ضاع منذ أيام خلخالي!

سلسال ذهبي صغير، ظل يحيط بقدميَّ لسنوات، أرجح أنه سقط مني في مشوار قمت به إلى مجمع تجاري. 

لم أشعر بفقدانه حينها، حتى عدت إلى البيت؛ فأحسست بمحيط قدميَّ الخاوي.

الغريب أنني، ولأيام عدة تلت ذلك اليوم، أصبحت أشعر بوجوده متأرجحاً حول قدميَّ!

تشبه حالتي مع الخلخال حال العديد من العلاقات التي تربطنا بأشخاص حولنا أو أشياء في حياتنا، حيث تحكم هذه العلاقات حالة من «الاعتيادية».

يكون الشيء موجوداً أمام أعيننا، قد نستخدمه، قد نراه، أو تفرض علينا اعتيادية وجوده ألا نراه من الأساس، فهو يملأ فضاء المكان دون أن نلحظه!

أما الأشخاص في حياتنا؛ خاصةً من تربطنا بهم علاقات وثيقة كالمعايشة اليومية، فإن وجودهم ما هو إلا من ضمن المسلمات الثابتة، وفي كثير من الأحيان قد لا نشعر بوجودهم إلا حينما نفقدهم لسببٍ ما، وهذا ما يُحزن في الأمر؛ إذا فكرنا فيه بجدية! حينما نعتاد وجود أحدهم في حياتنا؛ تأخذ علاقتنا به شكل المسلمات المتناهية، التي نعتقد أنها ستبقى موجودة في حياتنا طول العمر، وأننا لن نفقدها يوماً.

إقرأ أيضاً:  د. عائشة بن بشر تكتب: العالم الجديد
 

نفقد مشاعر الدهشة إزاء ما يقوم به هذا الشخص، لا نلتفت إلى تغيير قام به، قد تنقطع بيننا وبينه لغة الحوار، ولا نشعر بالشغف لأن نتشارك معه نشاطاً ما؛ لأننا متيقنون، بجهالة، أن هذا الشخص سيظل إلى جانبنا ولن نفقده!

الزوج - على سبيل المثال - الذي لا يلتفت إلى تفاني زوجته في إرضائه، وتضحياتها من أجله، ومن أجل تماسك بيتهما، قد يرى أن ما تفعله زوجته من المسلمات التي لن تتغير مهما حدث، فيتمادى ويتهاون في تقدير ما تقوم به، حتى إذا ثارت الزوجة على الوضع؛ فإنه يعتبر ذلك استهتاراً منها بحياتهما الزوجية.  أما الصديق الذي يقابل ما يقدمه صديقه ببرود، وعدم مبالاة؛ فإنه يقتل في نفس صاحبه مشاعر الإيثار والصداقة العميقة. 

الخلاصة.. نحن أسرى الاعتياد!

نقع في فخه، فلا نستطيع التحرر بسهولة، فيما لو تنبهنا إلى خطره.

نتركه يتلاعب بمشاعرنا؛ فنفقد الدافع لأن نحافظ على ما نملكه، إلى أن نفقده ونخسره بعد فوات الأوان.