العيوب، ومن منا لا يمتلك بعضاً منها؟! كاذب من يرى نفسه إنساناً كاملاً ومثالياً من دون عيب واحد!

فالنفس البشرية خُلقت والعيوب جزء من تركيبتها التي لا تكتمل إلا بوجودها، وهذا أمر طبيعي، وقلة هم من يستطيعون وضع أصابعهم بشجاعة والإشارة إلى عيوبهم، ومن ثم يحاولون السيطرة عليها أو تصحيحها.

أما الأغلبية من البشر فإنهم إما أن يعتبروا أنفسهم منزهين عن العيوب، أو أنهم يتجاهلونها ويغضون الطرف عنها، أو أنهم لا يعتبرونها عيوباً من الأساس! ولعل أسوأ الناس هم أولئك الذين ينكرون عيوبهم فيما ينصّبون أنفسهم مراقبين، يمارسون التنقيب في عيوب الآخرين وفضحها لمن خفيت عنهم.

في معظم الأحيان نحن نتغافل متعمدين عن عيوب الآخر، خاصةً ممن تربطنا به علاقة حميمة. فحين تكون كفة الاحتفاظ بشخص ما هي الراجحة على كفة خسرانة، فإننا نبدأ في غض النظر عن عيوبه، وقد نتجاوز ذلك معتبرين العيوب مجرد هفوات يمكن التغاضي عنها، من دون أن تؤثر في كم العاطفة التي نشعر بها تجاهه.

ولكن ما يحدث أنه في أحيان كثيرة وبعد أن تهدأ فورة الحب الجارف تجاه ذلك الشخص، تطفو عيوبه على السطح وحينها نكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن نتجاوز ذلك العيب ونسلم بأنه ما من أحدٍ خالٍ من العيوب، أو نبدأ في تصيد المواقف، واستثمارها لصالحنا خاصةً عند ثورات الغضب، وحينها ودون تخطيط نجد أن هذه العيوب قد تضخمت وباتت تؤثر في مشاعرنا وطريقة تعاملنا مع ذلك الشخص . 

اقرأ أيضاً:  لولوة المنصوري تكتب: في البدء.. كان الكلام موسيقى
 

قد يلجأ الشخص المحب فينا إلى محاولات حثيثة لإحداث التغيير وغالباً ما تفشل، أو أن علاقتنا بذلك الشخص تصاب بالفتور والجفاء وقد يؤدي ذلك إلى الصراع والهجران. ولعل الحل الأمثل بعد كل ذلك  أن نترك الصراع جانباً وأن نبعد عن تفكيرنا كل ما هو سلبي وأن نتذكر الأمور الإيجابية التي قربتنا من ذلك الإنسان يوماً حتى تمضي الحياة بهدوء؛ متمثلين ببيت بشار بن برد:

إذا كنت في كل الأمور معاتباً

صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه!