سرطان الثدي الظن السيئ علاج

حينما يدنو من البيوت، يهجر الفرح والانشراح الأسر، وتسود «البلبلة»، والخوف من مرض ووجع وموت. وفي كلِّ مرة نسمع به، نردد: «الله يبعده عن بيوتنا». وعند دنوه من قريبة، أو صديقة، أو زميلة، أو حتى عدوة؛ يجتاحنا ألف سؤال وسؤال: هل تستسلم أم تواجه؟ الانتصار ممكن أم مستحيل؟ العالم صعد إلى القمر والمريخ، فهل

حينما يدنو من البيوت، يهجر الفرح والانشراح الأسر، وتسود «البلبلة»، والخوف من مرض ووجع وموت. وفي كلِّ مرة نسمع به، نردد: «الله يبعده عن بيوتنا». وعند دنوه من قريبة، أو صديقة، أو زميلة، أو حتى عدوة؛ يجتاحنا ألف سؤال وسؤال: هل تستسلم أم تواجه؟ الانتصار ممكن أم مستحيل؟ العالم صعد إلى القمر والمريخ، فهل يجوز أن يبقى سرطان الثدي خبيثاً مميتاً قهاراً؟.. هو مرضٌ فيه تحدٍّ كبير تنتصر فيه من يغمرها حبّ كبير، وصبر جميل، ووعيّ وفير، وإرادة امرأة حديدية! ونحن في شهره.. في أكتوبر الوردي. لكن يجب أن نتذكر جيداً أنه في القانون، يُقال: «كل متهم بريء؛ حتى تثبت إدانته»، أما في «الخبيث» فيفترض الظن بكل ورم على أنه خبيث، إلى أن يتبين العكس؛ لأن خطر «الخبيث» الأول هو التعامل معه بحسن نية، وعدم الظن السيئ به!

هناك امرأة واحدة، من أصل ثماني نساء، معرضة للإصابة بسرطان الثدي، أما نسبة الاكتشاف المبكر فمازالت لا تتعدى الـ30%، من الحالات التي يتم تشخيصها في الدول المتقدمة. هي نسبة لاتزال قليلة جداً. ونسبة إصابات الذكور بالمرض لا تتعدى الـ1% فقط. 

يقول الاختصاصي في الأورام وأمراض الدم، البروفيسور جورج شاهين: ينشأ سرطان الثدي في الغدد المنتجة للحليب، أو في الأنابيب اللبنية بالثدي، التي توصل الحليب إلى الحلمة، وهو يمر بأربع مراحل، الأولى: يقتصر فيها الورم السرطاني على ثدي المرأة فقط. الثانية: يتمدد إلى مناطق قريبة، مثل الغدد الليمفاوية تحت الإبط. الثالثة: ينتشر إلى الأنسجة الباطنية لجدار الصدر. الرابعة (المتقدمة): هي التي يتمدد فيها إلى مناطق مختلفة من جسم المرأة. 

ويضيف: تعتمد النتيجة على مرحلة تشخيص المرض للمرة الأولى، أي على حجم انتشاره حينما يتم اكتشافه، علماً بأن هناك أنواعاً من سرطان الثدي يكون معدل نموها مختلفاً، وتكون نسبة استجابتها للعلاجات مختلفة أيضاً؛ ما يعني أن النسيج الخبيث يجب أن يخضع، دائماً، لعدد من الاختبارات؛ لتحديد نوع الورم.

أسباب الإصابة

يبدو أن الوزن الزائد، خصوصاً في القسم الأعلى من الجسم، قد يُشكل عاملاً إضافياً، ومثله الطمث المبكر، أو انقطاع الطمث في سن متأخرة، وتعرض المرأة لمعدلات مرتفعة من الهرمونات لفترات طويلة، بسبب طول فترة الحيض وعدم الإنجاب، أو تأخر أول حمل، وعدم الإرضاع، وتناول حبوب منع الحمل، كما أن الإسراف في التدخين يزيد خطر الإصابة، ومثله تناول الأطعمة الغنية بالدهون، وقلة التمارين الرياضية. 

