الحياة هي رحلة تمضي عبر الزمن، تتغير معالم الطريق وتختلف وتتعاقب علينا أزمنة متباينة، وتبقى رفقة الطريق خلال الرحلة هي الحقيقة الثابتة التي لا تتغير والتي تجعل من تلك الرحلة، إما رحلة هادئة وممتعة أو رحلة صاخبة ومتوترة.

رفقة الطريق هي الآخر الذي نتعايش معه، والآخر هو كل إنسان يشاركنا الرحلة أو جزءاً منها، تربطنا أواصر دم أو أواصر علاقة إنسانية أخرى رجلاً كان أو امرأة. فالآخر هو العالم خارج حدود الذات الذي نتعايش معاً من أجل أن تصبح الحياة ممكنة. فالبشر جميعاً مكملون لبعضهم. فهل يمكن تصور الحياة من دون آخر نتفاعل معه ونتعايش معاً.

وتلك الرفقة تربطنا بهم علاقات إنسانية تبنى على المحبة الخالصة، ولكن تظل نظرة الكثير من البشر لهذا الأمر قاصرة محدودة داخل حدود ضيقة فيرونها من ثقب العلاقة بين الرجل والمرأة من دون أن يدركوا أنها مجرد ثقب في نافذة كبيرة هي نافذة الإنسانية، لو أننا فتحناها سنرى الحياة بجمال مختلف وبصورة أكثر اتساعاً من ذلك الثقب الصغير. فالمحبة متسعة بقدر الكون وقدر كل تلك الموجودات التي تحيط بنا.. والآخر هو كل كيان خارج ذاتنا ليس فقط الإنسان بل كل موجود من موجودات الحياة هو آخر.

وكم تحتاج الإنسانية في العصر الحديث ومع التطور التكنولوجي الكبير إلى محبات صادقة تنبع من الإيمان الراسخ بأن سعادة الإنسانية تكمن في التعايش مع الآخر المختلف عني واحترام حقه في الحياة، والاختلاف قائم على التقبل والتعايش، وقد كان لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة النموذج والتجربة الناجحة في التعايش والمحبة بين كل الثقافات المتباينة والمختلفة التي تعيش على أرضها الطيبة، وكانت قيادتنا الحكيمة هي النموذج الذي وضع أساسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسار من بعده على نفس النهج قيادتنا الحكيمة وكانت يدها البيضاء ممدودة بالسلام والمحبة لكل البشرية، من أجل مستقبل تصمت فيه أصوات الصراعات البشرية من أجل أن تعلو نغمات المحبة بين البشر.

إن إزالة غبار الأنانية عن الروح وغرس بذور المحبة للحياة والناس والكون هي الخطوة الأولى نحو تطهر الروح ورفع الضبابية عن الجمال الحقيقي للحياة وهو جمال العلاقات الإنسانية الصافية النقية القائمة على المحبة والنقاء. دمتم بأرواح نقية محبة للحياة والكون.