ونظراً لأن العديد من الأطفال اضطروا للدراسة عن بُعد عبر الإنترنت، فقد تغيّر نمط حياتهم بالكامل، فباتوا أكثر استخداماً للأجهزة الإلكترونية، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر صحية عند الإفراط في استخدامها، كما قل تواصلهم مع محيطهم الاجتماعي، وتراجع نشاطهم البدني والحركي، ما جعل عودتهم إلى المدرسة مهمة صعبة على الآباء والأمهات.

ولعل من أهم النصائح التي يمكن لكل أب وأم الاستفادة منها من أجل تأهيل أبنائهم للعودة إلى صفوفهم المدرسية مجدداً، هي تخصيص وقت للقراءة ضمن البرنامج اليومي للطفل، كي يكون أكثر تقبلاً لفكرة الوجود الحضوري داخل المدرسة بعد فترة الانقطاع الطويلة هذه، على أن يكون هذا الوقت قصيراً، ويزداد بشكل تدريجي كي لا يشعر الطفل بالملل.

لكن كيف يمكننا اختيار أفضل الكتب للأطفال؟!

يُعد العمر ومجالات الاهتمام من العوامل الرئيسية عند اتخاذ قرار اختيار الكتاب الأنسب للطفل. لكن الآباء، أيضاً، يلعبون دوراً في اختيار الكتب، بحيث تؤثر في السلوك الفكري لدى الأطفال. وأنا شخصياً أحب دائماً شرح المفاهيم المعقدة وطرح الأفكار الجديدة من خلال القصص، حيث يشكّل الأطفال ذكرياتهم الأولى من خلال تذكر القصص التي رواها لهم آباؤهم. لذلك أجدها فرصة رائعة لاستخدام الكتاب للتحدث مع الأطفال عن الموت، أو الطلاق، أو الانفصال، أو الحرب. وأحب، أيضاً، تقديم القيم المهمة من خلال سرد القصص، مثل: فعل الخير، وتقبّل اختلاف الآخرين، ونحن لدينا - في مجموعة «كلمات» - كثير من الكتب المناسبة لهذا الغرض. 

 

 

انتقيت 10 كتب، أعتقد أنها تطرح موضوعات شيقة ومهمة، تفيد الطفل إذا اطلع عليها في صغره.

1 . هكذا تحرّكت الدمى: أحياناً تأتي الأفكار الإبداعية من حيث لا نتوقع. ويروي هذا الكتاب قصة رجلٍ وحيد، يعيش في زقاق مدينةٍ مكتظةٍ، وإضافةً إلى عمله كماسح أحذيةٍ، لديه هواية جمع الخردة. ويحلم بأن يصنعَ دمى لا تشبه تلك المعروضة في المحال، فهو يريدها مختلفةً. وفي أحد الأيام، تقود الصدفة طفلةً إلى مشغلهِ، وهناك تلهمهُ فكرةً مميّزة، ليبدع بعدها في صناعة دمى تتحرّك كالسّحر، وتطوف مسارح العالم. ويدرك الطفل - من خلال القصة - أنه يستطيع أن يساعد الآخرين، ويلهمهم بأفكار قد تساعدهم في الوصول إلى أحلامهم وأهدافهم، رغم أنه قد يكون أصغر سناً.

2 . أين صوتي: يمكن أن يُشكل الخجل عائقاً أمام التطور الطبيعي للأطفال. وتدور أحداث هذه القصة حول طفل خبأ صوته في زجاجة ماء فارغة، وفي صندوق ألعابه، وفي خزانة ملابسه، وعندما أراد أن يغني لوالدته، ويقرأ لأخيه، ويتكلّم مع أبيه؛ لم يستطع. تذكر عندها أنه خبأ صوته، فأسرع إلى غرفته وأطلق سراحه، وعاد يغني ويقرأ ويتكلّم. يعرف الطفل - من خلال القصة - أهمية تعزيز الثقة بالنفس، والتواصل مع أفراد الأسرة والآخرين دون خجل. وتجذب هذه القصة اهتمام الأطفال لأن موضوعها غريب وخيالي، ما ينشط خيال الأطفال، ويجعلهم يتساءلون إن كان ما فعله الصبي ممكناً.

