منذ اللحظة التي يتكوّن فيها الطفل في رحم أمه تبدأ علاقته الوثيقة بها، وهي علاقة تتطوّر مع نموّه، وتشكّل عاملاً أساسياً في رسم شخصيته المستقبلية وتحديد سلوكه الذي سيرافقه طوال سنوات عمره.

ووجدت دراسة أجريت في (جامعة كوب) اليابانية، اعتمدت على نتائج استطلاع أجري على 5000 رجل وامرأة جرى سؤالهم عن علاقتهم بأمهاتهم عندما كانوا أطفالاً، أنّ الأهل، خاصة الأم، تؤثر في مستقبل الأبناء وحياتهم العاطفية، وحتى العملية. كما نشرت (مجلة ميخور كون سالود) الإسبانية تقريراً تحدثت فيه عن التأثيرات السلبية للأم على نفسية أبنائها ومسار حياتهم.

وأوضحت المجلة في تقريرها أن الأم هي الوسيلة الأولى لتواصل الأبناء مع المجتمع، مما يؤكد أن هناك بعض الأمهات يسببن مشاكل مستقبلية جوهرية لأبنائهن. ويقسم العلماء الأمهات تبعاً لشخصياتهن لعشرة أنواع، تعرضها «زهرة الخليج» فيما يلي، وكيف تشكّل الخريطة النفسية والاجتماعية للأبناء مستقبلاً.

  • ميلا كونيس تقترب كثيراً في صفاتها من الأم القلقة

 

 

الأم الحازمة

الحزم لا يعني القسوة، ولكن يعني إدارة الحياة بالشكل الجيد وبما هو لازم وما هو نافع، فلن يكون الحزم مجدياً لو لم يمزج بالحب والحنان، وتمارس هذه الأم الحزم مع أطفالها منذ الصغر وقبل بداية فهمهم، فتتمسك به عندما تأتي مواعيد النوم أو أنواع الطعام الذي يتناولونه، أو عندما يرغبون في شراء أشياء ليسوا بحاجة إليها.

وتؤثر الأم الحازمة في نشأة أولادها على احترام مبادئ الانضباط والالتزام، ويصبح ذلك من عاداتهم الشخصية، وتبعدهم عن الكسل والفشل والتهاون في أداء الواجبات، وتصنع منهم شخصيات رائعة ذات هدف في الحياة قادرة على اتخاذ قرارات سليمة في حياتهم بعد ذلك.

 

  • ميشيل أوباما.. أم داعمة لبنتيها

 

الأم القلقة 

هي الأم التي يسيطر الخوف والقلق على معظم تصرفاتها، ويزيد هذا النوع من القلق بعد إنجابها، فهي تخاف على طفلها من كل شيء وأي شيء، تخاف أن يحمله أي شخص غيرها، وعندما يكبر طفلها قليلاً فهي تخاف عليه من اللعب مع أطفال آخرين حتى لا يؤذوه، ويزيد هذا الخوف عندما يكبر ويذهب للحضانة أو المدرسة، فهي تخاف أن يقع، ألا يأكل طعامه، أن يمشي بمفرده، أو أن يفشل.

وغالباً ما تنقل هذه الأم للطفل الشعور بالخوف من دون أن تدري، فالطفل بطبعه يحب التجربة ولا يخشى أي شيء، ولا تنمو فطرته بهذا الشعور، مما يؤثر سلباً في نفسية الطفل، فيكبر بشخصية ضعيفة ومترددة، ويكون فاقداً للثقة بالنفس، ويشعر دائماً بالخوف وليس لديه قدرة على اتخاذ قرارات صائبة.

الأم العصبية

تتميز شخصية هذه الأم بالاندفاعية الشديدة في ردود أفعالها، فهي تثور لأتفه الأسباب، ولا تبالي بالطفل الصغير الذي يتميز بفرط حركته وتساؤلاته وأخطائه الكثيرة، مما يجعلها تتعامل معه دائماً بالصراخ والعصبية، فيفاجأ الطفل من رد فعل الأم الغريب، وهو لا يفهم لماذا تصرخ هكذا طوال الوقت.

تنقل الأم لطفلها لا إرادياً هذه الصفة، وعندما يكبر سيكون دائم العصبية صعب التعامل معه، ولا يقتنع إلا بما يرى، ويعبر دائماً عن غضبه بالبكاء أو ضرب الآخرين أو تكسير الأشياء.

