لم يقبلن الفشل وبحثنّ عن القمم، وكنّ دائماً على ثقة بقدراتهنّ، وبربهنّ، فتميزنّ واجترحنّ القوّة من قلب اللامألوف، وجعلنه مألوفاً مقبولاً رائعاً. فكمّ هو جميل أن يتغلب الإنسان على ما يتصوره البعض ضعفاً في الحياة، ويتألق ويفرح وينجح، ويُصبح مثلاً إيجابياً ومثالاً؟. هنّ 4 نساء من 4 دول عربية حلقنّ عبر «السوشيال ميديا»، وأصبحنّ أيقونات في مجالاتهن.. فما رأيكم بعارضة أزياء، واثقة بنفسِها، مصابة بالبهاق؟! وماذا عن جميلة ثانية باتت أيقونة موضة الحجاب وبلغت العالمية؟!. وثالثة ذات لون أسود حولته، بإصرارٍ، إلى ذهبيّ رائع؟. ورابعة تعاملت مع توحد طفلها بصبرٍ وإيمان وحاكته بالعينين والقلب قبل النطق والحروف؟.. هنّ نساءٌ أربع، بتنّ «تريند» في الإيجابية، واستحققن أن «نتبعهنّ» لنستمدّ من خطواتهنّ قوّة وثقة بأنه لا مستحيل تحت الشمس.

 

  • الكويتية دلال الدوب.. امرأة استثنائية

نعرفها باسم الفاشينيستا «دلاليد» (مواليد 1986)، هي مدونة كويتية محجبة عصرية ذات شخصية لا تلين، كل ما ترتديه يليق بها، وهي لا تهمل سانحة إلا وبحثت فيها عن ما يليق بالمرأة العربية، التي تنشد الأناقة في الثياب، والتميّز في الأداء. تحب الحيوانات وتهتم بها، وتدافع عنها، وتُدلل دائماً قطتها «جوجو». باتت قدوة لكثيرات يتعلمن منها أناقة وضع الحزام والوشاح، والتعامل مع الجمال الداخلي قبل الخارجي «فما ينبع من الداخل أقوى من كل المساحيق والموديلات». فهي تدعم المرأة المحجبة واللباس المحتشم بأسلوب «فاشن». وتلفت النساء دائماً إلى أن الحجاب لم يمنعها من الوصول إلى العالمية. وتُكرر كلما أطلّت: «انشروا الجمال في السياسة والثقافة والاقتصاد والمجتمع، وليكن في كلِّ مكان». لقد باتت «دلال الدوب» قدوة لنساءٍ كثيرات يتبعنّ جديدها عبر حساباتها على السوشيال ميديا وقناتها الرسمية. وهي نباتية، وهدفها الأول، من خلال كلّ ما تفعل، تمكين المرأة العربية والتصدي بجرأةِ لكلّ مَن (وما) قد يسيء إلى امرأة. وقد شاركت في حملات اجتماعية عدة، جازمة حاسمة بالقول: «لن أسكت عن جريمة التحرش». وطبعاً، حينما يلتقي الجمال مع الأناقة مع الثقافة مع الجرأة؛ نُصبح أمام امرأة استثنائية من دولة الكويت. 

 

السعودية شهد سلمان.. تغيير الأفكار الجامدة 
هي فتاةٌ سعودية حطمت نمطيات كثيرة، فأطلّت عارضة أزياء مذهلة، يغزو جلدها البهاق، وهو مرض جلدي نادر يصيب 1% فقط من سكان الأرض، ونصيبها أنها واحدة منهم. فتاةٌ ناعمة، بعينين واسعتين، وخطوات واثقة، وبكثير من علامات البهاق على وجهها، حول الشفتين، والتي غزت جلدها الأسمر بمساحات بيضاء، جاعلة الناس، في البداية، تنفر. لكن شهد قررت أن تتحدى وتثابر، وأن تثق بنفسِها، وتنظر إلى أعلى، إلى النجوم، وتحلم. فوثقت بمميزاتِها ولم تستسلم حتى أصبحت مصدر إلهام لكثيرات وكثيرين.
شهد سلمان أول عارضة أزياء عربية سعودية مصابة بالبهاق، انضمت إلى العارضة العالمية «ويني هارلو» المصابة بالداء نفسه، وظهرتا معاً، اليدّ باليدّ بالتحدي ذاته، فنجحتا في جعل الرؤوس تستدير إليهما إعجاباً وليس شفقة. هذا لا يعني طبعاً أنها ولدت قوية بل أصبحت، بمقاومتها الأفكار السطحية، هكذا. نتابعها عبر صفحاتها على السوشيال ميديا، فنجد امرأة يافعة بشعر أسود طويل. وها هي تُذيل صورة لها بشعرها الجميل، الذي تستمد منه «قوة وثقة»، بمقولة: «لا يوجد شيء أكثر إرضاء من حبّ الذات، وقيمك الذاتية، وإيمانك بنفسك.. هذه هي رسالتي إلى العالم». 
شهد الجميلة هنأها العالم، فقد أسهمت في تغيير نمطية الأفكار الجامدة الجاهزة. 

