في ظل ارتفاع متطلبات الحياة، تلجأ المرأة للخروج للعمل للمشاركة في تكاليف الحياة الصعبة، ومساندة زوجها، وسعيها وراء تحقيق الأحلام والطموح والشعور بالاستقلالية، وتمكين نفسها في المجتمع.

وفي ظل هذه الظروف، تتساءل بعض السيدات: هل يحق للزوج أن يأخذ راتب زوجته رغماً عنها؟ تجيب كاميليا كامل، مدربة تطوير الذات وأخصائية التنمية البشرية، قائلة: «كفل الشرع للمرأة حرية التصرف في مالها الخاص، سواء حصلت عليه من عملها أو ميراثها بالطريقة التي تناسبها هي، ودون الرجوع للزوج، كما أوجب على الزوج الإنفاق عليها وتوفير كافة متطلباتها من مأكل وملبس ومشرب وغيرها من مستلزمات الحياة، حتى وإن كانت تعمل ولديها مال خاص بها، كما في قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، ولكن هذا الحق الذي كفله الله للمرأة، تغافل عنه الكثير من الأزواج واعتبروا أن من حقهم، أخذ راتبها سواء برضا منها أو على الرغم عنها، وقد يصل الأمر إلى الانفصال إذا رفضت الزوجة».

اتقاء المشاكل

لماذا تضطر بعض الزوجات إلى الخضوع للزوج وإعطائه راتبها؟ توضح مستشارة التنمية البشرية أن بعض الزوجات يوافقن على إعطاء الزوج راتبهن، لتجاوز المشكلات الزوجية المستمرة التي سوف تترتب على عدم أخذ الزوج الراتب، وقد تفعل ذلك لتتقي شر الزوج وتحمي نفسها من التعرض للضرب والسب والإهانة، وأيضاً قد توافق على ذلك بسبب تهديد الزوج لها بمنعها من العمل إذا لم تعطه راتبها، فضلاً عن التهديد بالانفصال في بعض الأحيان. وتضيف: «أخذ الزوج راتب زوجته رغماً عنها، قد يؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية، والتي تعد المشاكل الأسرية المستمرة أبرزها، مما يضفي على المنزل، جواً من الحزن والهم وشعور الزوجة بالإحباط الشديد الذي يؤثر في إنتاجيتها وواجباتها اليومية كزوجة وأم، مما سيترتب على ذلك من مشاعر سلبية تجاه الزوج، كالبغض والكره، فضلاً عن شعور الزوجة بعدم الاستقلالية، مما سيؤثر في شخصيتها سلباً بشكل عام، كما أن صورة الزوج سوف تهتز في عيني زوجته، وتتولد لديها رغبة ملحة في عدم مواصلة العمل والتفكير الدائم بترك مجال عملها وتوقف إنتاجيتها التي سوف تؤثر أيضاً بالسلب في المجتمع».

حرية التصرف

تشير مستشارة التنمية البشرية إلى أن الزوجة عندما تشعر بحرية التصرف في مالها كيفما تشاء، سيجعلها ذلك أكثر استقراراً نفسياً، وستتفانى في العطاء وتزداد إنتاجيتها، فالمرأة مخلوق معطاء بفطرتها، لا سيما أن المرأة والرجل شريكان في الحياة، فلا ضرر من أن تساعد الزوجة زوجها، حتى تشيع المحبة والسكينة والهدوء في الأسرة، حتى يتجلى المفهوم الحقيقي للشراكة الزوجية التي تذوب فيها حدود الملكية والأنانية، وتغليب استقرار الأسرة في كل الأمور، لكن مستشارة التنمية البشرية تشدد قائلة: «المهم ألا يجور الزوج على حقوق زوجته، فهنا يجب أن تكون الزوجة على وعي كامل بحقوها وكيفية الحفاظ عليها».

اقرأ أيضاً:  هل تعبت من البحث عن صديقات؟ إليك الحل
 

الاتفاق المسبق

توضح مستشارة التنمية البشرية، أن الاتفاق الواضح مسبقاً وقبل الزواج على كيفية التعامل مع راتب الزوجة، إذا كانت الزوجة تعمل أو قبل البدء في العمل بعد الزواج، من الأمور المهمة جداً، وتضيف: «يجب نشر الوعي المجتمعي من قبل المؤسسات والجهات المختصة بأمور الأسرة وتنمية المجتمع، للمقبلين على الزواج بما كفله الشرع، من ناحية الذمة المالية للزوجة، وتوعيتها لعدم الرضوخ لأي ابتزاز من قبل الزوج خوفاً من الطلاق أو المشكلات، لأن المشاكل ستأتي حتماً عندما يفيض بها الكيل».