إذا كانت الحاجة هي أم الاختراع فإن عدم الرضا هو أبو التقدم.. أربعة شباب من دولة الكويت، شابتان وشابان، شكّلوا أربع علامات فارقة في أربعة مجالات، وهم : نوف حسين سرحت بخيالها وأفكارها فأصبحت «سائحة للطعام». عمر حمادة حكّ رأسه وهو يُفكّر فتحركت كلّ عضلاته رياضيا وبات رائد «دورة الحياة» lifecycle.  نورة الرومي حلّقت بأفكارها فأصبحت القهوة بين يديها ثقافة. وسليمان الروضان أبى أن يجد حائطاً متسخاً فأنشأ «جداريات» وباتت الجدران معه لوحات وأصبح رحالة في كلِّ العالم. هم أربعة أدواتهم: ابتسامة، رؤية، مبادرة، هدف، جهد، شجاعة، شغف، طموح، إنصات، لباقة وحسن إدارة الوقت. ومن يتبعون مسارات المبادرين الأربعة هم من أقطاب الدنيا الأربعة. 

يتبع الشبان والشابات «الترند» ويجهلون أن من يصنعون «الترند» هم غالباً مثلهم من الشبان والشابات. فلا شيء صعباً على الشباب. نتابع عمر ونورة وسليمان ونوف ونبتسم بعفوية، بانسيابية، فأربعتهم قادرون على بعث كثير من الفرح والتفاؤل فينا. وكأنهم يقولون لنا: لا أحد يكترث كونكم حزينين. لذا كونوا سعداء. كونوا ناجحين. كونوا مبادرين. كونوا إيجابيين وامشوا عكس التيار. 

نوف.. الفراشة الملونة

عاشت نوف حسين، الفتاة المبتسمة دائماً كما الشمس، طفولة جميلة جداً. سافرت كثيراً. ولم تمضِ عطلة صيفية لم تقصد فيها، مع والديها، الولايات المتحدة الأميركية. زارت متاحف كثيرة. مشت أينما حلّت في الطبيعة. اصطادت الأسماك. ركضت، لعبت، رقصت، غنّت، وزارت عالم ديزني لاند مراراً. قطفت التوت البري في ولاية ماريلاند. وراقبت كثيراً الفراشات. وضحكت، من قلب قلبها، لأصغر الأشياء وأكبرها. كل هذه التفاصيل شكّلت طفولتها وتُشكّل اليوم فرادتها. 

إقرأ أيضاً:  تعرفوا إلى شخصياتكم وفقاً لفصائل دمائكم
 

أوّل عمل خاضته كان في مجال العلاقات العامة، لكن، بعد أقل من ثمانية أشهر، تيقنت أنها لم تولد لتكون موظفة، على الرغم من احترامها لكل القواعد،  فاستقالت، وابتكرت pretty little things الشركة التي تنقل من خلالها الزبائن إلى عالمٍ جديد ممتلئ بالألوان والأنوار والطعام الطيّب. نوف، التي يشرق وجهها ذكاء، لم تقبل بحلولٍ تقليدية ولا بحياة تقليدية ولا بوظيفة فيها راتب آخر الشهر، بل «هرولت» وراء شغفها في عالمي السياحة واكتشاف المأكولات الطيبة فأصبحت «سائحة الطعام» الأقرب إلى القلب في العالم.

عمر والرياضة غير التقليدية

ببنيتين جسدية وروحية، يطل عمر حمادة على «متابعيه» الكثيرين محدثاً بمن لا يزال يتردد حتى اللحظة في ممارسة الرياضة ما يُشبه «الصعقة الكهربائية» الإيجابية التي تدفعه لينضمّ إلى «فيتنس لايف سايكل». هو شاب كويتي وازن ما بين العقل والجسد، وبين الرفاهية والعافية، وبين الثقافة والوعي. ولم يقبل إلا بأن يحلم بصوتٍ عالٍ، داعياً الشبان والشابات إلى الانخراط، من خلال الرياضة، بالتغير البيئي ومستقبل أفضل وعالم أفضل. عمر غاص في «سيكولوجية» الجسد واكتشف، من خلال الرياضة، جمالية الحياة، وجدوى وضع كل واحد منا هدفاً جدياً يبثّ فيه الأمل الذي هو حلم من أحلام اليقظة. هو يحثّ الشبان والشابات على ركوب الدراجات واكتساب الطاقة الجيدة قائلاً لهم، من خلال الصفوف الرياضية غير التقليدية في الهواء الطلق: ستتحداكم الحياة في استمرار عقلياً وجسدياً وروحياً وعاطفياً فاصبروا. وكلّ ما قد تحتاجون إليه هو المضي قدماً. نصغي إلى عمر النابض بالحياة وهو يربط كل رياضي، تحت خيمة لايف سايكل، بقضايا اجتماعية وإنسانية ووجدانية وبأفكارٍ خلاقة لمستقبلٍ يليق بالشباب والشيب. وكل ذلك تحت القاعدة الرياضية الحسابية التالية: الأمر الوحيد الذي يجعلك تصل هو أن تبدأ.   

