الابتسامة معدية، فلنبتسم علّنا نجعل من «عدوى الابتسامة» أقوى من عدوى «كوفيد 19». فلنتكلم معاً هذه اللغة العالمية الواحدة، ذات المقاس الواحد، القادرة على أن تجعل المرأة، كل امرأة على وجه هذه الأرض، أكثر نضارةً وجمالاً ونجاحاً وأقل توتراً وقلقاً وسوداوية. الابتسامة دواء مجانيّاً، فلنأخذ حبة ابتسامة صباحاً وحبة ظهراً وثالثة مساءً. ولتمتلئ قلوبنا بالسعادة. فلنخترع السعادة إذا لم نجدها. هي تستحق، ونحن نستحقّ. ومن يربح دائماً هو من يبتسم غالباً. 

وفي يومها العالمي الذي يصادف العشرين من مارس كل عام، كلنا نحس بأن السعادة قريبة وبعيدة. فنحن قريبون منها حيناً وبعيدون أحياناً. نسعى وراءها بلهفة. نحاول الإمساك بها، وكلما اعتقدنا أننا نجحنا تعود وتتفلت منا. ونعود لنهرول وراءها، كما الطفل الراكض خلف كرته التي تظل تسقط منه، غير مدركين، في أحيانٍ كثيرة، أننا فيها. فما سرّ السعادة التي تلاعبنا طوال العمر؟

كوني سعيدة

منذ ولدنا ونحن نسمع من يردد أمامنا تلك المقولة الشهيرة (اضحك تضحك لك الدنيا)، فتدخل هذه العبارة من الأذن اليمنى لتعود وتخرج من الأذن اليسرى، وكأننا ما سمعنا شيئاً. فهل الذنب ذنبنا؟ أم هو ذنب الدنيا الحبلى بالعثرات؟ أم هو ذنب ما نتعلمه، بأن النجاح سرّ السعادة والفشل أحد اعمدة التعاسة والمال هو الأخطبوط الذي إما نسيطر عليه فنتكافأ وإما يبلعنا؟ يا لكثرة ما سمعناه منذ بدأنا نكبر ونبحث، بالسراج والفتيلة، عن السعادة. يُخبروننا أشياء ونختبر أشياء، وفي كلّها نمر بلحظات سعادة لا ننتبه إليها إلا متأخرين. فها هو سيف، ابن الثلاثة أعوام، يلعب ويقفز ويتشاجر مع شقيقه ويغني ويركض من غرفة إلى غرفة. وها هي والدته غاضبة، متوترة، تصرخ عليه وتُكرر أمام زوجها (أكاد أجنّ). كانت تتذمر. وها هي اليوم خائفة مذعورة بعد أن ارتفعت حرارة سيف مرددة: «لا أريد شيئاً في هذه الدنيا إلا أن أراه يلعب ويقفز ويأكل ويشرب ويتشاجر». السعادة التي تبحث عنها الآن، في هذه اللحظة، كانت تعيشها قبل أيام ولا تشعر بها. هكذا نحن، كما أم سيف، نتمنى في هذه اللحظة أن نعيش لحظة ماضية مفعمة بنوستالجيا لم نختبر قيمتها قبل حين.

تستقبل سالي عازوري، المدربة النفسية على السعادة في (مركز السعادة والإيجابية) من يبحثن (ويبحثون) عن السعادة بالقول: «لا بأس إن لم تكوني أماً مثالية لكن يجب أن تكوني أماً سعيدة». وجوابها الأول دائماً هو: «العطاء يزيدكم سعادة»، أما من يبحثن عن مساحيق تجميلية تزيدهنّ تألقاً فتقول لهن: «الابتسامة هي أفضل مكياج يمكنكنّ ارتداؤه». فماذا في تفاصيل ما تفعله السعادة ببنات حواء؟ تجيب سالي: «ليس سراً أنه كلما انخفض مستوى هورمون التوتر، مثل الكورتيزول والأدرينالين، يُصبح الجسم دافئاً أكثر، وبالتالي تؤدي السعادة إلى الاسترخاء وإلى زوال انقباض عضلات الوجه، مما يجعلنا نبدو أكثر جمالاً». وتزيد على هذه المعلومة معلومة، بالقول: «حتى الصحة تتحسن. فالفرد السعيد أقل عرضة لأمراضٍ شتى. وفي دراسة أجريتها على عدد من الممرضات اللاتي يعملن معي، وجدت أنه كلما كانت الممرضة أكثر سعادة، أثر هذا إيجاباً في رسالتها التمريضية».

السعادة قرار

السعادة تنتج ذبذبات إيجابية نحتاج جميعاً إليها. لكن، هل السعادة قرار؟ وهل يستطيع كلّ شخص أن يجعل حياته سعيدة؟ تجيب سالي: «طبعاً، يستطيع كل إنسان، إذا أراد، أن ينشد السعادة أو يدنو منها. لكن، عليه أحياناً أن يتعلم ذلك. ومهمتنا تدريبه على ذلك. نحن نساعده بالمعلومات وبالتقنيات. ويبقى الأهم القرار، فالسعادة بحاجة أحياناً إلى قرار وإقرار من الإنسان بأنه قد يواجه خيبات ويتلقى صدمات، لكنه لا بُد أن يربح في النهاية. هناك أشخاص مفهوم السعادة لديهم ليس واضحاً، فهل المال هو الذي سيجلب لهم السعادة؟ هل النجاح؟ هل الزواج؟ فيجب ألا يغيب عن بال أحد أن ما قد يسعدني قد لا يُسعدكم أو يسعدهم. الإنسان الغني قد يبحث عن سعادة خارج إطار المال، في حين أن الإنسان غير الميسور قد (يطير من الفرح) إذا حصل على أجر بمعاش كان يحلم به».