3 . شجرة الذكريات: فعل الخير ينفع صاحبه إلى الأبد، وهذا ما تدور حوله أحداث هذه القصة. فعندما مات الثعلب الطيّب اجتمعت الحيوانات، وأخذت تروي ذكرياتها معه. في هذه الأثناء، ظهرت نبتة صغيرة حيث يرقد الثعلب، وأخذت تكبر مع كل حكاية عنه. ظلت النبتة تكبر مع الأيام، ومع كل ذكرى عنه، حتى أصبحت أطول وأجمل شجرة في الغابة. أحبت الحيوانات شجرة الذكريات هذه، التي أبقت الثعلب حياً في قلوبها. القصة ممتعة؛ لأنها تدور على لسان الحيوانات. كما أنها تُعلِّمُ الأطفال أن فعل الخير يُبقي الإنسان حياً في ذاكرة الناس. والقصة، أيضاً، تصور الثعلب بصورة لم يعتدها القراء، فالثعلب هنا عطوف ومحبوب وليس ماكراً ومخادعاً، ما يثير فضول الأطفال، ويدفعهم إلى مراجعة أفكارهم.

4. مطعم المرجان:التغيير فرصة للتطوير، وهو ما يؤكده هذا الكتاب، من خلال قصة بطلها حصان البحر «زعفور»، الذي يعمل رئيساً للطهاة بمطعم في أعماق البحر. و«زعفور» منظم في أمور الطهي، ويتبع وصفات الطعام بحذافيرها. ذات يوم مرض مساعده، وأرسل الأخطبوط «فرحان» ليحل محله. فوجئ «زعفور» عندما أعد «فرحان» الطعام على طريقته الخاصة، لكنه سُرّ عندما نالت الأطباق إعجاب الزبائن، فسمح له بالطهي على طريقته. وتجذب هذه القصة اهتمام الأطفال، لأن أبطالها مخلوقات بحرية تتصرّف مثل الإنسان، كما أنها تعلّمهم تقبّل التغيير والتجديد لما قد يحملانه من فوائد، وتعلّمهم تقبّل الآخرين حتى لو كانت طريقتهم مختلفة عنا.

5. الدرهم النظيف: العطاء هو مفتاح سعادة الفرد والمجتمع. ويروي هذا الكتاب قصة يحكيها الدرهم عن رحلته ومغامراته، إلى أن وصل إلى حصالة ليلى، وأمنيته أن يعود إلى حريته، ولا يبقى محبوساً فيها كي تتناقله الأيدي، شرط أن يبقى نظيفاً. يفرح الدرهم عندما يكون سبباً في سعادة الآخرين، وتساعده ليلى في أن يحقق أمنيته. تشجع هذه القصة الطفل على أن يكون دائماً مساعداً للآخرين، وأن يكون ناشراً للفرح أينما كان.

6. ألحان الليل: يروي هذا الكتاب قصة بومة صغيرة، قررت ترك المخزن الذي تعيش فيه بمجرد أن قوي جناحاها؛ وذلك حباً منها في استكشاف الحياة. خرجت البومة عند المساء وحطّت على شجرة وسط غابة. تأمّلت كل ما يحيط بها من طبيعة، وشعرت بفرح ممزوج بالدّهشة والإعجاب. الأشياء تتحرّك في الأرض وبين الأشجار، وفي السّماء أضواء قوية تبهت، وأحياناً تختفي، والألحان التي تصل إلى أذنيها تسحرها؛ فتحاول وصف هذا العالم وكائناته، والتفاعل معه، وتفسيره مع التغييرات التي كانت تطرأ عليه من وقت إلى آخر، إلى حين يطلّ الفجر، وتتغيّر كل الصوّر والحركة الموسيقية. وهكذا تصبح البومة شاهدة على انتقال الحركة السيمفونية من الليل إلى طلوع الفجر، وعندئذ تشعر بالنعاس بعد أن ارتوت من جمال الحياة. ينساب النص بأسلوب شعري، وينقلنا إلى عالم حالم، وحالة من السّلام الداخلي. ويوصل هذا الكتاب فكرة أن الطفل يعيش في عالمه الخاص، لكنه يتأمل ويتأثر بكل ما يحيط به، ويرى الأشياء من منظوره الخاص بحسب طبيعتها.

7. أفضل صديقين: الصدق من الخصال الحميدة، التي يجب أن ينشأ عليها الأطفال. وتدور أحداث هذا الكتاب حول قصة «زياد»، الذي يركب درّاجة أخيه الكبير دون موافقة والدته، فيصطدم بسيّارتها، وتتأذى الدرّاجة والسيّارة. وعندما يسأله أصدقاؤه عمّا حصل، يغيّر «زياد» الحقيقة، ويختلق القصص لتبرير ما جرى، فمن فعل ذلك هو مرّة «أميرة»، ومرّة أخرى مخلوق فضائي أو إنسان آلي.. يحاول «زياد» تغيير الحقيقة وإخفاءها وتجاهلها، لكن عندما تسأله أمّه عمّا حصل، يخبرها بالحقيقة، ويكتشف أن هذا هو التّصرّف الصّحيح، ويصبح هو والحقيقة صديقين. تركّز هذه القصة على أهميّة الصّدق وتشجّع الطّفل على إخبار الحقيقة، وتحمّل مسؤوليّة أخطائه.

