على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وألسنتهم، يستقبل المسلمون في جميع أنحاء العالم شهر رمضان المبارك، بإيمان ونوايا واحدة كما يتشاركون نفس أشكال العبادة، لكن منهم من يضيف لمسة ثقافية خاصة به، قد تتمثل بعضها في الأطعمة أو الملابس أو حتى الطريقة التي يجتمعون بها في هذا الشهر ويحتفلون، حيث تتمتع كل منطقة وبلد بطريقة خاصة بالقيام بالأشياء. «زهرة الخليج» تسلط الضوء على التنوع الكبير للمسلمين من حيث عاداتهم وتقاليدهم في التعاطي مع الشهر الفضيل، في أرجاء هذا العالم الواسع. 

الفلبين

يترقب المسلمون في الفلبين دخول شهر رمضان من أجل تأكيد هويتهم الإسلامية كأقلية، ومن أبرز عاداتهم خلال الشهر الكريم تزيين المساجد وإنارتها والإقبال على الصلاة فيها، بل وجعلها مركز التجمع العائلي، فتصبح دوراً للعبادة وللتعارف بين المسلمين، ولا ينسى المسلمون الفلبينيون أن يزيِّنوا موائد الشهر الكريم بالأكلات المحلية الخاصة بهم، مثل طبق «الكاري كاري» وهو اللحم بالبهارات، وكذلك مشروب السكر والموز وجوز الهند، وهناك بعض الحلوى التي تشبه القطايف وعصير قمر الدين، ويلهو الأطفال في هذا الشهر بعد الإفطار، حيث يرتدون الملابس المزيَّنة بالألوان والزخارف، ثم يحملون الفوانيس أو ما يشبهها، ويبدأون في التنقل من مكان لآخر، بل ويتولون إيقاظ النائمين لتناول طعام السحور وهو ما يضفي بهجةً على هذا الشهر الكريم. 

تشيلي

في تشيلي، الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية على ساحل المحيط الهادئ، لا يزال عدد السكان المسلمين هناك قلة، ويتم الاحتفال بشهر رمضان من قبل مجتمع المهاجرين في الغالب، تبنى المسلمون التشيليون أيضاً بعض المأكولات التقليدية في احتفالهم برمضان. في المسجد، يتم تقديم (موت كون هوسيلو) على مائدة الأفطار وهو مشروب تشيلي تقليدي خاص في فصل الصيف، مصنوع من القمح والخوخ. 

الصين

وصل الإسلام لأول مرة إلى الصين من قبل سعد بن أبي وقاص، الذي جاء إلى الصين للمرة الثالثة على رأس بعثة أرسلها عثمان بن عفان في عام 651. 

اليوم، تعد الصين موطناً لـ 21 مليون مسلم من عدد من المجموعات العرقية المختلفة، بما في ذلك الأويغور والقرغيز والقازاق والأوزبك. يحتفل شارع نيوجي في الجزء الجنوبي من مدينة بكين بشهر رمضان، من خلال تزيينه بالأعلام الوطنية والفوانيس الحمراء، ويعج الشارع في هذا الشهر بعشرات الآلاف من المسلمين الذين يخرجون من المساجد، أو يقفون في طوابير طويلة لشراء الطعام من الأكشاك الخارجية، ويتشارك العديد منهم الطعام التقليدي، مثل: المكسرات والكعك ولحم الضأن مع جيرانهم، ويوزعون الهدايا على المسلمين الأكثر فقراً.

جنوب أفريقيا

دخل الإسلام إلى جنوب إفريقيا من قبل الحكام المسلمين المنفيين، حيث كان رأس الرجاء الصالح محطة مرطبات لشركة الهند الشرقية الهولندية، ومكاناً لإرسال الحكام المنفيين والمعزولين من مقاطعاتها الشرقية. كان العديد من هؤلاء المنفيين من أوائل المسلمين في جنوب إفريقيا. وحتى اليوم لا يزال الإسلام دين أقلية من سكان جنوب إفريقيا. لكن رمضان يتمتع باحتفال قوي في البلاد، مع تكامل تقاليده الخاصة، وتحمل كلمة (مان كايكرز) في اللغة الأفريكانية المستخدمة في جنوب إفريقيا، معنى (مراقبو القمر)، وهم الذين يحددون شرعية رؤية هلال رمضان، في إحدى القمم العالية الجميلة في كيب تاون لتحديد ميقات رمضان أو العيد، وهم أول من يخبر الجالية المسلمة بموعد بدء الشهر.

