الحديث مع نجمة مثقفة وواعية له مذاق خاص، وهذا هو حال النجمة اللبنانية كارول سماحة التي لا توارب في آرائها الفنية ولا تجامل في القضايا الاجتماعية والإنسانية، فهي تضع يدها على الجرح، وتكشف عن مخاوفها من دون مجاملة أحد. وهكذا كان حالها في حوارها مع «زهرة الخليج»، إذ تحدثت بلسان الفنانة النجمة مرة، وبلسان المرأة والأم مرة أخرى، حيث تعلن بصراحة خوفها على مستقبل الموسيقى العربية، ودعت زملاءها وزميلاتها للتحلي بالشجاعة، وتقديم تجارب فنية خارج منطقة الأمان الخاصة بكل واحد منهم، حتى وإن فشلوا مرة فالنجاح سيكون حليفهم في المرات التالية.

 

 

 

• أحدثت مفاجأة فنية غير متوقعة مع المطرب المصري هاني شاكر، كيف جاءت الفكرة ومن شجعك على تنفيذها؟

- الفضل في الموضوع للمخرجة المبدعة بتول عرفة، فهي قدمت لنا فكرة خارج الصندوق كما يقال، ولم يسبقنا إليها أحد، فهي تجربة فريدة من نوعها ستذكر الجمهور بنمط أفلام عبد الحليم حافظ وشادية، فكان الجزء الأول من الفكرة لأغنيتي (شكراً) التي ظهر فيها الفنان هاني شاكر ممثلاً فقط، وتذيلت الفيديو كليب عبارة: (شاهدوا تكملة الحكاية في كليب أغنية بقالي كتير.. هاني شاكر)، وهي الأغنية التي أظهر فيها ممثلة فقط.

• وماذا عن كواليس تحضير العملين وموقف الفنان هاني شاكر؟

- بتول عرفة صديقتي منذ عام 2007، وعندما أرسلت لها أغنيتي (شكراً)، كانت تحضر سيناريو لتصوير كليب (بقالي كتير) لهاني شاكر، وأتت الفكرة من تشابه موضوعي الأغنيتين وانسجامهما، والذي أسهم في تسريع العمل على الفكرة أن الأغنيتين من إنتاج جهة واحدة هي (لايف ستايلز)، فأخبرتني بتول أنها لا ترغب في تكرار الأفكار في التصوير، خاصة أن كل واحد منا سيظهر في أغنيته حزيناً ومتأثراً، فكانت الفكرة أن نظهر معاً في الأغنيتين، وكل واحد منا يغني في أغنيته ويظهر ممثلاً في أغنية الآخر، وما قدمناه للجمهور، أعتقد أنه سابقة فنية لم تحدث في العالم.

صدمة محببة

• كيف تنظرين لردود الفعل على الأغنيتين من قبل النقاد والفنانين والجمهور؟

- كانت هناك صدمة في المحيط، والناس بعدهم لم تستوعبوا الفكرة، كانوا يشاهدون الفيديو كليب، وهاني شاكر لا يغني ويستغربون، وعندما يرونني معه أيضاً يعتقدون أنني موديل فقط، ويفاجؤون بأن كلينا يغني في أغنيته، وما حدث (خضة لهم)، وهنا الذكاء، حيث ربطت بتول مشاهد أغنيتي حتى النهاية لينتظر الجمهور أن يبدأ هاني الغناء ليكتشفوا أن عليهم مشاهدة أغنيته لاستكمال الحكاية. وأعتقد أن الناس أصيبوا بصدمة محببة على «السوشيال ميديا»، وأنا سعيدة جداً بنجاح الفكرة ووصولها للناس.

