تحلم كل امرأة بالحفاظ على رشاقتها وجمال مظهرهاـ خاصة من اكتسبت منهن زيادة في الوزن، سواء بسبب الهرمونات التي تتغير بسبب عوامل متعددة، مثل الحمل والولادة وحتى التقدم بالعمر وفترة سن اليأس، أو لأي أسباب أخرى، وقد يفكرن في اللجوء إلى إجراء إحدى جراحات التخلص من السمنة، وبالتالي يرغبن في التعرف إلى جراحات السمنة، وكيفية اختيار الجراحة الأنسب. هنا، يوضح الدكتور حازم المومني، مدير قسم الجراحة واستشاري جراحات السمنة والجراحة العامة في مستشفى دانة الإمارات ـ أبوظبي، أنواع جراحات السمنة، ونصائح ومعلومات حول الحفاظ على الوزن الأنسب، للاستمتاع بحياة صحية لتعزيز جودة الحياة.

  • الدكتور حازم المومني

السمنة المفرطة

كشف الدكتور حازم المومني، بحسب منظمة الصحة العالمية عام 2018، أن أمراض السمنة وزيادة الوزن تشهد ازدياداً ملحوظاً في منطقة الشرق الأوسط، وهناك دولتان في منطقة الشرق الأوسط ضمن 20 دولة في العالم تعاني السمنة المفرطة. وبشكل عام إن مشكلة السمنة في الوطن العربي تصيب الفئات العمرية الصغيرة والنساء أكثر من الرجال، وما يستتبع ذلك من تأثير في الخصوبة والإضرار بالصحة العامة، حيث تشير دراسات منظمة الصحة العامة إلى أن 75% من السيدات في الشرق الأوسط يعانين شكلاً من أشكال زيادة الوزن أو السمنة المفرطة.

ما أسباب لجوء الكثيرين، مؤخراً، لجراحات السمنة المتعددة؟

أصبحت جراحات السمنة في السنوات الأخيرة من أكثر العلاجات شيوعاً لعلاج السمنة المفرطة، وهذا يعود لأكثر من سبب:

الأول: وفق ما أثبتته الأبحاث العلمية الحديثة أن الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة، خصوصاً إذا صاحبتها مشاكل صحية أخرى، مثل: وجود سكري النوع الثاني أو ارتفاع بضغط الدم أو ارتفاع نسبة الدهون، فإن جراحات السمنة من أكثر العلاجات فاعلية في إنقاص الوزن، ونتائجها أكثر استمراراً لفترات طويلة.

الثاني: أفضلية جراحات السمنة كخيار علاجي تعود للخبرات التراكمية المكتسبة في مثل هذه العمليات بالقطاعات الصحية، إضافة إلى ارتفاع معدلات السلامة والأمان المرتبطة بها وانخفاض المضاعفات الطبية المصاحبة لها مقارنة بالسنوات الماضية، فضلاً عن وجود خيارات كثيرة أمام الأطباء والمرضى لإجراء الجراحة المناسبة سواء كانت تكميم المعدة (القص) أو تحويل المسار أو عمليات البالون.

ورغم ذلك ننصح نحن كأطباء وبشدة باتباع نظام حياة صحي بما فيها الحمية الصحية بإشراف أخصائي تغذية، وممارسة الرياضة المنتظمة قبل اتخاذ قرار الجراحة، إن كانت مناسبة للمريض فقط، والالتزام بنظام صحي بعد الجراحة في حال تم إجراؤها.

من الذين يجب عليهم الخضوع لجراحة السمنة؟

هناك عوامل يُبنى عليها قرار إجراء الجراحة لمريض السمنة، منها أن نسبة كتلة الجسم لدى المريض هي التي تحدد قرار الأطباء إجراء الجراحة. وعالمياً ومحلياً، فإن أي شخص تجاوز مؤشر كتلة جسمه (BMI) لديه 35، مع وجود مشاكل صحية مرتبطة بالسمنة مثل السكري أو الضغط أو زيادة الكوليسترول أو تكيّس المبايض مع مشاكل في الخصوبة، أو أن يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) 40 وأكثر من دون وجود مشاكل صحية مرافقة، وفي مثل هذه الحالات ينصح المريض بإجراء جراحة السمنة.