الإماراتية سلامة محمد.. تحوّل النقمات إلى نِعم
عانت سلامة، أيضاً، بعض علامات البهاق، التي قوّتها وعززت فيها روح الإيجابية، لكن سماعها: أن طفلها الأصغر، ملاكها، يعاني التوحد «قلب» أولوياتها، وجعلها تتأكد لاحقاً أن الحياة لا تنسحب أبداً من بين الأنامل، بل تحمل كثيراً من الصدف، وفي كثير منها «نِعم سماوية»، بأشكالٍ قد لا نفهمها بسهولة. فما قد نصادفه يجعلنا أقوى. وما قد نخاله «آخر الدنيا» قد يكون بداياتها. 
ابتسامة سلامة العريضة تحمل، في حدّ ذاتها، كثيراً من الأمل. وحينما تقترن مع ضحكات زوجها خالد العامري، ووجهَيْ طفليهما الجميلين: خليفة وعبدالله، نكون أمام عائلة تزرع، أينما حلت وكيفما أطلت، الإيجابية والفرح والابتسامة، فهي عائلة، رغماً عن الحزن، سعيدة. سلامة وخالد، وخالد وسلامة، في كلِ مكان.. يعدان الطعام معاً.. يسافران معاً.. يبتسمان معاً.. ويغنيان ويصفقان ويرقصان ويقومان بأعمال فيها كثير من الإنسانية أيضاً معاً. نتابعهما عبر «السوشيال ميديا» وهما يقومان بجولات ميدانية في شوارع بيروت، بعيد الانفجار الكبير الذي ألمّ بالعاصمة اللبنانية، يوزعان مع «اليونيسف» التبرعات على المتضررين، ويلتقيان الأطفال في مركز سرطان الأطفال. معهما نتأثر، ندمع، نبتسم، نتأمل، نصبر، نحلم. 
هناك، عبر صفحات سلامة محمد في «السوشيال ميديا»، يمكننا أن نمضي وقتاً مع عائلة إماراتية عرفت كيف تحوّل النقمات إلى نِعم، وكيف تقطع الجسر بين ضفتي اليأس والأمل، بنجاح. هناك يمكننا أن نبتسم بعفوية وإيجابية، ونتعلم أن القبول بإرادةِ الله هو أحد أسرار الفرح. 
وسلامة، لمن لا يعرف، هي امرأة تعشق الموضة والأزياء أيضاً، وتحب اللؤلؤ كثيراً، وارتداء الزيّ التقليدي الإماراتي. 

 

المصرية - المغربية إيمان همام.. مصارعة العنصرية
تملك عارضة الأزياء إيمان، ذات الجذور المصرية - المغربية، الجنسية الهولندية أيضاً، وتفخر كثيراً بتراثِها وأصولها. أرادت منذ تفتحت براعمِها في هذه الدنيا «مصارعة العنصرية» تجاه اللون، فأطلّت مرات ومرات مرددة: «أنا امرأة سوداء قوية، وفخورة بثقافتي ولوني وأصلي وفصلي». كلّ التحدي الذي تعيشه إيمان وتريده، نتأكد منه ونحن نقلب صفحتها على «إنستغرام». نراها تُكثر من ارتداء اللون الأسود، كأنها تحاول بذلك، أيضاً، أن تتحدى. «فالأسود يليق بها أيضاً». نراها تُكثر من الأسئلة مثل: «لماذا تُقابل أخطاء الفتيات البيضاوات بالتعاطف والتفاهم، في حين تعاقب الفتيات السوداوات على ذلك؟».. ثمة مرارة سعت إيمان إلى كسرها وتحطيمها. 
كلّ من عرفها عن قرب يجزم بأنها لطيفة جداً، وطالما ارتدت حذاء والدتها، ذا الكعب العالي، وهي في السابعة من عمرها. وأكثر ما كان يُربكها هو شعرها المجعد، ولون بشرتها. ولم تكن عائلتها تملك المال؛ لذلك كانت تصنع أشياءها بنفسِها. تجاربها وهي صغيرة جداً وضعتها نُصب عينيها حينما أصبحت صبيّة. وهمها الأكبر اليوم أن تقول لكل فتاة سوداء: انظري إلى نفسكِ وجلدكِ بفخر، وثقي بجمالكِ وقدراتكِ. 
نقلب أكثر بين صورها، فنراها تسافر كثيراً، وتحط بين حين وآخر في بلاد يطغى فيها العرق الأسود. نراها تقف بين فتيات سوداوات تردد لهنّ: «أنتنّ، أيضاً، بنات الجيل الجديد، يمكنكنّ تحقيق كل شيء».