اقرأ أيضاً:  جسر السلاسل.. جوهرة بودابست التاريخية
 

روسيا

تم إدخال الإسلام إلى المناطق التي أصبحت تُعرف باسم روسيا في وقت مبكر من القرن السابع. في الوقت الحالي بات الإسلام جزء لا يتجزأ من التاريخ والثقافة الروسية، بالنظر إلى أن أكثر من 20 مليون مواطن روسي من المسلمين، ينتمي هؤلاء إلى مجموعات عرقية من السكان الأصليين لهذا البلد الواقع في أوروبا الشرقية، بما في ذلك أولئك الذين ينتمون إلى المناطق السوفيتية السابقة: الأذريون والكازاخستانيون والأوزبكيون والطاجيك والقيرغيز. في رمضان الروسي، يمكن للمرء أن يجد أكشاكًا حول المساجد تبيع عدداً من الأواني الإسلامية الفريدة، بما في ذلك التمر والقبعات وخرز التسبيح وسجاد الصلاة والأوشحة وغيرها، يفضل معظم المسلمين الروس التجمعات الصغيرة مع العائلة لتناول الإفطار الخفيف، وفي جمهورية (تتارستان) ذات الأغلبية المسلمة في روسيا، يخبز المسلمون الفطائر الخاصة برمضان.

  • الفوانيس.. من مظاهر شهر رمضان المبارك، ويحملها الأطفال مساء ويتنقلون بها من مكان لآخر.

إسبانيا

وصل الإسلام إلى إسبانيا عام 711، وعلى مدى القرون السبعة التالية، ازدهر الإسلام وانتشر في إسبانيا حتى عام 1492 عندما تم فتح غرناطة، حيث لا تزال معالم الأندلس قائمة، لكن السكان المسلمين يشكلون أقلية بنسبة 2% تقريباً من السكان الإسبان.

من بين هذه الأقلية المسلمة في إسبانيا، يعتبر شهر رمضان احتفالاً بالمهاجرين. على خلفية بلد أوروبي، يتم تسليط الضوء على الثقافات الباكستانية والمغربية وجنوب الصحراء والآسيوية في الشهر الكريم.

مع وجود العديد من المسلمين في إسبانيا بعيداً عن المنزل والعائلة، يتركز الاحتفال برمضان حول المسجد. وفي أول أيام رمضان، يجتمع أكثر من 9000 مسلم في مساجد مدريد للاحتفال بالفطر. رمضان عامل مهم في لم شمل المجتمع الإسباني المسلم، إذ يشهد المركز الإسلامي في مدريد دائماً العديد من الأنشطة خلال هذا الشهر.

غيانا

في غيانا، وهي جمهورية متعددة الأعراق تقع على الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية، حوالي 10% من السكان مسلمون، وكثير منهم ينحدرون من الهند. رمضان لمسلمي غيانا هو وقت للاحتفال بالتنوع الديني والوئام في بلدهم، كما يرمز إليه شعاره الوطني: (شعب واحد، أمة واحدة، مصير واحد)، وثقافة البلد هي ثقافة الاحتفال بالتنوع. وفي رمضان  يتم التركيز على تحسين المجتمع والتماسك الديني.

المكسيك

يعتنق عدد كبير من سكان أميركا الوسطى والجنوبية الإسلام. في المكسيك، اعتنقت قبيلة (تزوتزيل) بأكملها الإسلام خلال شهر رمضان واكتشفت القبيلة كيفية احترام دينهم الجديد مع التمسك بالتقاليد المكسيكية، من خلال تناول سندويشات التاكو بالدجاج خلال الإفطار الرمضاني.