العودة إلى المدارس.. عودة إلى الحياة

لم يخفِ ارتداء الكمامات فرحة الطلبة وسعادتهم بعودتهم إلى المدارس بعد غياب عن مقاعد الدراسة، فرضته الظروف الاستثنائية لجائحة «كورونا»، خلال العام الدراسي الماضي.. فالعودة إلى المدرسة هذا العام لها مذاق خاص جداً، فالطريق إلى المدرسة لن يكون مجرد «عودة إلى المدارس»، بل هو «عودة إلى الحياة».. عودة مغلفة

لم يخفِ ارتداء الكمامات فرحة الطلبة وسعادتهم بعودتهم إلى المدارس بعد غياب عن مقاعد الدراسة، فرضته الظروف الاستثنائية لجائحة «كورونا»، خلال العام الدراسي الماضي.. فالعودة إلى المدرسة هذا العام لها مذاق خاص جداً، فالطريق إلى المدرسة لن يكون مجرد «عودة إلى المدارس»، بل هو «عودة إلى الحياة».. عودة مغلفة بطعم الحنين إلى الزميل والمقعد والمعلم.. حنين إلى حماس ترديد نشيد الصباح وتحية العلم.. حنين إلى الحياة وطبيعتها. 
 في التحقيق التالي، تستطلع «زهرة الخليج» رأي طلاب وأولياء أمور، فضلاً عن مستشارين في التربية وعلم النفس، حول عودة التعليم من المدارس، وما يمثله من أهمية للطلاب وذويهم.
 
 لقاء الزملاء
 بدايةً، تقول الطالبة جنا بلال مطيع: المدرسة هي المكان الجميل، الذي أستطيع فيه أن أعبر عما يجول بفكري وخيالي، أحب رؤية المعلمة والأصدقاء، وأشعر بالسعادة والفرح خلال وجودي بالصف بين زميلاتي.
 ويوضح الطالب عمر علي قدورة أن المدرسة تمثل بالنسبة له الحياة الحقيقية؛ فقد عانى كثيراً المكوث بالمنزل لفترات طويلة، بسبب ظروف الجائحة، يقول: اشتقت إلى الالتقاء مع رفاقي ومعلمتي، والذهاب إلى مختبر المدرسة، وحضور دروس الفن، لاسيما أنني أرغب في أن أصبح مهندساً معمارياً عندما أتخرج في الجامعة مستقبلاً، وبالطبع المدرسة هي أول الطريق لتحقيق حلمي.
 
 نتائج إيجابية
 إيمان خليل، ولية أمر طالب يدرس في المرحلة الابتدائية، تقول إن التعليم الحضوري يُمكن الطلاب من التفاعل مع معلميهم وزملائهم، وبالتالي يثمر نتائج إيجابية، خاصة بالنسبة لطلاب رياض الأطفال والتعليم الأساسي حتى الصف السادس، وهذه النتائج تتعلق بتكوين شخصية الطالب.
 من جانبه، يرى سليم المهيري، ولي أمر طلاب بالمراحل: الثانوية، والإعدادية، ورياض الأطفال، أن التعليم عن بُعْد كانت له إيجابيات كبيرة أثناء «الجائحة»، حيث أتاح استمرار الطلاب في تلقي تعليمهم، ومكنهم من التحصيل الدراسي دون أي تأخير بالنسبة لعمرهم، لكنه لا يتناسب مع الأطفال دون الـ12 عاماً، خاصة لرياض الأطفال.
 

 الحب والفرح
 من جهتها، تقول الكاتبة آمال الأحمد: كم اشتقت إلى رؤية حافلات المدرسة، التي تنقل طلابنا إلى مدارسهم، فعندما نلقي نظرة عليها نلمح الطفل الذي راح بخياله بعيداً إلى حيث يحب، الطفل المشاكس الذي يحاول إضحاك الآخرين وإثارة الشغب اللطيف أحياناً، الطفل الذي يبتسم للجميع ملوحاً بيده لهم، كأنه يقول: «أنا متجه إلى حيث الحياة والحب والفرح».
 وتلفت الأحمد النظر إلى أن الطلاب الذين تسمروا أمام الأجهزة اللوحية، من خلال التعليم عن بُعْد، يحاولون الفهم تارة، وتارة أخرى بناء علاقات مع وجوه مبهمة بالنسبة لهم، لا يعرف الطالب إن كانت تبتسم له، أو تحاول التواصل معه، ذلك التواصل الذي كان جميلاً وحياً في أروقة المدرسة، وبين الفصول المختلفة. الآن، سيحتضن الطفل بعينيه معلمته وأصحابه، سيشعر بطعم آخر للكلمات وهي تنساب في الصف كنهر ساحر من الأغنيات، سيتعلم من الخطأ دون الهروب منه بإغلاق الكاميرا، أو إسكات الصوت، كما يحدث في التعليم عبر الإنترنت.
 