على كل حال، هناك خيارات سلوكية ينصح بها الطبيب، بينها: تجنب الاستخدام المطول للهرمونات، وتجنب التعرض المفرط للإشعاعات، ووجوب التحكم في الوزن، والنشاط البدني المنتظم، وتجنب التعرض لدخان التبغ، وذلك على قاعدة «درهم وقاية، خير من قنطار علاج». 

والجينات هي التي قد تتحكم في الإصابة، ويُحكى عن اثنين من أكثر الجينات، التي يمكن أن تتحور، وتزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، وهما: «BRCA1»، و«BRCA2». والنساء اللواتي يرثن طفرة من هذه الجينات، لديهن مخاطر أعلى للإصابة.

إصابة الرجال

كثيراً ما يُطالب الرجال بأن يكونوا السند لنسائهن اللواتي يواجهن سرطان الثدي. لكن، ماذا لو سمع رجلٌ طبيبه يُخبره بإصابته بسرطان الثدي؟ صحيح أن هذا السرطان، نادر الحدوث عند الرجال، لكنه قد يحصل. وتشير التقديرات إلى  تشخيص 2670 حالة جديدة من سرطان الثدي عند الرجال هذه السنة، وهناك رجل من كل 833 رجلاً، قد يواجه خطر الإصابة على مدار حياته. 

لدى الرجال كمية صغيرة من أنسجة الثدي، الذي يُشبه لديهم ثدي الفتاة قبل البلوغ، مع فارق أن أنسجة الثدي عند الفتيات تنمو وتتطور أما هم فلا. وتكمن الخطورة في أن اكتشاف هذا الخبيث، غالباً يحدث عند الرجال في مرحلة متأخرة؛ لأن الرجل قد يفكر في أي شيء.. في كل شيء، إلا أن يكون مصاباً بسرطان الثدي. أما الأسباب المرجحة لذلك، فهي قد تكون جراء تعرضه لإشعاعات عالية، أو تضخم الثدي بسبب أدوية معينة، أو علاجات هرمونية، أو سموم، أو بسبب وجود حالة وراثية نادرة، تسمى متلازمة «كلاينفيلتر»، تتسبب في اضطراب بـ«الكروموسوم»، وقد يكون السبب، أيضاً، مشاكل في الخصيتين، أو البدانة. 

أكل أقل ورياضة أكثر

يُعتقد أن النظام الغذائي مسؤول، جزئياً، عن نحو 30 إلى 40% من جميع أنواع السرطان، هذا اعتقاد. وهناك نظريات تقول إن اتباع نظام غذائي غني بالدهون يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي. لكن، تبقى هذه المعلومة في إطار الشائعات فقط. 

إحداهنّ أمسكت ورقة وقلماً وراحت تدوّن عليها أطعمة، سمعت أنها مناسبة لمحاربة سرطان الثدي، دونت الخضراوات، خصوصاً ذات الأوراق الداكنة، والفاكهة الملونة، أضافت فول الصويا الغني بالبروتينات، والدهون الجيدة، والفيتامينات. وأيضاً الشاي الذي يعزز المناعة، والكركم ذا الخصائص المضادة للالتهابات، وألغت من القائمة اللحوم الحمراء، وقللت اللحوم البيضاء، وأضافت المكسرات والتوفو.. ما فعلته ممتاز، وإن لم تثبت قدرة الغذاء على الإسهام في علاج سرطان الثدي. لكن، يبقى أن التحكم في السعرات الحرارية، وفي النمط الصحي الغذائي غاية في الأهمية، في سبيل الوقاية من الأمراض بشكل عام. ومع الغذاء المناسب، لتكن الرياضة حاضرة دائماً، ليس من أجل الوقاية فقط، بل من أجل تخفيض نسبة خطر الانتكاسة بعد الإصابة.

