اعْتَدْتُ، في الساعة الرابعة عصراً من كل يوم، أن يرنَّ منبه هاتفي؛ ليذكرني بالاتصال بهما: جدتي مريم بنت عبدالرحمن، أطال الله في عمرها، وخالتي عفراء بنت خليفة (خالة الوالد)، رحمها الله. في ظروف «الجائحة» أحاول أن أقلل زياراتي إليهما خوفاً عليهما، لكنني أُكثر من الاتصال بهما هاتفياً؛ لذلك أضع المنبه لتذكيري بسبب مشاغل الحياة وكثرتها. في يوم الخميس 2021/8/12، الساعة الحادية والنصف ليلاً، جاءتني رسالة نصية من ممرضتها «إلينور»، تخبرني بأن خالتي عفراء قد فارقت الحياة. 
 ولدت خالتي عفراء في ثلاثينات القرن الماضي، وفي نظري المتواضع هي مثال جميل للمرأة الإماراتية الناجحة. كانت، رحمها الله، شخصية رائعة وذكية، أعجبت بها منذ صغري، وأراها قدوة لي؛ فهي سيدة قوية الشخصية، أنيقة، ماهرة في كل ما تقوم به، تحب إتقان العمل، دقيقة، وكريمة، فهي سخية إلى أبعد الحدود. 
 تربت خالتي عفراء على مهارات عدة، وبرعت فيها، مثل: الخياطة، وصناعة العطور والدخون، واشتهرت ببراعتها في صنع المخمرية، وشجعتها أسرتها على ممارسة التجارة؛ فسافرت إلى الهند في ستينات القرن الماضي، وعملت في تجارة الأقمشة والعطور والدخون. وفي في التسعينات افتتحت محلها المعروف باسم «الشامخ» في دبي. أحب عطورها ودخونها وعطر فراشها، وخلطة العود مع عنبر الزرق المفضلة لديَّ، وأتمنى - يوماً ما ـ أن أَبْرَع في صناعتها مثلها. فخالتي عفراء عملت، واجتهدت، وصنعت، وتاجرت، في زمن كانت الموارد فيه جداً بسيطة؛ حتى اشتهرت خلطاتها الفواحة في الإمارات، وخارجها أيضاً. عفراء بنت خليفة نموذج ناجح للمرأة الإماراتية، التي برعت في مجال الصناعة والتجارة، وهناك الكثير الكثير، أيضاً، من القصص الملهمة للمرأة الإماراتية في المجالات المختلفة.
 رحم الله عفراء بنت خليفة بن ضاحي الفلاسي، وأسكنها الفردوس الأعلى، وعطرها بعطور الجنة ورزقها نعيمها..
 وكلَّ عام والمرأة بالإمارات في تقدم وخير وازدهار.