 مهارات حياتية
 تشير الدكتورة نعيمة قاسم، المستشارة التربوية والأسرية، إلى أن العودة للمدارس هي عودة الطلبة للحياة التعليمية الملامسة لمشاعرهم، في بيئة تربوية تجعل الطالب يكتسب العديد من المهارات الحياتية، عبر التعلم التعاوني مع أقرانه، والمشاركة الإيجابية بالتواصل والحوار الذي يسهم في بناء شخصيته مع المجتمع المحيط به، ودفعه للتنافس والنقاش، وخوض التجارب العلمية، وممارسة مهارات الرياضة والفنون، فضلاً عن استنشاق الهواء النقي، واستقبال أشعة الشمس المشرقة. وتضيف: ورغم ذلك، فلا نستطيع أن نتجاهل إيجابيات التعليم عن بُعْد أثناء «الجائحة»، وكيف كان حلاً ناجحاً في دولة تمتلك بنية تكنولوجية عملاقة، جعلت عجلة التعليم لا تتوقف.
 وتلفت قاسم إلى أهمية الدور الكبير للآباء والأمهات في تهيئة الأبناء للعودة براحة نفسية واطمئنان كبير، بأن سلامتهم هي الدرجة الأولى، ثم التعليم المبني على الاحترام والتقدير للمعلمين ولرفقاء المقاعد، خاصة بعد فترة الانقطاع الطويلة، والاستعداد بجد واجتهاد وشوق لكتب المناهج الدراسية، لتحقيق التفوق، وإثبات الذات من أجل بناء الأوطان.
 
 ضغط نفسي
 بدورها، تقول الدكتورة دولي حبال، اختصاصية تشخيص ومعالجة الأمراض النفسية في أحد المراكز الطبية بأبوظبي: عادت الحياة بالمدرسة مرة ثانية، والطلاب فرحون بهذه العودة. أما أولياء الأمور فهم في حالة ترقب، وهناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهانهم، منها: كيف يستعد الطلاب نفسياً للعودة إلى المدرسة، بعد فترة الغياب الطويلة التي فرضتها «الجائحة»؟ وكيف يشعرون حيال ذلك؟ وما التحديات التي قد تواجههم؟
 وتضيف: يفضل الطلاب الذهاب إلى المدرسة، ويجدون ذلك أمراً رائعاً، بسبب التفاعل البشري الذي لم يحظوا به، خلال التعلم عبر الإنترنت، ويتطلعون أيضاً إلى مقابلة زملائهم ومعلمات الصف، وعلى الطلاب أن يتعاملوا مع جميع التحديات التي ستسبب لهم المزيد من الضغط النفسي، والشعور بزيادة المسؤولية تجاه التعليم والدراسة، فضلاً عن الضغط بسبب توخي الحذر من الإصابة بعدوى «كوفيد-19»؛ لذلك علينا توعية الطلاب، من جانب الأسرة والمدرسة، بأهمية مراعاة التدابير الاحترازية، وتشجيعهم على مواكبة الوضع الجديد، وأهمية التفاعل مع المعلم والطلاب رفقائهم في الصفوف الدراسية.
 

بيئة تعليمية آمنة 
 استعد القطاع التعليمي الإماراتي لتوفير بيئة تعليمية آمنة، محفزة على الإبداع والابتكار، وبجودة عالية. وقامت المدارس بتعقيم المباني، وتوفير المنصات، والتقيد بإجراءات الأمن والسلامة، فضلاً عن توفير الجهات الصحية اللقاحات للطلاب، ووضع الاشتراطات اللازمة لأخذها، إلى جانب الفحوص الدورية، ووضع القوانين الملائمة لتوفير البيئة الآمنة.