في كثير من الأحيان، نسمع عن مشاكل الصحة النفسية، خاصة الإصابة بنوبات الاكتئاب بالنسبة للمرأة، بسبب طبيعتها الحساسة التي جبلت عليها، فضلاً عن تغير الهرمونات بسبب الحمل والولادة وغير ذلك. لكن الرجل، أيضاً، يمكن أن يمر بتقلبات مزاجية تؤثر في صحته النفسية، وقد تصل إلى حد الاكتئاب، الذي قد يؤثر بدوره بشكل سلبي في أدائه وعطائه اليومي وإنجازاته.
في الأسبوع العالمي للعناية بصحة الرجل، توضح لنا الدكتورة ماريات عاقلة، أخصائي نفسي أول بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الرجل بالاكتئاب والعلاج.. ونسألها:

  • الدكتورة ماريات عاقلة

* ما الأسباب التي قد تؤدي لإصابة الرجل بالاكتئاب؟
- لا يوجد فارق بين الرجال والنساء في ما يتعلق بالصحة النفسية؛ حيث تؤثر الظروف والأحداث في كلا الجنسين، لكن طريقة التعامل مع المشاعر والأحاسيس، وفهمها، والتعبير عنها تختلف بين الرجل والمرأة، إلى جانب الاختلاف في طبيعة الأعراض. وهناك أسباب لا حصر لها قد تؤدي لإصابة الرجل بالاكتئاب، مثل فقدان أحد الأحبة، أو مشكلات العلاقات الشخصية والمالية والعملية والضغوط اليومية، بالإضافة إلى الحالات الطبية مثل الإصابة بالأمراض، كما قد تلعب العوامل الوراثية دوراً في ذلك أيضاً، وذلك عند وجود تاريخ عائلي من الأمراض النفسية.

* ما علامات الاكتئاب وأعراضه عند الرجل؟
- تختلف علامات وأعراض الاكتئاب بين الرجال والنساء، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى الطريقة التي يتعامل بها كلا الجنسين مع مشاعره، وانفتاحه للحديث عنها، وفي الوقت الذي يُخفي بعض الرجال مشاعرهم، ويبدو عليهم الغضب أو العصبية أو العدوانية، قد تشعر فئة أخرى منهم بالتعب والإحباط، ويفقدون اهتمامهم بالعائلة والأصدقاء والهوايات والعمل، كما قد يعاني بعض الرجال أيضاً الأرق، أو أعراضاً جسدية أخرى، مثل: اضطراب دقات القلب والصداع والألم ومشاكل الجهاز الهضمي. ويمكن للاكتئاب، أيضاً، أن يسبب الإفراط في الأكل أو نقص الشهية، وصعوبات في التركيز والذاكرة، فضلاً عن الشعور بالحزن واليأس.

العلاج النفسي
* ما طرق علاج الاكتئاب؟
- تبدأ رحلة العلاج الصحيحة من خلال التشخيص المناسب أولاً، ويتطلب علاج الاكتئاب الاعتماد على طرق العلاج النفسي، أو بالأدوية، وفي بعض الأحيان قد يتطلب اللجوء إلى الطريقتين معاً. غير أن العلاج النفسي يتيح للشخص مجالاً للتعبير والتحدث عن مشاعره وعواطفه المكبوتة، والمواقف التي تسببها، إلى جانب مناقشة أسلوبه في التعامل مع بعض الضغوط، وغالباً يكون العلاج النفسي كافياً في حد ذاته لعلاج الاكتئاب، دون الحاجة لاستخدام الأدوية.

* هل يمكن لنظرة الرجل تجاه مظهره أو بنيته الجسدية أن تؤثر في صحته النفسية أيضاً؟
- لا يعتبر القلق حول مظهر الجسم مشكلة نفسية بحد ذاتها، لكنه قد يكون عاملاً مساهماً بذلك، ويؤدي إلى تدني نوعية جودة الحياة، والشعور بالضيق النفسي واضطرابات الأكل والاكتئاب، وفي بعض الحالات حينما يركز الرجل على مظهره الجسماني وصورته قد تكون هناك بالفعل حالة نفسية أساسية، مثل: اضطراب التشوه الجسدي، أو اضطراب الشخصية النرجسية، أو اضطراب الوسواس. 

طلب المساعدة
* ما أهم النصائح الموجهة للرجال لإدارة صحتهم النفسية بشكل أفضل؟
- إلى جانب النصائح الاعتيادية المعروفة، مثل: الحصول على النوم الكافي، وتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة، والتواصل المنتظم مع الأصدقاء والعائلة، ينبغي على الأشخاص اعتياد مواجهة مشاعرهم وأحاسيسهم، ومعرفة أن التحدث عن ذلك بصراحة وانفتاح مع الأشخاص الذين نثق بهم من الأمور المهمة جداً، مع طلب المساعدة المتخصصة عندما تصبح الأمور صعبة ومليئة بالتحديات، ويشكل دعم الأسرة جزءاً أساسياً في التعامل مع هذه الحالة، إلى جانب التخلص من الفكرة النمطية عن الرجل القوي، حيث إن الرجال لديهم أيضاً مشاعر ومخاوف وأفكار تؤثر فيهم، وينبغي علينا أن نتذكر ذلك دائماً.