• ماذا يعني لك ظهورك في عمل مشترك مع قيمة فنية مثل هاني شاكر؟

- لا أخفي أنني لست ممن يبحثون عن تقديم أعمال مشتركة، لكن عندما يكون أمامك شخص يمثل الجيل القديم الثقيل يعطيك القوة بعمله بقيمة وقدر هاني شاكر، فضلاً عن أننا قدمنا شيئاً غير متوقع، وأيضاً ليس سهلاً أن تأتي بفنان ليكون ممثلاً معك. هاني شاكر صاحب ثقل فني وتاريخ كبير وشرف لي التعاون معه، وأرى أن ما قدمناه سيكون علامة فنية بارزة.

• هل يحمسك نجاح التعاون مع هاني شاكر على تكوين ثنائية فنية قد تمتد سينمائياً على غرار ثنائية عبد الحليم حافظ وشادية؟

- عندما قدمنا هذا العمل لم نخطط لأبعد من ذلك، ولكن عندما ترى النتائج وترى العمل وببداية مشهد التمثيل فعلاً، ينقلك ما تشاهده لأجواء السينما المصرية العربية القديمة، ولكن للأسف السينما الغنائية انقرضت وهو أمر مؤسف، مع علمي الأكيد أنها مكلفة والظروف الاقتصادية لا تسمح بتقديم فيلم غنائي، لكنني أتمنى أن يتطور التعاون بيننا إلى فيلم، فلمَ لا؟

• في أغنية (شكراً) لماذا أعدت تقديم لحن تركي لأغنية مشهورة، ولم تقدمي موسيقى جديدة؟

- يليق بصوتي هذا النمط الموسيقي، لأن صوتي قادر على تقديم الطبقات من القرار إلى الجواب، وأنا لا أوفق دائماً في العالم العربي بلحن بهذا المستوى، لأن كل صوت له لحن وشكل معين، في بعض الأوقات يحالفني الحظ والتوفيق في إيجاد ما يليق بصوتي وأحياناً لا، وعندما أشعر بأنه مضى وقت طويل دون أن أجد ما يليق بصوتي من ألحان، ألجأ لهذا النوع بصراحة، وأنا أعشق الموسيقيين الأتراك ولدي ضعف نحو الموسيقى التركية، وأتابعهم جميعاً وأستمع لكل موسيقي الجاز وغيرها. وهذا اللحن أحببته منذ سنتين، وعندما قررت أن أعيد تقديمه حصلت على حقوقه، ولا أجد ما يمنع أن نأخذ منهم ألحاناً، وهم كذلك يأخذون منا، لأننا في النهاية ننتمي لنفس المنطقة موسيقياً.

• شاركت مؤخراً في ندوة بعنوان (الأغنية العربية إلى أين؟)، وكان معك صناع أغانٍ ونقاد وإعلاميون، وتطرق الحديث إلى خوف الفنانين من تطوير أنفسهم، فهل تؤيدين هذا الرأي؟

- بإمكانك أن تسأل جميع الموسيقيين الذين أتعامل معهم، سيخبرونك بأنني أكثر فنانة تحب أن تغامر وأكثر من تبحث عن التجديد. لا أنكر أنه في بعض الأوقات نتيجة المغامرة والتجديد لا تعجب أحداً، وهنا المشكلة فبعض التغيير لا يفضله الجميع. شخصياً أنا أغامر دائماً، وأبحث عن موزعين جدد ولا أجد مشكلة في العمل مع ملحن اسمه غير معروف، ولا يهمني أن أبحث عن أقوى موزع ولا أهتم بالأسماء، فهناك ناس لديهم مواهب كثيرة ولا ينتبه لهم أحد، فأحب التعامل معهم لضخ دماء جديدة بالأعمال التي أقدمها. لكن بصراحة ما يحزنني تفكير بعض الموسيقيين أصدقائي الذين يعيشون عقدة الموسيقى الشرقية، فأنا أدرب ابنتي (5 سنوات) على الموسيقى، وأسمعها العود والقانون وأغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وكل جيل العمالقة، لأن الطفل بعد سن السابعة من الصعب أن يلتقط اللحن الشرقي، في الوقت الذي أحزن فيه على بعض زملائي الموسيقيين، الذين يفخرون بأبنائهم لأنهم يغنون باللغات الأجنبية وأنهم إذا غنوا باللغة الإنجليزية سيكونون أفضل وأكثر معاصرة.

