التميّز في الظروف الطبيعية أمرٌ متوقّع، عند توفّر رؤية حكيمة، وموارد بشرية ومادية يتم التخطيط لها جيداً، وبذل الجهود المطلوبة. أما التميّز والإنجاز في ظروف استثنائية مصاحبة لأزمة عالمية، فهما أمرٌ يمثّل سابقةً، ومحطّة تستحق رفع القبعات إعجاباً وتقديراً. سطور «رمسة عاشة»، هذه المرة، أخذتني إلى أجواء حدث ينتظره الصغير والكبير حول العالم، ارتبط اسمه - تاريخياً - بالكشف عن معالم وابتكارات لكثير من الأمور التي غيّرت عالمنا، وأسلوب الحياة فيه، هو موعِدٌ لتلاقي العقول المبدعة حول العالم، وصنع المستقبل بالصورة التي تستحقها البشرية.. نعم أتحدّث عن «إكسبو 2020».
 
 رغم كلّ ما حملته أزمة «كوفيد - 19» من آثار عالمية، ولازالت حتى الآن في مناطق مختلفة من العالم، فإن الإمارات، وإمارة دبي، لم تتوقّف عن كونها معشوقة العقول الفريدة، والساعين إلى بناء مستقبل مختلف مركزه الإنسان بكل احتياجاته، ومحبّي التفوّق على الذات. واليوم، بينما العالم يبدو كعملاق في رواية، مترنّح، يحاول النهوض من دوار سببته «الجائحة»، تقف دولتنا، ودبي، بإصرار وتميّز بأقصى جاهزيتها وتألقها، مستعدة للترحيب بالعالم في الإمارات.
 
 لم أختر الحديث عن «إكسبو»، فقط، لروعة الحدث، ومستوى التحضير الذي أصبح حديث العالم، لكن لأقرأ دروس المثابرة والإصرار والفرص، التي يمثلها الحدث ليس لدولتنا فقط ولكن للمنطقة، وليس على المستوى المؤسسي، ولكن على مستوى الارتقاء بقدرات وإمكانات الأفراد. أتخيّل الصحراء بعراقتها، وكل ما فيها من تاريخ، ومُدننا بعمرانها الأحدث عالمياً، والمسطحات الخضراء الممتدة، والإنسان كأفراد عائلة واحدة أمسكوا بأيدي بعضهم بعضاً ينتظرون - بشوق - وصول زائر عزيز هو «إكسبو».
 
 الصحراء تبث رسالة قهر المستحيل، وأنه لا مكان لهذه الكلمة في معجمنا، والعمران والتطوّر الحضري هما تُحفة من المستقبل، صممها أمهر صاغة الجواهر، تزداد روعةً يوماً بعد يوم، والمسطحات الخضراء تبث رسائل الاحتفال بالحياة المتجددة. أما الإنسان بفئاته المجتمعية كافة، مواطنين ومقيمين وزوّاراً، لسان حاله يقول: جاء «إكسبو»؛ ليغيث لهفة كل واحد منّا، وشوقه إلى الحياة الطبيعية، والتواصل مع العالم، وجهاً لوجه، الذي طالما احتضنته دولتنا والمنطقة. 
 
 بينما نتشوّق لزيارة الفعاليات، أردت في «رمسة عاشة» أن نتأمّل «إكسبو» كرسالة لنا جميعاً، ابتداءً بالأطفال، ووصولاً إلى الفئات العمرية الأخرى كافة.. إن الظروف المحيطة، مهما كانت، يجب ألا تفقدنا التركيز، وإن التميّز قرار وليس منتجاً جاهزاً للاستهلاك، وإن الأشياء تحدث في وقتها المناسب، وانتظارها غالباً يعني أنها ستأتي أجمل وأبهى؛ إن واظبنا على خطتنا، وإن التنوّع ثراء، وهو الميزة التي يعكسها شعار «إكسبو 2020»: «تواصل العقول.. وصنع المستقبل»، فالحدث بتفاصيله كافة احتفال بأفضل الإبداعات والابتكارات من حول العالم، هو العالم نفسه، الذي اختار كثيرون فيه منطقتنا بيتاً لولادة أحلامهم، وهو آتٍ لنا هذه المرة، مجدداً، ليقدم لوحة تواصل إنساني لا مثيل لها. وأترككم - بهذه الرمسة - مع سؤال آمل أن نفكّر به معاً: ماذا سيعني «إكسبو 2020» في عُمركم، وهل تخيّلتم نوع الذكريات التي ستحملونها من هناك؟