بفعاليات ثقافية مدهشة، ومشاهد فنية مذهلة، وعروض بصرية لا تُصدَّق، يرفل «إكسبو 2020 دبي» في حلة زاهية وملهمة من الإبداع والابتكار العالمي، ويجمع أكثر من 192 دولة، وملايين الأشخاص من جميع أنحاء الكوكب، للاحتفال بالبراعة البشرية، حيث تجتمع العقول العظيمة من مختلف الصناعات الإبداعية ذات الشهرة الأيقونية على أرض الإمارات؛ لإدراك كيف يستطيع الإبداع أن ينقذ العالم، وكيف يمكن تسخيره لتأمين المستقبل، ورعاية المواهب بشكل أفضل؛ لضمان استمرار إثراء حياتنا وإلهامها، ويمكن تأكيد أن «إكسبو 2020 دبي» - نفسه - عمل فني متكامل، أنشأته عقول منفتحة ومبدعة وموهوبة، فهناك شيء للجميع، من اكتشاف الابتكارات الجديدة، والإمكانات المستقبلية، إلى الاستمتاع بالثقافات من جميع أنحاء الدنيا.. من خلال هذا التقرير، نقدم لكم جولة على بعض ما يقدمه «المعرض العظيم» في هذا العيد الثقافي والفني الفاخر:

أعمال دائمة
في سرد خاص، وجزء من برنامج الفن العام للحدث الضخم، يتألق برنامج الفنون البصرية المصاحب، ويشكل معالم دائمة على طول مسار موقع «إكسبو 2020 دبي»؛ ليرسخ الطابع الإبداعي، ويخلق سرداً للمفاهيم والأفكار والجماليات، في رحلة إبداعية تحدد نغمة المعرض، وتشجع التفكير الابتكاري، وتحفز خيال زواره، من خلال 11 عملاً، فتتشابك فيه أعمال كبار الفنانين المعاصرين، المحليين والعالميين، يضعون بصمتهم الدائمة ضمن منصة للفن المعاصر في منظومة الابتكار الحضرية، التي تعرف باسم «دستركت 2020»، التي ستمثل نموذجاً لمدن المستقبل الذكية، ليس فقط خلال الأشهر الستة، لكن أيضاً لسنوات عدة مقبلة، وستبقى القطع الفنية التي تم تكليفها بمعرض إكسبو جزءاً من النسيج الحضري للحي الجديد، وتوفر إمكانية للعديد من الأعمال الفنية في المستقبل.  

وتزين ساحات «إكسبو» أعمال أربعة فنانين إماراتيين من مختلف الأجيال، هي: عمل عبدالله السعدي «ترحال»، المستوحى من اتجاهات مختلفة على الأحجار، في دعوة إلى اكتشاف نوع من اللغة الأثرية الشعرية. وعمل الفنانة شيخة المزروع «القاعدة»، الذي يجسد لغتها الجمالية، ويخلق أشكالاً ديناميكية مع تفاعل من التوتر والتوازن. وتطل في مشهد مبهر منحوتة رخامية كبيرة للفنانة عفراء الظاهري، مستوحاة من الوسائد الأرضية الإماراتية التقليدية (التيكية)، والتي تعيد النظر في لحظات الطفولة. أما عمل الفنانة أسماء بلحمر «تباين المألوف»، فيتحدث عن التشويه البصري، الذي يحدث عند الانتقال من المناظر الجبلية إلى مناظر المدينة. ومن ضمن الأعمال، أيضاً، عمل الفنانة الكويتية منيرة القديري «كيميرا»، وهو منحوتة كبيرة ذات ألوان قزحية لامعة تشبه حفارة النفط، وتسعى - من خلاله - إلى إيجاد علاقة بصرية بين الحفارات واللؤلؤ، فتطرح من خلالها التغيرات الاقتصادية التي حدثت بعد اكتشاف البترول في المدن الخليجية، إضافة إلى العمل المبدع للفنان الصيني ينكا شونيبار بعنوان «الرياح». 

من وحي ابن الهيثم

أما الإطار المفاهيمي لبرنامج الفن العام في «إكسبو 2020 دبي»، فهو مستوحى من كتاب «المناظر» لعالم الرياضيات والفلك والفيزيائي العربي الشهير ابن الهيثم (القرن الحادي عشر). ويوفر مفهوم البرنامج منظوراً لعرض الأعمال الفنية المعاصرة، وسياقاً يسمح باستكشاف الجانب الفلسفي لنظريات ابن الهيثم حول الإدراك البصري، والذي كان لجهوده الأثر الحاسم في التطور العلمي والفني، وصولاً إلى التصوير والسينما.