4 خطوات

هناك ما يُشبه ألف باء توصيات الكشف المبكر، وفيها:

1 - الفحص الذاتي للثدي كل ثلاثة أشهر، ابتداءً من سن العشرين. 

2  - الفحص السريري للثدي، من خلال الطبيب، كل ثلاث سنوات بين سن العشرين والأربعين. 

3  - إجراء فحص سريري للثدي وصورة شعاعية سنوياً، اعتباراً من سن الأربعين، حتى لو كانت المرأة تتمتع بصحة جيدة. 

4  - إجراء الصورة الشعاعية عشر سنوات قبل عمر أصغر ضحية في الأسرة، في حال وجود سوابق سرطان ثدي داخل العائلة. 

كيف تكتشفين؟ 

يظهر سرطان الثدي على شكل كتلة غير مؤلمة، وقد تشعرين، أيضاً، بسماكةٍ ما في الجلد؛ فلا تغضي الطرف عن أي ملمس غير طبيعي في الثدي، يدوم أكثر من شهر دون أن يترافق مع وجود ألم. وظهور تغير في حجم وشكل الثدي، يفترض أن يثير فيك أيضاً الارتياب. ومثله وجود احمرار، أو تغيّر، في مظهر الحلمة، أو في الجلد المحيط بها. أو ظهور إفرازات غير طبيعية من الحلمة، والشك مطلوب لكن الهلع غير واجب؛ لأن أكثر من 90% من الكتل في الثدي ليست سرطانية. وعلى كل حال، فحص خزعة من الثدي قد يُظهر حقيقة ما تشعرين به، وهناك أعراض أخرى قد تكون إشارة، مثل: آلام العظام، أو الصداع. 

أعراض وعلاج

صحيح هو خبيث، لكن أعراضه لابدَّ أن تعود وتظهر في المراحل المتقدمة. فمع زيادة حجم الورم، قد تبدأ المرأة ملاحظة كتلة صلبة في الثدي أو تحت الإبط، تكون عادة غير مؤلمة، وتظهر من جهة واحدة فقط. وقد تلاحظ، أيضاً، تغيراً في حجم الثدي، أو شكله، وفي البشرة، مثل: ظهور بعض التقشر، أو الاحمرار، أو تغير في الحلمة على غرار وجود إفرازات غير مألوفة، أو طفح جلدي حول منطقة الحلمة. 

ما يجب أن تعرفه كل امرأة، بحسب البروفيسور شاهين، هو أن علاج سرطان الثدي يمكن أن يكون فعالاً للغاية؛ إذا اكتشف المرض مبكراً، والعلاج يكون مزيجاً من: العمل الجراحي، والعلاج الإشعاعي، والأدوية. وفي عام 2020، تم تشخيص إصابة 2,3 مليون امرأة جديدة بسرطان الثدي؛ ما يجعله أكثر أنواع السرطان انتشاراً في العالم. وقد يحدث هذا السرطان في أي عمر بعد البلوغ، وكلما كبرت المرأة زاد معدل إصابتها. 

الحمل بعد الإصابة بسرطان الثدي.. ممكن؟

سؤال يلحّ على الإناث، حينما يسمعنَ أن السرطان قد يُصيب، أيضاً، نساء في سنّ الثلاثين والأربعين. هنا، نصيحة البروفيسور شاهين للنساء المصابات، عموماً، بضرورة التحدث مع أطبائهنّ بصراحة؛ إذا كنّ يُخططن للإنجاب؛ ليعرفن - بوضوح - الخيارات المتاحة أمامهنّ. وهنا، لا نخفي عليكن أن لكثير من الأطباء مخاوف بشأن سلامة الحمل بعد العلاج. وهذا لا يعني، مطلقاً، أن الحمل السليم لإنجاب طفل معافى مستحيل.