إن تربية وتنشئة الأبناء فنٌّ أكثر من أن يكون علماً، خاصة في السنوات المبكرة من حياة الطفل التي تعتبر المرحلة الحاسمة في تطور دماغه، وتكمن أهمية السنوات الأولى لأن التجارب التي يمر بها الطفل وعلاقته بالأشخاص المهمين في حياته هي التي تشكل نمو أدمغتهم حرفياً.  وتؤثر هذه الركيزة المبكرة على مجمل الممارسات السلوكية والتعليمية إلى جانب الصحة العقلية والبدنية التي تعقب ذلك طيلة العمر. وليس من المبالغة في شيء التأكيد على أهمية اللعب التفاعلي مع الطفل بسنواته الأولى، وما يتركه من نتائج ذات أثر كبير مستقبلاً، ولا نغفل عن ضرورة التعرف على الطفل عن كثب وقراءة إشاراته وابتساماته وغرغرته أو مناغاته وإيماءاته، فكل ما سبق يُعتبر فرصاً للاتصال والتفاعل المرح وما يقابله من تجاوبٍ صوتي وبصري وتحديقٍ مباشرٍ في عيني الطفل، كل هذه الأمور تترك وتُوَلد إحساساً بالأمان العاطفي، خاصةً أن اللعب مع الطفل بهذه المرحلة باعتبارها أعلى المراحل الحيوية لنمائه وتطوير قدراته ويسهم في اكتساب الطفل مهارات اجتماعية ونضجاً عاطفياً، وينتج عنه نمو معرفي والذي من خلاله تتجسد قدراته على الفهم ويزداد مستوى ذكائه ويصبح انتباهه وتركيزه واستيعابه وإدراكه قوياً، مما جعل نظام التعلم باللعب أفضل وسيلة لتعليم الأطفال، وهذا ما ترجمته دولة الإمارات باحتفالها بيوم الطفل الإماراتي هذا العام، والذي كان تحت شعار (حق اللعب). كما أنه لا يمكننا تجاهل العوامل الأخرى المؤثرة في النمو في هذه المرحلة من الناحية الوراثية والبيئية والتعليمية والغذائية بالإضافة إلى عامل النضج ودوره الكبير في سلوك الطفل المرتبط بنضجه الجسدي، جميع ما ذُكر يشدد على ضرورة التركيز على هذه المرحلة باعتبارها ضرورة أخلاقية واجتماعية وأيضاً اقتصادية، ولها تأثير ليس على الأسرة فقط، وإنما تأثيرها يمتد إلى ازدهار ونهضة الدول. ونستذكر هنا اتفاقية حقوق الطفل والتي أدرجت حق النماء في مرحلة الطفولة المبكرة ونصت على أن (لكل طفل الحق في النمو إلى «أقصى حدٍّ ممكن» وتعترف بحق كل طفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي)، وهذا ما يجعلنا ندعو إلى الاستثمار بهذه المرحلة المهمة بوصفها أولوية قصوى للوالدين ومقدمي الرعاية لتنشئة الأطفال ليهنؤوا ببيئة توفر كل مقومات الحياة الكريمة، والتي سنرى تأثيرها في المستقبل القريب والبعيد.

اقرأ أيضاً:  محمد عادل إمام يتعرض للإصابة أثناء تصوير"النمر"