يشار إلى أن مؤشر كتلة الجسم هو صيغة رياضية، لمعرفة الوزن الطبيعي للشخص، وهي عبارة عن ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر (كغم/ متر 2)، مع العلم بأن مؤشر كتلة الجسم لا يأخذ بعين الاعتبار نسبة الدهون، كما يستثنى من هذا الحساب الأطفال أقل من 18 سنة، والحوامل.

على أي أساس يتم اختيار الجراحة المناسبة؟

عمر المريض وحالته الصحية يلعبان دوراً كبيراً في اختيار نوعية العملية الجراحية، فمن الأفضل، على سبيل المثال، لطفل عمره 15 سنة أن تجرى له عملية قص معدة وليس جراحة تحويل مسار، كما أن حالة المريض الصحية تحدد أي نوع جراحة مناسب له، إذا كان يعاني مشاكل طبية معينة، فإن عملية القص أو ما يسمى "التكميم" تعد الأكثر أماناً بالنسبة إليه، كونها تأخذ وقتاً أقل داخل غرفة العمليات، وبالتالي لا يتعرض للتخدير لمدة زمنية طويلة، بينما في حالة مريض السكري من النوع 2، نفضل أن يخضع لعملية تحويل المسار، كما نأخذ بعين الاعتبار أيضاً عند اختيار نوع الجراحة العادات الغذائية للمريض، فإذا كان المريض من محبي تناول الحلويات بكثرة، نلجأ إلى عملية تحويل المسار وليس القص. وطبعاً هناك عوامل أخرى تتعلق بالتدخين، أو أن يكون المريض قد أجرى عمليات جراحية أخرى في الماضي، أو إذا كان يعاني ارتجاع المريء أو ما إذا كان المريض يتناول أدوية معينة من عدمه، كل هذه الاعتبارات توضع في الحسبان وتتم مناقشتها مع المريض لاختيار الجراحة الأنسب له.

الغدة الدرقية

ماذا عن تأثير الغدة الدرقية في زيادة الوزن؟

إذا كانت الغدة الدرقية هي السبب الرئيسي للسمنة فيتم علاجها بالأدوية وليس الجراحة، ويمكن للمريض تناول الأدوية المنشطة للغدة لإنقاص وزنه. أما إن لم تكن السبب الرئيسي المسبب للسمنة، فهي لا تؤثر في قرار العملية.

مرضى السكري

كيف تؤثر جراحات السمنة في حالة مريض السكري من النوع الثاني؟

مرضى السمنة إذا كانوا حديثي العهد بمرض السكري من النوع 2 (أي أنه تم تشخيصهم بالسكري خلال فترة زمنية تقل عن سنتين)، وخضعوا لنوع من جراحات إنقاص الوزن، فمن الممكن جداً ألا يحتاجوا لتناول أدوية السكري مرة أخرى، حيث إن المريض تخف عنده حدة السكري بصورة تلقائية. وإذا كان مريض السمنة يعاني السكري منذ فترة طويلة، وخضع لجراحة السمنة، فإن حالته الصحية تتحسن أيضاً، وقد يستغني عن بعض أدوية السكري. كلما كانت الجراحة مبكرة لمريض السكري فإن ذلك يعني تخلصه من مرض السكري بصورة أفضل، والسبب في ذلك أن مقاومة الجسم ضد الإنسولين تكون مرتفعة  لدى مرضى السمنة والوزن الزائد، حيث إن النسيج الدهني في الجسم يقاوم الإنسولين، وعند تخفيف النسيج الدهني من خلال جراحات السمنة تقل بطبيعة الحال مقاومة الإنسولين وتتحسن حالة مريض السكري.

