تصف الدكتورة ياسمين المهيري مدربة التنمية البشرية وتطوير الذات، السعادة بأنها مجموعة من الصفات المرغوبة التي يجب أن توجد في الشخص كي تجعله سعيداً متفائلاً، ومنها: العطاء، التعاطف مع الآخرين، ونبذ المشاعر السلبية والتفاؤل بغد أفضل. وأكدت في حوارها مع «زهرة الخليج» أن السعادة طريق يقرر الشخص ذاته السير فيه. كما تحدثت عن ديمومة السعادة وأساليبها وطرق المحافظة عليها.

• ما مفهوم السعادة وما السبل إلى تحقيقها؟

- السعادة شعور نسبي من شخص لآخر، ولا يوجد لها مفهوم أو تعريف محدد، وتنقسم السعادة إلى نوعين، سعادة قصيرة المدى، وهي سعادة مؤقتة، يشعر بها الانسان إذا نجح في الوصول إلى هدف كان يسعى لتحقيقه، وسعادة طويلة المدى، وهي ما نسعى لها جميعاً وهذا النوع من السعادة يستمر لفترات طويلة، من خلال وجود العديد من المحفزات المتعلقة بالسعادة القصيرة، والتي تتجدد بطريقة مستمرة، لتمنح الإنسان الشعور بالسعادة الأبدية، ويتحقق هذا النوع من السعادة، من خلال التفاعل مع المحيطين والذكريات الجميلة معهم، وهي التي تجعلنا دائماً في حالة من البهجة كلما تذكرناها.

• هل يمكن أن نكون سعداء من خلال تفاعلنا مع المحيطين؟

- تتمثل السعادة الحقيقية للإنسان في كيفية تحويل المشاعر السلبية من كره وحقد وغضب إلى مشاعر إيجابية مفيدة، أو مشاعر محايدة على الأقل، وعلينا ألا نحكم على الآخر بأنه شخص سلبي ونتخذ القرار بالابتعاد عنه ونبذه، لا سيما أن كل إنسان به صفات قد يراها البعض سلبية، لكنه أيضاً لديه الكثير من الصفات الإيجابية، فلماذا لا نتشارك الصفات الإيجابية ونتطلع إليها في الآخرين؟ ونتغاضى عن السلبيات كي نحافظ على صحتنا النفسية والعضوية أيضاً، خاصة أن السعادة تعمل على تقوية جهاز المناعة وتعزز صحة الإنسان عموماً.

 

تفريغ المشاعر السلبية

• كيف يعمل الشعور بالسعادة على تعزيز وتقوية جهاز المناعة؟

- في الآونة الأخيرة، عندما اجتاح فيروس كورونا أنحاء العالم، ازدادت نسبة الاكتئاب تباعاً بسبب انتشار مشاعر الخوف والقلق والتوتر، وأيضاً بسبب الحجر المنزلي الذي أدى إلى العزلة المجتمعية، لذلك النصيحة الأهم  لرفع جهاز المناعة، هي التخفيف من مشاعر التوتر والقلق والتمسك بالإيجابية والتفاؤل، كي تستطيع أجسادنا مقاومة الأمراض والفيروسات، خاصة أن الجسم يفرز هرمونات تضعف الجهاز المناعي في حالة التوتر والخوف والقلق، والنصيحة لمواجهة هذه الأزمة هي العمل على تفريغ المشاعر السلبية بالتواصل المستمر مع الأقارب والأصدقاء حتى لو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فالأشخاص الذين يشعرون بأنهم أكثر قرباً وتواصلاً مع أصدقائهم، أقل عرضة للأمراض، وعلينا أن نتمسك بأشخاص سعداء في حياتهم، فالسعادة عدوى صحية.

• وكيف يمكننا الحصول على أشخاص سعداء؟

- الشخص ذو الطاقة الإيجابية مقبول ومستقر عاطفياً، كما أنه شخص منفتح ومحب للتجارب الجديدة ومقبل على الحياة، لذا علينا أن نبحث فيمن حولنا على من يوفرون لنا مصادر الدعم المختلفة، وأيضاً الأشخاص الذين يتسمون بالرضا ويشاركون باستمرار في الأعمال التطوعية، يتمتعون بسعادة داخلية مضاعفة، لا سيما أن الإنسان الذي يسعد نظيره، يحصل على ثلاثة أضعاف السعادة التي منحها للآخرين.

الدعم العاطفي

• ما أنواع الدعم النفسي التي تؤدي إلى الشعور بالسعادة؟

- السعادة تختلف من شخص إلى آخر، حيث إن البعض يراها في العائلة، السفر، المال، أو العلم، ويبقى جزء منها غامضاً ليضيف المتعة في الاستكشاف، وأنواع الدعم التي نحتاج إليها من الآخرين متعددة، ومنها الدعم العاطفي من خلال المشاركة الآمنة بين طرفين يوفر كل منهما للآخر الرعاية والحب والاهتمام والثقة المتبادلة. أيضاً الدعم الاجتماعي الذي يعتبر من أرقى أنواع الدعم، ففيه الصحبة التي تتمتع بروح الفكاهة والمرح وتخفف علينا الصعوبات والتحديات التي قد نواجهها في الحياة. أما عن الدعم المادي فنحصل عليه من مجموعة أشخاص يوفرون لنا الخدمات أو الأدوات التي نحتاج إليها في حياتنا سواء كان دعماً مالياً، أو توفير موارد علمية، فضلاً عن الدعم المعرفي ونحصل عليه من خلال أشخاص يقومون بدور مهم في حياتنا، من خلال تقديم الدعم المعلوماتي ورفع مستوى المعرفة وتغذية العقل بكل ما هو مفيد، وأثبتت دراسة لجامعة (هارفارد) استمرت لـ75 عاماً، أن العلاقات الجيدة، تبقينا أكثر سعادة وصحة لمدى طويل.

• ما النصيحة الذهبية للتمتع بحياة سعيدة؟

- السعادة قرار ذاتي ينبع من دواخلنا، فكل شيء يقسم على اثنين يتناقص، إلا السعادة إذا تقاسمتها مع الآخرين فهي تعود أضعافاً مضاعفة وتزيد، لذلك يجب أن نتشارك السعادة مع من حولنا، لنستقطب أشخاصاً إيجابيين يساعدوننا على التحفيز وشحن الذات بكل ما هو إيجابي، وعلينا أن نتخلى عن الأنا ونتقبل الآخرين من خلال نشر ثقافة التسامح والصفح والتغاضي عن الأخطاء التي يمكن غفرانها.