نشأت المصممة السعودية، أروى العمّاري، في كنف عائلة تحب الفنون عزفاً ورسماً وتصويراً، على الرغم من أن جميع أفرادها يمتهنون «الطب». فكانت ترسم أشياء تعجب أساتذتها، ويظنون أن شخصاً كبيراً قام برسمها. وعلى عادة المبدعات، بدأت صغيرةً بتصميم أزياء دميتها، لتصمم - بعد تخرُّجها في الجامعة - قطع ملابسها التي ترضي ذوقها.. في حوارها مع «زهرة الخليج»، تكشف المصممة السعودية خيوط تجربتها الثرية، وإسهاماتها في وضع السعودية على خريطة الموضة العالمية: 

• كيف ومتى ظهرت موهبة التصميم لديك؟

- كنت أهتم بالفنون أكثر، لكن ما قادني إلى تصميم الأزياء، بعد أن أنهيت دراستي الجامعية، هو أنني كنت أبحث عن أزياء ولا أجدها في السوق، وكنت أجد ما لا يناسب هويتنا وذوقنا السعودي الخاص. فبدأت أصمم قطعاً لي، وبدأ الناس يسألون عنها.. ومن هنا نشأ اهتمامي بالتصميم، ثم دراسته لاحقاً.

• ما الذي تتذكرينه من أيام الطفولة والشباب؟

- عشت طفولة سعيدة جداً، كان فيها الكثير من السفر والاطلاع على ثقافات أخرى، كنا نزور المتاحف والمسارح بشكل مستمر، فهذا ينمّي في الإنسان الحسّ الفني ومعرفة ثقافات جديدة. بالنسبة للأزياء، أذكر أنني عندما كنت بعمر 6 سنوات، كانت في بيتنا خياطة، قمت بتصميم أزياء لدميتي «باربي»، فخاطتها لي، ولاتزال هذه القطع موجودة. ولم يكن لديَّ آنذاك أي توجه للأزياء، لكن أن تلبس لعبتي شيئاً من اختياري كان فكرة جميلة.

بداية الرحلة

• كيف بدأت رحلتك الإبداعية؟ حدثينا عن إطلاق «Aram Designs»؟ 

- بعد دراسة الماجستير، بدأت أصمم ملابسي التي لاقت إعجاب المحيطين. وبما أنني من الأشخاص المؤمنين بالدراسة، وأن يفهم الإنسان مجال العمل الذي سيعتمده، وأن يتعمق به؛ درست في جامعة «Esmod» الفرنسية، وكانت انطلاقة «Aram» في نهاية المرحلة الدراسية، حينما شاركت في مسابقة للمصمم الناشئ، ومن خلال مجموعة التخرج، أعجب الحكام بتصاميمي، وكانت أول مسابقة أفوز فيها، وبعدها شاركت في عروض أزياء عدة. ومن هنا كانت الانطلاقة عام 2013، وتأسيس علامة «Aram»، وهو شقان: الأول من أروى اسمي «AR»، والثاني «AM» من اسم العائلة العمّاري. وقد فضلت أن يكون الاسم مختصراً وصغيراً؛ لأن توجهي - منذ البداية - لأن تصبح «البراند» عالمية، وأن تكون سهلة التذكر. 

• في البداية دائماً يوجد ملهمون ومشجعون.. من هم؟

- أكبر المشجعين لي كان زوجي «أحمد»، الذي رأى أن لديَّ موهبة مختلفة، قلَّ أنْ توجد.

• أسلوبك في التصميم يتطور مع مرور الزمن، فما الذي تغير في مقاربتك للأزياء؟

- أي مصمم في مشواره المهني أو الفني، ينضج أكثر ويتعلم تقنيات جديدة، ويروي القصص بطريقة أعمق. وما يهمني في التصميم هو أن أروي قصة، وأن يوصل الإلهام شيئاً للناس، لكن طريقة إخبار الرواية وتوصيل الإحساس تنضج مع السنين والخبرة والقراءة والدراسة، فدائماً ألتحق بدورات وأتعلم وأبحث، ومن المؤكد أن المصمم المبتدئ ليس كالمتمرّس. 

