قبل زمن ليس بالبعيد كانت ساحات المنازل أو شرفاتها، أو حتى شارع الحي (الفريج)، هي مساحات التنفس للناس ومكاناً يضجّ بالأحاديث ولقاءات الأهل والأصحاب والجيران، لم نكن في ذلك الوقت نكتفي من تلك اللحظات الطيبة، ولا يزال بعضها موجوداً حتى الآن.

في تلك المساحات كان الكُلّ يعرف الكُل تقريباً، ولم يكن هناك داعٍ للقلق، لأنه لا مكان لدخيل أو صاحب نوايا سيئة، ليس لأنه لم يكن هناك شرّ، ولكن لأن الترابط الاجتماعي كان كبيراً، والناس كانوا أقلّ عدداً وأغنى مضموناً ومعاني.

اخترت أن أعود بكم في #رمسة_عاشة لتلك الأيام، خاصة وسط الضجيج الذي نراه مؤخراً للتطوّر في شكل وسائل التواصل الاجتماعي مثل (كلوب هاوس) و(سبيسز) من تويتر وغيرها، طبعاً ذلك متوقّع مع كلّ جديد، حيث تزدحم المنصات بمن يبدي إعجابه بها ومن ينتقدها، لكن ننسى أن كل هذه التطورات هي شكل من أشكال التواصل الذي عهدناه سابقاً وجهاً لوجه، ولكنّ هناك فارقاً جوهرياً بين الأمس واليوم.

هذا الفارق هو أن هذه المنصات ليست ساحة منزلنا أو (فريجنا) الذي نعرف فيه الجميع إلى حد كبير، بل هي نافذة مفتوحة للعالم، ولذلك أرى أنها تحتاج منّا أن ندقق في الأفكار والمواضيع المطروحة وعدم التعامل معها ببساطة وقبولها كمسلّمات، فكثيرون طرحهم ليس عفوياً ولا نعرفهم حتى وإن قالت النبذة في بروفايلهم عنهم الكثير.

اقرأ أضاً:  هيا عبد السلام: «الناجية الوحيدة» في رمضان
 

لا أدعو هنا إلى إغلاق أبوابنا وساحات بيوتنا كأفراد في وجه الأبواب الافتراضية، فالعالم الرقمي جميل ومليء بالفرص والأدوات المبتكرة التي تثري حياتنا، ولكن أردت في رمستي هذه أن نحمل معنا يقظتنا وحرصنا وذكاءنا الاجتماعي كما نفعل في حياتنا اليومية غير الرقمية، ليكون أي جديد هو نافذة تروّح عن النفس وتثري معارفنا وخبراتنا وتقدّم بديلاً لطيفاً للمجالس التي تعتبر جزءاً من ثقافتنا خلال جائحة كورونا وما فيها من تباعد اجتماعي أو حتى كثرة مشاغلنا بعيداً عن كورونا. فهل ستنظرون إلى (كلوب هاوس) أو غيره من جديد بأسلوب مختلف؟