في المنزل مازلتُ متعلقة بركن القهوة، الذي صممته وجهّزته في بدايات أزمة «كوفيد-19»، وعلى بُعْد خطوات زاوية المكتب ومكالمات الفيديو، مثل: «زووم» وغيره، للمشاركة في فعاليات دولية ومحلية بحكم أدواري المتعددة، ولا تقل عنها أهمية تجهيزات الرياضة المنزلية (الجيم). هو المنزل ذاته، بما يحمله من ذكريات ومعانٍ لي ولعائلتي، لكن «الجائحة» جعلتني أعيد اكتشافه، وإعطاءه معانيَ كانت بدأت تَخْفُت.

من النعم الكبيرة علينا في دولة الإمارات أن الحياة عادت إلى حالتها الطبيعية، ونعيش حالياً مرحلة هي أقرب إلى ما بعد «كورونا»، لكن رغم متعة الخروج والاستمتاع بالمحيط، فإن منازلنا أصبحت لها مكانة وأدوار مختلفة في عقولنا وأرواحنا.. فما كان لا يمكن الاستغناء عنه بالأمس أصبح خياراً ثانوياً، وعادات العمل والتسلية واللياقة وتنمية الذات كلّها قد تغيّرت، حتى العلاقات الاجتماعية، والحيّز الذي اعتدنا منحه للأشخاص في حياتنا، قمنا بإعادة ترتيبها بشكل عفوي.

إقرأ أيضاً:  رفقة الطريق ونقاء المحبة
 

«رمسة عاشة» هذه أردتها مساحة للتفكير في الفرص التي لا مثيل لها، التي سمحت لنا بها «الجائحة»، ففي السابق كُنّا نحتاج إلى ترتيبات ومساحات زمنية نادرة؛ لنتمكّن من حضور فعاليات عالمية، أو أخرى محلية، لكن اليوم، ونحن نقترب من منتصف العام الثاني لـ«الجائحة» عالمياً؛ أصبحت الفعاليات والموارد الفكرية والخبرات كافة على مسافة لمسة زر في هاتفنا، أو لوحنا الذكي.

تقرأون سطوري هذه وأنتم على أعتاب النصف الثاني من العام، تنظرون كيف مرّت شهوركم الأولى في 2021، وتراجعون أهدافكم وطريقة تحقيقها. لذا، وأنتم تقومون بذلك، لا تقاوموا شعوركم بأن كثيراً من عاداتكم وجزئيات روتينكم اليومي يجب أن يتغير، واسمحوا لأنفسكم بتجربة تجمع بين ما أحببتموه في العادات الجديدة بعد «الجائحة»، وبين ما كنتم مرتاحين له قبلها.. فبين المنطقتين مساحة مملوءة بالإبهار والفرص الجديدة. 

أعيدوا تعريف أهمية الوقت، وكيفية تخصيصه في العمل والحياة الخاصة، أنشئوا قائمة فرص علمية ومهنية متاحة افتراضياً، واستثمروها، ابحثوا عن مرشد مهني سواءً كان خبيراً أو شخصاً تعتبرونه قدوة مهنية أو حياتية، واستثمروا فرصة وفرة قنوات التواصل الرقمي، مثل «زووم»، وغيره. 

قد نكون، ذهنياً، بدأنا ننظر إلى «الجائحة» على أنها ماضٍ، ولا نتذكرها إلا لحظة خروجنا وارتداء الكمامات، وغيره من الإجراءات الوقائية المهمة، لكن مهما حاولنا فبداخلنا العديد من الأمور التي تغيرت بلا رجعة. لذا، أردت، عبر رمستي، أن نستثمر هذه المساحات الجديدة، لتكون مدخلاً مملوءاً بفرص التطوّر، وإسعاد النفس، ونحن نخطو نحو عالم جديد.. بدأنا استكشافه!