التجهيز للجراحة

ما الإجراءات التي تتم قبيل التجهيز لإجراء جراحة السمنة؟

جميع أنواع العمليات تتشابه من حيث التجهيز، حيث لابد من عرض المريض أولاً على طبيب الباطنية لمعرفة حالة القلب والرئة وإجراء الفحوص اللازمة على أجهزة الجسم بالكامل، وكذلك عرضه على إخصائية التغذية، لمعرفة الأنماط الغذائية وتهيئته لما بعد العملية، وكذلك يتم تقييمه من قبل الأخصائي النفسي للدعم النفسي، وفي بعض الحالات الطبية الخاصة قد يحتاج المريض استشارة بعض التخصصات الطبية الأخرى، مثل: طبيب القلب والجهاز الهضمي والأمراض الصدرية. وقبيل العملية تتم أيضاً استشارة طبيب التخدير، وهذا هو ما نقدمه من حيث شمولية الخدمة لجميع مرضى جراحات السمنة في مستشفى دانة الإمارات بأبوظبي، والذي تم اعتماده كمركز متميز لجراحات السمنة من قبل جمعيات عالمية ومنها جمعية التقييم الجراحي الأميركية.

أخصائي التغذية

متى تتم استشارة أخصائي التغذية؟

جميع المرضى الذين خضعوا لجراحة السمنة يزورون أخصائي التغذية قبل العملية ومباشرة بعد العملية، لأخذ المشورة المتعلقة بالغذاء بعد العملية، وهي تتلخص في الالتزام بالسوائل من أسبوع لأسبوعين، ثم الانتقال إلى الطعام المهروس لمدة مماثلة، حتى الوصول إلى 4 - 6 أسابيع، وبعدها يكون المريض قادراً على تناول الطعام بصورة طبيعية لكن بكميات أقل بكثير بما فيها الطعام الصلب، ويتم نصحه بالأكل الصحي المتوازن باستمرار، مع مراعاة ممارسة الرياضة الخفيفة. وفي العادة ننصح السيدات بتأجيل الحمل مباشرة بعد العملية لمدة سنة كاملة على الأقل.

كم كيلوغراماً، يستطيع مريض السمنة فقدها بعد إجراء الجراحة؟

يشير الكثير من الدراسات الصادرة من الاتحاد العلمي لجراحات السمنة والاختلالات الأيضية (IFSO) إلى أن أعلى نسبة من تخفيض الوزن خلال سنة إلى سنتين بعد إجراء العملية تُشاهد بعد جراحة تحويل المسار على وجه الخصوص، وقد يصل الشخص إلى خفض 75% من الوزن الزائد، وفي جراحة القص (التكميم) يمكن أن يصل خفض الوزن الزائد إلى 50 - 60%، وفي جراحة ربط المعدة النادرة، التي أصبحت أقل العمليات شيوعاً بسبب وجود خيارات أخرى أفضل ونتائجها أفضل على المدى الطويل، تصل نسبة الخفض إلى أقل من 50% من الوزن الزائد، أما إجراء البالون فخلال فترة من 4 إلى 6 أشهر يمكن أن ينقص المريض كحد أقصى قرابة الـ15 كيلوغراماً.

مضاعفات

ما الآثار الجانبية والمضاعفات المتوقعة بعد إجراء الجراحة؟

إن مريض السمنة الذي خضع للجراحة يواجه بعد العملية صعوبات في البلع نتيجة صغر المعدة، وهي حالة تزول بعد فترة من الوقت، أو أنه يعاني الارتجاع المريئي، وقد يشعر البعض بالوهن والضعف العام نتيجة عدم اكتفائه من السوائل والغذاء، وخلال السنة الأولى بعد الجراحة، قد يتعرض نسبة من المرضى لسقوط الشعر وتكسّر في الأظافر. بالنسبة للنساء قد يعانين لفترة عدم انتظام الدورة الشهرية، ولكن في حال الالتزام بأخذ الفيتامينات واتباع تعليمات أخصائي التغذية تزول جميع تلك المضاعفات.

