يُعَد يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة من أفضل أيّام شهر ذي الحجّة الذي هو من الأشهر الحرم، ويوم عرفة من الأيّام التي أثنى الله تعالى عليها في القرآن الكريم، واصفاً إيّاها بالأيّام المعلومات؛ فقد قال: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ).

فضل صيام يوم عرفة

يعتبر صوم يوم عرفة من السنن المؤكدة لغير الحاج، ولصيامه فضل عظيم يترتب عليه، حيث صامه النبي صلى الله عليه وسلم وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ورَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»، أخرجه مسلم.

الإكثار من الأعمال الصالحة

كما يُستحَبّ في هذا اليوم الإكثار من الأعمال الصالحة، كالحرص على أداء النوافل، والإكثار من ذِكر الله تعالى، ومن الصدقة في سبيل الله تعالى؛ لأنه يعتبر من أفضل الأيام؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة».

ذكر الله

يُسنّ الإكثار من ذِكْر الله تعالى في يوم عرفة، في أي وقت من أوقاته، وفي أي حالٍ من الأحوال، جلوساً، أو قياماً، أو اضطجاعاً، ومن صور ذِكْر الله: التكبير، التهليل، والتحميد، وغير ذلك، إذ قال النبيّ صل الله عليه وسلم: "ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ".

صيام عرفة بالنسبة للحاج

وبالنسبة للحاج فقد ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج ولو كان قوياً، وصومه مكروه عند المالكية والحنابلة وخلاف الأَولى عند الشافعية؛ لما روت أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ، أخرجه البخاري.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أخرجه الترمذي.

إقرأ أيضاً:  وقفة عرفة
 

الحكمة من كراهة صوم عرفة بالنسبة للحاج

قيل: لأنه يضعفه عن الوقوف والدعاء، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزواره.

وقال الشافعية: ويسن فطر يوم عرفة للمسافر والمريض مطلقاً، وقالوا: يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلًا، لفقد العلة.