تمنح الأمهات من هذه الفئة أولادهم القليل من الاستقلالية، ويظهرن لهم قليلاً من الثقة، ويفرضن الكثير من القواعد، وتبيّن أنّ أولادهن عانوا مستقبلاً من درجات منخفضة من الرضا، والكثير من التوتر في التعاطي حتى مع أصغر المشكلات.

  • جوليان مور أم حازمة

 

 

الأم المهملة

هي الأم التي لا تولي أطفالها أو بيتها الاهتمام اللازم، فهي تنشغل في أغلب الأوقات بعملها أو أصدقائها أو الخروج والمشتريات والزيارات أو قضاء الساعات بمتابعة الشبكات الاجتماعية، ولا تنتبه لمواعيد طعام طفلها أو لسلوكه، ولا تعرف ماذا يحب وماذا يكره أو ماذا يشاهد في التلفزيون أو ما يتابع من مواقع إلكترونية وألعاب.

ويفسر الأبناء هذه التصرفات في هذا العمر الصغير، على أنها نوع من الكراهية أو النبذ، وتنعكس على سلوكهم بعد ذلك، فتظهر في تفضيلهم الوحدة، وقد يصل الأمر إلى ظهور بعض الاضطرابات السلوكية، مثل العنف أو العناد أو عدم احترام الوالدين، ويعيشون حياة عاطفية مضطربة مع الشريك والأبناء مستقبلاً، وذلك إن لم يعزفوا عن فكرة تكوين أسرة من الأساس.

الأم المُدللة 

هي الأم التي تشعر أن التعبير عن الحب يكون بالتدليل الزائد والاستجابة لرغبات طفلها من دون حدود، وتفضيل عدم توجيهه عند الخطأ حتى لا يشعر بالحزن أو يبكي، والتساهل مع في كل شيء. وينشأ هذا الطفل عنيداً، ولا يعتمد على نفسه وغير قادر على تحمل المسؤولية، ويكون شريكاً أنانياً في علاقاته العاطفية، وغالباً ما يكون فاشل عملياً، خاصة في المواقع الإدارية، ويفتقر للتفكير الإيجابي والحماس والمثابرة. كما يواجه أبناء هذه الشخصية مشاكل خطيرة بالفعالية والإنتاجية والإنجاز والتفاعل المجتمعي، ويتحول العديد منهم إلى مرضى بجنون العظمة، وفي أحيان كثيرة يتجنبون القرب والحميمية مع الآخرين.

  • رغم رومانسية سيلين ديون إلا أنها كأم كانت مسيطرة

 

 

الأم ضعيفة الشخصية

هي الأم التي تعجز عن توجيه سلوك أطفالها، فهي لا تجد في نفسها القوة الحقيقية المطلوبة للوقوف في وجه الخطأ، أو لاتخاذ أي قرارات بشأن أسرتها لخوفها من زوجها أو من المجتمع، أو حتى من طفلها حتى لا يشعر بأنها قاسية معه، لذلك فهي تفضل السكوت غالباً وعدم اتخاذ أي موقف، أو نجدها تنساق وراء آراء الآخرين. 

تجعل هذه الشخصية طفلها مشتتاً ولا يميّز الخطأ من الصواب، لأنه لم يحصل على أي توجيه، ويكبر متردداً، ولا يحب المواجهة، ولا يعبر عن رغباته وآرائه ومواقفه صراحة، وينمو بداخله الشعور بالخجل والسلبية وعدم الرغبة في الانخراط في المجتمع، ويكون الطرف الأضعف في علاقاته العاطفية والعملية، لا يعرف كيف يأخذ حقوقه، ويستسلم للظلم.

الأم المسيطرة

يميل هذا النوع من الأمهات إلى الحرص والسيطرة على الأمور، فتهتم بكل تفاصيل أبنائها بشكل مبالغ فيه، ولا ترضى إلا بالكمال، ولا تتقبل الانتقاد، وبالرغم من أنها امرأة قوية وملتزمة في علاقتها ومسؤولة وموثوق بها في كل ما تفعله، ولا تستسلم بسهولة، لكنها لا تتقبل أن يخطئ أبناؤها، وتحرمهم فرصة التعثر والنهوض. ينشأ أطفال هذا النوع من الأمهات ولديهم فوبيا أو خوف من الفشل، فأي حالة من حالات الفشل التي يتعرضون لها، تؤدي لمشاعر الإحباط والاكتئاب وخيبة الأمل لديهم، هذا بالإضافة للكثير من الآثار السيئة التي قد تترتب على فشلهم، وتجعلهم يعتبرون أي إخفاق هو نهاية الحياة.