بالون المعدة

ماذا عن بالون المعدة؟ ومن الأشخاص الذين يناسبهم استخدامه؟

البالون عبارة عن جسم مصنوع من مادة السليكون يتم وضعه في المعدة ليعطي شعوراً بالشبع، وهو إجراء مفضّل لأصحاب السمنة من الدرجة الأولى، أما السمنة المفرطة من الدرجة الثانية والثالثة فيفضل لأصحابها الجراحة، مشيراً إلى أن هناك نوعين من البالون: البالون التقليدي، وتجرى عمليته عن طريق المنظار الجراحي ويتم حقنه في المعدة، والأسلوب الجديد للبالون هو الكبسولة، والتي تدخل المعدة عن طريق الفم لتستقر فيها، والمريض في هذه الحالة لا يخضع للتخدير. ومع كلا النوعين للبالون يستطيع المريض الخروج من المستشفى في نفس اليوم.

إقرأ أيضاً:  أطعمة تساعد على فقدان الوزن
 

هل يمكن أن يسترجع المريض وزنه السابق بعد الجراحة؟ ولماذا؟

نعم من الممكن أن يعود المريض إلى سابق عهده من الوزن الزائد بعد العملية الجراحية بفترة، ويعود ذلك لثلاثة أسباب هي: أن عادات المريض الغذائية غير صحية، أو أن تكون الجراحة لم تُجرَ بشكل جيد، أو أن هناك عوامل جينية وراثية لا يستطيع المريض أو الطبيب التحكم بها.

هل ترتبط زيادة الوزن بعدم القدرة على الإنجاب في بعض الحالات؟

نعم، بعض النساء يراجعن العيادات النسائية بسبب عدم القدرة على الحمل، ويكون أحد أسباب ذلك معاناتهن السمنة المفرطة. سأورد لك قصة عن مريضة جاءت إلينا وهي تعاني السمنة، إذ بلغ وزنها حوالي 125 كيلوغراماً، إضافة إلى معاناتها تكيس المبايض وعدم انتظام الدورة الشهرية. فشلت كل محاولات الحمل لديها حتى عن طريق أطفال الأنابيب، لكن بعد خضوعها الجراحة فقدت 50 كيلوغراماً من وزنها، وبفضل الله تمكنت من الحمل والإنجاب بعد العملية. 

أدوية التخسيس

ما رأيك في الاستعانة بأدوية التخسيس المنتشرة بالأسواق؟

نحذر وبشدة من شراء أدوية التخسيس التي يتم بيعها عبر شبكة الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الانسياق وراء الدعايات المستخدمة لترويجها، لأنها مجهولة المصدر وقد تحتوي على مواد ضارة بالصحة وتسبب آثاراً جانبية سيئة، قد تؤثر سلباً في وظائف الكبد والكلى أو تسرّع ضربات القلب. في المقابل، هناك أدوية معتمدة ومرخصة ومتوفرة بالأسواق لعلاج السمنة والوزن الزائد، يجب أن يصفها الطبيب للمريض بعد إجراء عدد من الفحوص الطبية والتقييم للتأكد من أهليته لأخذ هذه الأدوية.

هل من نصيحة أخيرة للحفاظ على الوزن المثالي والتخلص من السمنة؟

اتباع نظام غذائي صحي متوازن، والابتعاد عن المأكولات السريعة والحلويات والمقليات وممارسة الرياضة للحد من اكتساب الوزن والحفاظ على الصحة بشكل عام من الامور المهمة، كما يجب على العائلات تعليم أطفالها منذ الصغر هذه العادات الصحية لحمايتهم من خطر السمنة والأمراض المصاحبة لها ولاكتساب سلوكيات صحية منذ الصغر. وبالنسبة للمصابين بالسمنة، عليهم استشارة الاطباء واخصائيي التغذية لتوجيههم ومساعدتهم في إنقاص الوزن، وأن تكون لديهم العزيمة والاصرار لتحسين صحتهم وخسارة الوزن باتباع نظام صحي، كما أن جراحة السمنة يجب أن تكون وسيلة مساعدة تستخدم جنباً إلى جنب مع العادات الغذائية الصحية، وممارسة الرياضة بشكل منتظم، وكما ذكر في حالات مرضية معينة ومحددة فقط يحددها الطبيب المختص.