سليمان الذي لا يهدأ

مميزٌ بالفعل هو سليمان الروضان الذي أبى أن يرى جداراً بشعاً، مساء استغلاله، وراح يخطط ويرسم ويلون مع فريق أسسه عام 2016 وسماه «جداريات»، جاعلاً من جدارٍ ملطخ بمئة لونٍ ولون جدارية تدار لها الرؤوس. هذا الشاب المبتسم دائماً لم يكتفِ يوماً بطرح المشاكل بل قام بإيجاد حلول وطبّق رؤيته على جدران الكويت فرسم «جدارية القيّم» و»الجدارية الثقافية» و»جدارية النفط» وجدارية «حرف الضاد».. وهو يستمر، مع أصدقائه الفنانين الموهوبين في «جداريات» في بعث رسائل معبّرة ذات معانٍ عميقة في كل الاتجاهات.  من يُحب الجمال يبحث عنه في كلِّ الأرض، لذا أصبح سليمان «رحالة» ينتقل من مكان إلى مكان، يتابعه آلاف الشبان والشابات من مكان إلى مكان، يكتشفون وإياه أجمل المسارات الجبلية في»كيب تاون» ومدينة «بانيوس» عاصمة المغامرات في الإكوادور، ومزارع الكاكاو الشهيرة هناك، وغابات الأمازون المطيرة، وأعلى شلالات في فنزويلا، والشام العتيقة، وملتقى النيلين الأزرق والأبيض في السودان، فيسافر «متابعوه» إلى حيث يسافر ويستمتعون بأسلوبه ويكتشفون اكتشافاته. نجح الروضان هو أيضاً بالفعل لا بمجرد القول بإيجاد مسار لنفسِهِ يعشقه، ويخدم العامة، ومن يعمل فيما يعشق يعيش مرتين.

نورة.. صُنعت في الخليج

يوم عادت نورة الرومي من الولايات المتحدة الأميركية إلى الكويت حاملة شهادات في فنّ صناعة القهوة بدت مليئة بالحيوية وبإرادة إحداث تحويل في صناعة البن في الكويت. فعملت، بلا كلل، على زيادة جودة القهوة مع التركيز على الاستدامة وطرق التحضير غير التقليدية. أرادت أن يكون لبلدِها الأم ولدول مجلس التعاون الخليجي قهوة تستحق أن يُقال: صُنعت في الخليج.  لا تُشبه قهوة نورة التي تقدمها، منذ عام 2013، تحت العلامة التجارية Roast Lab  Vol.1 أي قهوة أخرى، فهي تجمع بين نكهة الأصالة الخليجية والعصرنة. والحبوب التي تُطحن يتم الحصول عليها حبة حبة من مزارع البن النموذجية. والمحال هي أيضاً جسر عبور بين الثقافتين الشرقية والغربية، على شكل ديوانيات، كما الديوانية الكويتية الشهيرة. جميلٌ ألا تغيب عن بال أولاد الخليج ثقافة بلادهم وهم ينشدون الأفكار الاستثنائية. وتحميل كل فكرة ومشروع وعلامة تجارية مسؤولية اجتماعية وإنسانية.  نورة، كانت أول من أدخلت تقنيات التخمير والتحميص الجديدة إلى السوق المحلية العامة، مصرّة على أن يعرف «شارب القهوة» رحلة حبة البنّ من المزرعة إلى الفنجان. فما أرادته الرومي منذ بداياتها الاستثمار في علوم الغذاء وعلوم الحواس معاً. وهي تنصح الشبان والشابات الذين يبحثون عن أفكار استثنائية بالقول: اعرفوا ماذا تريدون. هذا هو السؤال الأصعب الذي يمكن أن تطرحوه على أنفسكم: ماذا نريد؟ وحين تحصلون على الجواب الحقيقي تكونون قد قطعتم شوطاً إلى الأمام. تطوير الأهداف ضروري أيضاً. ومثله وجوب ألا تقضوا العمر وأنتم تقارنون أنفسكم بالآخرين.