8. أصيل: الفشل هو أولى خطوات النجاح. هذا ما تؤكده قصة «يارا»، التي تُمضي ساعاتٍ، وهي تُحدّث صديقَها «أصيل» عن حلمها الكبيرِ بأن تُصبح فارسةً مشهورةً بالمستقبل، ورغم أنّ «أصيل» لا يفهم لغةَ البشرِ، لكنّها كانت على يقينٍ أنَّه يفهم كلامها. هي المرّة الأولَى الّتي تتدرّب فيها «يارا» مع حصانها «أصيل» أمام والدَيْها. كانت تشعر بسعادةٍ عارمة، لكنّها تخاف من الفشل، وقد انتقَل خوفها إلى «أصيل»، فأخفَق في إنجازِ قَفزات الحواجز. أصيبت «يارا» بالإحباط لأنّها فشلت، لكنّها اكتشفت في النهاية أنَّنا إنْ لم نَفشل لن يمكننا أن نتعلّم.

9. حارة الطيب: الشغف سرٌّ من أسرار النجاح. ويروي هذا الكتاب قصة «حارة الطيب» التي لديها سرٌّ كبير وخطير لا تستطيع أن تخبر به أحداً، يجعل طعامها هو الأطيب في المدينة. سرّها في الحقيقة ليس كبيراً، بل صغير وطيّب جداً. قصة عن الشغف في هواية.. شغف يغيّر هويّة حارة بأكملها إلى الأفضل. تشجع هذه القصة الأطفال على الاهتمام بهواياتهم وتطويرها، لأنها من الممكن أن تجلب السعادة لهم ولأسرهم ولمن حولهم.

10. كنزي الصغير:ليس هناك أجمل وأدفأ من العلاقات الإنسانية المتينة. وتدور أحداث هذا الكتاب حول «نادر»، الذي يحب جمع الأشياء الجميلة، وكان يضعها في صندوق جميل ويخبئه فوق خزانته. ذات يوم، رأت والدته الصندوق، فسألته عنه، فقال: هذا كنزي الصغير. ثم سألها عما إذا كان لديها كنز، فأجابت أن لديها أحلى كنز. عندها طلب «نادر» رؤية كنزها، وكانت المفاجأة عندما أشارت إلى صورته في المرآة، وقالت: أنت كنزي. القصة تعلّم الأطفال أن الكنوز لا تقتصر على الأشياء والممتلكات، بل إن الناس الذين نحبهم هم الكنز الحقيقي. كما أنها تعلّمهم تقدير الجمال في كل شيء.

 

 

10 أفكار تشجع الطفل على القراءة

1.  حدد وقتاً يمكنك فيه عقد جلسة قراءة يومية مع طفلك، حتى لو كانت لمدة 30 دقيقة فقط. وعادة يكون وقت ما قبل النوم هو أفضل وقت للقراءة بالنسبة للأطفال.

2.  اجعل لهذه الجلسة طقوساً خاصة، كأن تقوم بإعداد خيمة للقراءة، بها كثير من الوسائد والأغطية، أو كأن تقوم بدعوة دمى طفلك إلى الانضمام إليكما في السرير.

3.  قم بإنشاء مكتبة شخصية صغيرة لطفلك، تتضمن جميع كتبه المفضلة، بحيث يسهل عليه الوصول إليها، وتظل أمام عينيه.

4.  كن قدوة لطفلك بسلوكك في القراءة، فإن الطفل إذا رآك تقرأ بانتظام سيقلّدك.

5.  اختر الكتب التي تتناول موضوعات تهم طفلك، فإذا أصبح فجأة مهتماً بالديناصورات، فاشترِ له كتباً عنها.

6.  اجعل وقت القراءة ممتعاً، من خلال تغيير نبرة صوتك أثناء القراءة، أو استعمال تعابير الوجه المضحكة.

7.  اصطحب طفلك إلى المكتبة، حتى يتمكن من اختيار العناوين التي يحبها بنفسه، فهذا سيجعله يشعر بالتمكين، وبمزيد من التوق إلى القراءة.

8.  أعد قراءة القصة نفسها مراراً وتكراراً. ورغم أن هذا الأمر قد يكون مملاً للوالدين، فإن الأطفال يحبونه جداً، بل ويجعلهم يبدؤون الترديد مع القارئ.

9.  اطرح أسئلة أثناء القراءة، للمحافظة على مشاركة الطفل واهتمامه.

10.  قدم دوماً الكتب كهدايا للطفل، فكلما زاد تشجيعنا للطفل على القراءة، زاد انفتاح عقله وفضوله.