الأم المزاجية

يسيطر عليها القلق والغضب والعاطفة المفرطة، ويعتمد أسلوب حياتها على حالتها النفسية، تفتقد القدرة على التواصل مع من حولها، وتفتقر إلى تقديم الدعم المعنوي لزوجها وأبنائها. تجمع الأم المزاجية بين مجموعة من أنماط الشخصيات، فتارة تجدها منطوية وتارة أخرى تكون منفتحة على الناس.

وتنقل هذه الأم لطفلها لا شعورياً هذه الصفات، فيفتقد القدرة على السيطرة على انفعالاته العصبية، ويكون حساس لأي نقد يتعرض له، ولا يتقبل أن يتم تعنفيه على خطأ ارتكبه مهما كان فادحاً، ويثور إن نبهه أحد لطبيعة شخصيته المتقلبة التي تؤثر في عمله وعلاقاته بمن حوله.

  • آندي ماكدويل نموذج رائع للأم الداعمة

الأم النرجسية

تكون تصرفات هذه الأم حادة أو عدوانية، بينما تعتقد بأنها اهتمام ومشاعر مفرطة، وتعلل ذلك مستخدمة بعض العبارات التذكيرية، مثل أن الأم هي الوحيدة التي تتمنى الخير لك. لديها أبناء مفضلين أو ما يطلق عليه الابن الذهبي، الذي يتمتع بالرعاية والاهتمام، في حين يصبح كبش الفداء هو الطفل الذي لا يحظى بأي مشاعر، وبالتالي يرى الأول والدته رائعة بينما يشعر الثاني بالكراهية تجاهها.

يعاني أبناء الأم النرجسية انعدام الثقة بالنفس وتدني تقدير الذات بسبب تعرضهم المستمر للنقد والتجاهل والسخرية، ويشعرون بعدم الاستحقاق، ويكبر طفل هذه الأم ليصبح شخصاً يجلد ذاته ويلقي اللوم على نفسه في كل شيء، فاقداً الثقة بالآخرين.

الأم المُعنَّفة

هي التي تتلقّى العنف في المنزل وربّما في العمل أيضاً، وهي من الضعف بحيث إنها تفجّر غضبها في من هم أضعف منها، وتصبح عنيفة بدورها مع أطفالها، وهي بهذا السلوك تنمّي روح التمرّد داخل الطفل وتكون أول من يحصد النتائج السلبية، إذ يتمرّد عليها ويستخفّ بها، وقد تمتد يده ليضربها. في هذه الحالة سيتحوّل الولد المعنّف إلى مراهق معاد للمجتمع وشاب خارج عن القانون، قد يتعاطى الممنوعات، ولا يُستبعد انخراطه في عصابات، ولا يعاني الشعور بالذنب، مما يعني أنه في حال تعرّض للسجن، فسوف يرتكب الجنحة أو الجريمة نفسها عند خروجه منه.

الأمهات الداعمات

الأم الداعمة متوازنة عاطفياً، ويمكنها رؤية أطفالها كأفراد ومساعدتهم على تحقيق استقلالهم، كما تقدم مصلحة أطفالها على مصلحتها الشخصية مهما كانت الظروف والضغوطات، هي ملتزمة بواجبها الأمومي بغض النظر عن مسؤولياتها خارج المنزل، ويمكنها تحمل المخاطر، ولديها القدرة والوعي لفهم الزملاء وأفراد الأسرة. وقد تبيّن أنّ الأمهات اللواتي يمنحن أولادهن درجة عالية من الثقة، ويظهرن درجة عالية من الاهتمام بهم، ويمضون الكثير من الوقت معهم، يعيش أبناؤهن مستويات أعلى من السعادة، ويكسبون المزيد من المال، ويحققون درجات عالية من النجاح، فهذا النوع من الأمهات الفاعلات يعتنين باحتياجات أطفالهن العاطفية، فهن يقدمن الرعاية بمنحهم الكلمات الطيبة والتشجيع والاستماع الفعال والقبلات والعناق ويخصصن لهم الوقت الكافي.