• إذا أحببت لابنتك أن تستمع للجيل الجديد من سيكون؟

- فيروز وإن كانت من جيل العمالقة. وبشكل عام لا أنتقي مطرباً معيناً، أرفع الصوت لأي أغنية جميلة وأسمعها إياها.

امرأة وأم

• ماذا يعني لك يوم المرأة العالمي كامرأة؟

- أشعر بأن الزمن كله يتغير والمرأة بدأت تأخذ دورها الحقيقي برغم التفاوت بين البلدان، ولكن المرأة العربية بدأت تصدح بصوتها وتنتفض وتواجه وتسافر وتنادي بالحرية، كما بدأت المرأة بالتحلي بالجرأة وهو ما أحبه، وأنا لا أقلل من قيمة أحد ولكن حقوقها الإنسانية يجب أن تتساوى بالرجل. لا أحب أن تتنازل المرأة عن دورها العائلي، لأنه بيولوجياً هناك أمور ستحتاج لها المرأة أكثر في بناء العائلة، ويجب ألا تتساوى بالرجل بكل شيء وهو ما يدفع بعض النساء، إلى خلق حالة من التناقض ببحثهن عن من ينفق عليهن مثلاً، ولكن لها أن تختار أن تكون متساوية معه أو لا، من خلال إما مشاركته المسؤولية المالية أو جعله هو يقوم بهذه المهمة دون المطالبة بالمساواة، هذه الأمور تزعجني فيجب ألا يكون هناك انتقائيات بالحرية.

إقرأ أيضاً: جمال سليمان يفرد جناحي «الطاووس»

دون مقابل

• ماذا تعني لك الأمومة كابنة وأم؟

- الأمومة هي حلم وهدف بجانب الفن، من سن السابعة عشرة، وأنا أحلم بالأمومة ومعظم النساء كذلك، ولكن هناك من يكنّ شغوفات أكثر من غيرهن في هذا الأمر، الأمومة منحتني طمأنينة وأماناً والعطاء الخاص بي مختلف، لم أعد أهتم بأي شيء دون ابنتي وهو شعور غامر، العطاء دون مقابل أمر عظيم أما العطاء في انتظار نتيجة فلا يمت للشعور الصادق بصلة، وهذا أجمل شعور يمكن أن نصل به.

• لمن تقولي شكراً؟

-  للكثير من الناس، شكراً لمن أوجعني في حياتي وجعلني أقوى، وشكراً للمواقف الصعبة التي مررت بها في وقت معين، ثم عدت ووقفت على قدميّ من جديد، شكراً لكل من قال لي لا، وتحديت وعملت الذي أريده ونجحت، شكراً لكل ظرف مررت به، وقبل كل هذا أشكر ربي على كل شيء في كل الأحوال على نعمة الصحة ونعمه التي أنا فيها، ويجب ألا نفكر فيما ينقصنا وما يملكه غيرنا، فإذا كان لدينا كل شيء يجب أن نكون قنوعين.

• هل أنت ممن ينتظرن كلمة شكراً؟

- ليس من أحد ولا حتى من ابنتي ولا أنتظرها أبداً، يقول سقراط: (أقوى شخص من لا ينتظر شيئاً)، وأنا بكل عمري أؤمن بهذه الحكمة ولا أنتظر الشكر من أحد.

• أخيراً، هل من جديد فني قيد التحضير؟

- أعمل على أغنية جديدة يمكن أن تصدر خلال الشهر الجاري، أيضاً أواصل تحضير أغنيات ألبومي الجديد وبه أغانٍ منوعة جداً أعمل عليها منذ عامين بالسر، حيث نفذت معظم الأغنيات على طريقة الأوركسترا، وسأضع صوتي على الأغنيات بمجرد زوال حواجز فيروس كورونا التي تمنعنا من السفر والعيش بسلام.