مجموعة «فخر»

• كيف بدأت قصة مجموعة «فخر» التي غطتها قناة «BBC»؟

- تم اختياري من قبل قناة «BBC»، وتلقيبي بأكثر العقول إبداعاً في العالم، ومن هنا بدأت قصة مجموعة «فخر»، عندما تواصلت معي القناة. والفكرة أنهم كانوا يرغبون في متابعة المسيرة الإبداعية لإحدى المجموعات، ففكرت حينها بأن 50 مليون شخص في العالم سيطّلعون عليها، ومن الأفضل لي كمصممة أن أصمم تشكيلة مستوحاة من التراث السعودي، وهي طريقة توصل تراثنا إلى العالم. وقد كان قراراً صعباً أن تأتي بشيء تراثي، ليتم تحويله إلى آخر حديث، وهو ما تتميز به تصاميمي. فقررت خوض هذا التحدي؛ لأن نقل تراثي إلى العالم عن طريق الأزياء يعني لي الكثير، وغطت الـ«BBC» الرحلة الإبداعية لمجموعة «فخر»، ونجحنا لأن كثيراً من الناس تابعوا التغطية وعرفونا، وهذا ما أطمح إليه هو أن أكون سفيرة لبلدي عن طريق الأزياء، وهذا ألقى على عاتقي حملاً كبيراً. فكل معلومة نتجت أثناء تحضيري مجموعة «فخر»، استغرقت بحثاً طويلاً، ربما أكثر من سنة، قبل إطلاق التشكيلة. 

• فزت بجائزة الأزياء من وزارة الثقافة السعودية، لماذا اعتبرتِ أنها الجائزة الأجمل؟

- هي من أهم الجوائز التي حصلت عليها؛ لأنها تكريم من بلدي، وتعكس الموجة الثقافية التي تمر بها السعودية في هذه الفترة، وأن أكون من أول المكرمين في هذا المجال فيعني ذلك تقدير أعمالي في السنوات السابقة، وفي الحقيقة عنت لي الجائزة الكثير لأنها على مستوى السعودية. 

• ما المسؤوليات التي يلقيها على عاتقك نيل الجوائز؟ وهل يتملكك التوجس والرهبة؟

- معروف أن لكل دولة قوة ناعمة، وهذه القوة تكون عن طريق الفنون والثقافة والرياضة، وكوني أحد المؤثرين يلقي هذا على عاتقي مسؤولية الدقة ونقل ثقافتنا إلى العالم من خلال هذه الفنون، لأنها تؤثر في الرأي العام، واقتصاد البلد، والاستثمارات، والسياحة، وأمور كثيرة. فالدور الذي تضطلع به الأزياء والفنون أكبر بكثير مما يتخيله كثيرون. ليس هناك توجس أو رهبة، بل على العكس هناك حماسة وعمل جماعي، ورؤية.. كل هذه الأمور تشجعنا على أن نُظهر فنوننا للعالم، وأن يكون لنا حضورنا على الساحة العالمية.

• كيف ترين المشهد النسوي السعودي حالياً؟

- المشهد النسوي في السعودية نال الكثير من التمكين، ونرى الآن دعماً للمرأة على جميع الصعد، وفي المجالات كافة، إذ نالت المرأة أدواراً قيادية، ونرى المرأة السعودية الآن سفيرة، كما رأيناها بمجالات عدة لم تكن موجودة فيها من قبل، مثل: الرياضة، والفنون، بجميع أنواعها، وتمكين المرأة جزء من «رؤية 2030».

• تمكين المرأة في صميم رسالتك الإبداعية وتصاميمك.. فما الإنجازات التي حققتها في هذا السياق؟

- أنا أصمم للمرأة القوية، المتمكنة والواثقة من نفسها. فبالإضافة إلى عملي مصممةً ومستشارةً لتطوير الأزياء، أنا متحدثة عالمية، أتحدث عن تمكين المرأة في محافل عالمية بموسكو، ونيويورك، وحتى بالسعودية. ومؤخراً، كنت متحدثة في الـ«Fashion Futures»، المؤتمر العالمي، الذي أقامته هيئة الأزياء مع متحدثين عالميين. فهناك تداخل كبير بين الأزياء وتمكين المرأة، وهو من الشؤون التي تهمني في الأزياء ومجالات أخرى. 

• ما البصمة التي تودين تركها في عالم التصميم؟

- دمج الفنون الأصيلة بالتصميم بحيث يكون قطعاً فنية مختلفة، يعكس ثقافتنا وهويتنا وفنوننا، وأتمنى أن أستمر في ترك هذه البصمة. 

• الاحتفال باليوم الوطني ماذا يلهمك.. كسيدة سعودية؟

- في اليوم الوطني نتذكر أننا، جميعاً، أصبحنا سفيرات في العالم بمجالات عملنا، وعلينا وضع بصمتنا التي نستمدها من جذورنا وثقافتنا وتراثنا.. فهي ما يميزنا!

 

جوائز.. وتكريمات

نالت المصممة السعودية، أروى العماري، جوائز عدة، بدءاً من أول مسابقة شاركت بها، من خلال مجموعة أزياء تخرجها في جامعة «Esmod» الفرنسية، وانتهاءً بنيلها جائزة الأزياء من قبل وزارة الثقافة السعودية، وهي الجائزة الأهم بالنسبة لها، كما اختارتها قناة «BBC» كأكثر العقول إبداعاً في العالم، وغطّت رحلة تصميمها الطويلة لمجموعة «فخر».