 

تصميم.. وحرف

كنافذة لا تطلع على ثقافات العالم فحسب، بل أيضاً على ثقافة البلد المضيف وحضارته.. يعرض الإبداع والفن والثقافة والتراث والاقتصاد الوجه المشرق للإمارات، ويُظهر جهودها محلياً ودولياً لدعم التنمية، وقيمة الابتكار، وقيمة الحياة، وخلق بيئة مستدامة للمستقبل، وإبراز دور الثقافة والفن في تقدم وتطور البلاد وخدمة البشرية جمعاء، حيث يحتل برنامج «التصميم والحرف» مساحة مميزة لعرض الإبداعات الفنية من دولة الإمارات، والمجموعات التي صممها وصنعها المصممون الدوليون حصرياً لـ«إكسبو 2020». وستذهب عائدات بيع قطع التصميم إلى صندوق المصممين الإماراتيين، الذي أنشأه «إكسبو 2020» لدعم المصممين المحليين، وشركات التصميم الصغيرة والمتوسطة الحجم. 

 

إبداع بيئي

يتعامل «إكسبو 2020 دبي» مع القضايا البيئية بطرق سهلة الوصول، وغنية بالمعلومات وممتعة، تَعِدُ بإحداث تأثير إيجابي  يعزز تقدير زواره، وفهمهم ومناصرتهم للأمور الأكثر إلحاحاً لكوكب الأرض.. من المزرعة العمودية الضخمة للجناح الهولندي، و«غابة الصوت» الغامرة في لاتفيا، والحدائق المعلقة التي تعمل بالطاقة الشمسية في سنغافورة، والمظلة المطيرة في ماليزيا، والمشي الافتراضي في سويسرا، عبر المناظر الطبيعية الضبابية. ويعيد جناح البرازيل تصور الأنهار، من خلال تجربة غامرة للزوار لمياه يمكن المشي فيها، بالإضافة إلى مشاهد نهر الأمازون العظيم، ورائحته، وأصواته.

مبدعون في الخير

في مساحة حيوية للحركة، ووسط مناظر جذابة يعرض «إكسبو لايف» الابتكارات المؤثرة في المجتمع، في جناح «مبدعون في الخير»، وهو الأول من نوعه في «إكسبو» الدولي، وسيلهم الجناح الزوار، حيث يسمح لهم بالتفاعل مع مشروعات المبتكرين العالميين، ويشجعهم على تعلم المزيد، مع وجود صور لـ100 مبتكر عالمي في أنحاء موقع «إكسبو 2020 دبي»، تحكي كل صورة قصة تغيير إيجابي عبر الابتكار. 
إبداع معماري 

البوابات المنسوجة بالكامل من خيوط من ألياف الكربون المركبة، والتي استغرق تطويرها من المهندس المعماري آصف خان ثلاث سنوات، هي أول لمحة من الإبداع الذي يراه الزوار، عندما تطأ أقدامهم «إكسبو 2020»، حيث يضم أجمل الأعمال الفنية الإبداعية المعمارية، إذ إن المعرض مملوء بروائع لا حصر لها، تعرض يومياً على أرض الحدث على أكبر شاشة في العالم، إضافة إلى عروض لـ192 جناحاً دولياً مرموقاً. ومساحة تنشر فيها كل هذه البلدان للجمهور أمثلة على ثقافتها وتقنياتها وإبداعاتها وابتكاراتها ومناظرها الطبيعية، واقتراحاتها لعالم مستقر، والتي تتمثل في أهم التصاميم بمختلف مجالات العلوم والهندسة. ومن بين التصاميم المذهلة في المعرض هناك، مثلاً، جناح دولة الإمارات المستوحى من الصقر، بلوحات ديناميكية ترمز إلى الطائر أثناء الطيران، ويعبر عن ثقافة وتراث البلد، والمبنى المستقبلي للمملكة العربية السعودية، مروراً بالجناح الهندي المتغير الشكل، والهيكل الباكستاني النابض بالحياة، وعروض جناح نيوزيلندا المدهشة، والجناح الإيطالي، الذي يتميز بعرض نسخة مطابقة من تمثال ديفيد للفنان مايكل أنجلو. وليس أخيراً جناح الصين المصمم ببراعة تجمع بين أحدث التقنيات والعناصر التقليدية للعمارة الصينية، إذ يستضيف «إكسبو 2020 دبي» العديد من أجنحة الدول الجذابة، التي تحفز على الاكتشاف والتفاعل ورواية القصص والبرمجة الثقافية الملهمة.