبحاجة إلى جهاز تهوية محمول. وعمل نيابة عن الأشخاص الذين يعانون إصابات في النخاع الشوكي للدفع بأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية البشرية إلى الأمام، وأسس مؤسسة كريستوفر ريف وشارك في تأسيس مركز أبحاث ريف-إيرفاين. والمثير في حكايته، أن زوجته «دانا ريف» المغنية والموسيقية والممثلة الأميركية، (1961 -2006)، خلعت رداء الشهرة والأضواء والنجومية، وظلت بجوار زوجها لتسهر على راحته حتى وفاته، بعد أن وازنت بين مسؤولياتها كفنانة وبين صحة زوجها، قبل أن تلحقه بسنتين بسبب سرطان الرئة.

إقرأ أيضاً: ألقاب مشاهير العالم التي لا يعرفها الكثيرون

شوماخر وكورينا

ينظر لسائق سباقات (الفورمولا 1) الألماني «مايكل شوماخر» باعتباره الأعظم على الإطلاق في هذا النوع من الرياضة، لكن السائق الوحيد في التاريخ الذي يفوز بسبع بطولات في العالم للفورمولا، خمس منها على التوالي، والذي يحمل الأرقام القياسية لأبرز ألقاب البطولة العالمية، كانت ساحات التزلج في جبال الألب شاهدة على حدث مأساوي ينتظره، إذ بينما كان يستمتع بممارسة التزلج، سقط واصطدمت رأسه بالصخور ليتعرض لإصابات خطيرة أدخلته في غيبوبة. واللافت في أمر مايكل، الذي بقي في المستشفى ستة أشهر، إصرار زوجته «كورينا» التي ارتبط بها في عام 1995، وكانت بمثابة الوقود الذي يشعل حماسه لمواصلة تألقه الرياضي، على إقامة مركز علاجي طبي متكامل بداخل قصرهما كلفته أكثر من 10 ملايين دولار. وفور الانتهاء من تجهيزاته، نقلت كورينا زوجها إليه، وعينت نحو 15 طبيباً وممرضاً ليتابعوا حالته على مدار الساعة، الأمر الذي كلفها مبالغ طائلة تصل إلى أكثر من نصف مليون دولار شهرياً.

وعلى الرغم من عدم إفاقة مايكل من غيبوبته منذ سنوات طويلة، لم تفقد كورينا الأمل أو تتخلَّ عنه، وظلت تبيع في المزادات ممتلكاتهما لتنفق على علاجه بكل حب وإخلاص. والمثير في القصة، أن مايكل استعاد وعيه نهاية العام الماضي، بعد أن أجرى عملية زرع خلايا جذعيه، منهياً غيبوبة استمرت ست سنوات، لكن زوجته لم تنهِ مهمتها في علاجه بعد.

أوليفيا ومات

أوليفيا نيوتن جون واحدة من النجمات العالميات الشهيرات، فهي مغنية وممثلة ومصممة أزياء، لكن مشوارها الناجح في عالم الأضواء والذي ارتبطت فيه بزوجها «مات لاتانزي» عام 1984، خضته أخبار إصابتها بمرض السرطان لثلاث مرات، ففي يوليو 1992 أصيبت بسرطان الثدي للمرة الأولى، ونُقلت إلى المستشفى وخضعت لعملية جراحية، ثم خضعت لفترة من العلاج الكيميائي. وفي عام 2013، رصد ورم سرطاني للمرة الثانية، لكن هذه المرة في كتفها.

وأوليفيا التي تدعم جمعيات كثيرة تعنى بمكافحة مرض السرطان، منذ تشخيص إصابتها الأولى، كانت قد اختارت أن تتحدث عن تجربتها مع سرطان الثدي حتى ترى نساء أخريات في وضع مماثل أن البقاء على قيد الحياة أمر ممكن، وأن الاكتشاف المبكر له مهم. وفي عام 2018 كشفت أوليفيا عن تشخيص إصابتها بالسرطان للمرّة الثالثة، وصرّحت للقناة الأسترالية السابعة بأن الأطباء رصدوا ورماً في أسفل العمود الفقري، في خضم توجهها لجمع الأموال لمركز دعم السرطان في ملبورن بأستراليا، الذي سُمي على اسمها. ووسط كل ذلك، بقي زوجها «مات» والذي يصغرها بعدة أعوام، مسانداً لرفيقة دربه، شاداً من أزرها.

محمود وشهيرة

تعد ثنائية الفنان الراحل محمود ياسين وزوجته الفنانة شهيرة، من أبرز ثنائيات الفنانين التي صمدت لأكثر من خمسين عاماً، أمام العواصف التي تصيب زيجات الوسط الفني. في كواليس تصوير فيلم «صور ممنوعة» عام 1969، تعرف محمود ياسين إلى وجه شاب وصاعد هي (عائشة حمدي) شهيرة لاحقاً، والتي كانت حينها طالبة في السنة الأولى بمعهد السينما، وتم زواجهما أثناء تصوير فيلم «الخيط الرفيع» الذي جمع محمود ياسين بفاتن حمامة، وأقيم حفل الزفاف خلال شهر أكتوبر عام 1970. وتعد زيجة محمود ياسين وشهيرة من أشهر وأطول الزيجات في الوسط الفني المصري، وما لا يعرفه الكثيرون أن الانفصال وقع بينهما مرة واحدة لفترة قصيرة بسبب الغيرة، وأنجبا المؤلف عمرو محمود ياسين والممثلة رانيا محمود ياسين والتي تزوجت الممثل المصري محمد رياض. وكانت شهيرة قد ضحت في حياتها مرتين، لإسعاد زوجها، الأولى عندما قررت الابتعاد عن الأضواء للتفرغ له ولابنيهما، والثانية عندما أصيب في آخر سنوات حياته بمرض الزهايمر، وظلت بجانبه لعدة سنوات حتى وفاته.