البشر خلقهم الله، بحسب المدربة سالي عازوري، سعداء، لكن الحياة تقسو غالباً على البشر. فهل من وسائل أو استراتيجيات تجعلنا سعداء؟ ما رأيكم في الرياضة؟ تحبونها؟ مارسوها. لا تحبونها؟ ابحثوا عن أنشطة تجلب لكم الرضا، والرضا سيتحول، يوماً بعد يوم، إلى سعادة. هل زاد وزنكِ؟ هل تعرفون ماذا قد يفعل هذا السؤال بامرأة؟ سينقلها في أقل من لحظة، من قمة الإيجابية إلى قمة العدائية. لذا، تعبيد الطريق إلى السعادة يكون بالتصرف بإيجابية مع الآخرين، وفي اختيار الكلام الإيجابي والانتباه كثيراً إلى كيفية صياغة السؤال، لأن الذبذبات السلبية التي تبث في الآخرين ستعود، ولو بعد حين، إلى مربعها الأول. ومن يشحن غيره سلباً سيخسر من سعادته كثيراً.

المطر عطر الشتاء

تشير سالي إلى اختبار أجرته في (مركز السعادة والإيجابية) على نساء أهملن أنفسهنّ، وقام المركز بإعادة تأهيل إطلالاتهن، من تسريحة رائعة، مكياج جميل، ثوب جذاب. ولوحظ أن وجوه هؤلاء السيدات (نوّرت)، مما دلّ على أن أشياء بسيطة جداً، تجريها المرأة على حياتها وأسلوبها وإطلالتها، قد تُحدث فرقاً كبيراً. وتضيف: «هنا نستعين بعبارة الممثلة السورية نسرين طافش حين سُئلت عن المرأة الجميلة فقالت: (أعتقد أن الفتيات السعيدات هنّ الأكثر جمالاً)».

ثمة أمور جدّ بسيطة قد تقلب المشاعر وتجعل المرأة سعيدة. تشرح سالي: «تفاعلت سيرين عبد النور مع متابعيها على (تويتر) مؤكدة أنها تعلّمت أن تبتسم بكل الظروف لأنها تعرف أنها امرأة قويّة، فعبّرت بالقول: علمتني الحياة أعرف ابتسم بكل الظروف وبكل الأوقات لأني امرأة قوية بالفعل مش بالحكي».

مشاعر كالعصافير

هل هناك من قال لكِ هذا الصباح (يا جميلة)؟ لا بُدّ أن تكون هذه المناداة قد جعلتكِ تحلقين فرحة بمشاعرك كما العصافير، لأن سعادتنا تعتمد على أشياء كثيرة بعضها بسيط. وللسعادة علم، هناك مواد كيميائية عصبية مثل الدوبامين والسيروتونين تختلف بين شخص وآخر، وهذا ما يجعل بعض الأشخاص يشعرون بسعادة أقل أو أكثر في الحياة. لكن، لا تحيا السعادة فقط بالدوبامين والسيروتونين، فما عناصر السعادة الأخرى؟ تجيب سالي: «البشر مهووسون بالسعي وراء اللذة وتجنب الألم وتجربة السعادة وإعداد استراتيجيات للنجاح، ظناً منهم أن السعادة تنبع من هذه النقطة بالذات من النجاح». 

كثيرون يظنون أنه من السخف الاعتقاد بأن النجاح قد لا يخلق السعادة. لكن هذا، في رأي سالي عازوري، صحيح: «لأن السعادة هي التي تؤدي إلى النجاح، فالأشخاص السعداء يتمتعون بأمزجة إيجابية وطاقة عالية، وحين يشعر الإنسان، بالسعادة والإيجابية، يقوى شعور الثقة فيه والتفاؤل والحيوية، وهذا يرتد نجاحاً». 

لا سعادة مطلقة

لا سعادة مئة في المئة، وهذا صحيح، تضيف سالي: «تؤيد الفنانة نانسي عجرم القائلين بذلك، لكنها تبتسم كثيراً واثقة بأن السعادة معدية والابتسامة قد تساعد على تذليل كثير من المشاكل والاقتراب أكثر من السعادة. فكل مشاهير العالم يسعون دائماً إلى الاقتراب من السعادة لكنهم يظهرون، في صورهم، غارقين فيها». فما سرّهم علنا نتعلم؟ إحداهنّ أفشت السرّ: (أسعى أمام عدسة التصوير، كي أبدو سعيدة، يجب إرخاء عضلات الوجه والفكين، وأفكر في شيء سعيد، وأطلب من المصور أن يخبرني نكتة مضحكة. وأمتنع كلياً عن ذكر العبارات أو الأرقام التي تجعلني أشد فمي مثل (666) أو كلمة (cheese). هي حيل تجعلني أبدو سعيدة وجميلة). عموماً، المزاج الجيد جسر عبور إلى الرضا الذاتي وهذا الرضا مفتاح السعادة.

وهو ما تشير إليه جويل مردينيان، التي تقول: «لا أحزن من أحد، أسامح بسرعة ولا أحمل الضغينة. كل شيء يجعلني أشعر بالسعادة، حتى في أبسط الأمور، وأعتبر هذا الأمر نعمة».

إقرأ أيضاً: هذا ردّ الأمير وليام على شقيقه هاري وزوجته ميغان

يوم  السعادة العالمي

يحتفل المجتمع الدولي في 20 مارس كل عام بيوم السعادة العالمي، بعد أن اعتمدت الأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين عام 2012، هذا اليوم من كل عام يوماً دولياً للسعادة، اعترافاً بأهمية السعي للسعادة، أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب.