«رمسة عاشة» هذه غير عن كُل سابقاتها؛ فهي صدى لأصوات أسمعها أنا، وتسمعونها أنتم، أثناء قراءتكم سطوري على الأغلب، وهي لسان حال جميع من أنعم الله عليهم بأن يكونوا أبناء الإمارات، أو عرفوها، أو زاروها، أو اختاروها بيتاً يسكنون فيه، ويُطلقون منها أحلامهم. الرمسة هذه غير؛ لأنه عند نشرها سنكون دخلنا أعتاب خمسين جديدة، ستكون بإذن الله أكثر إشراقاً وتميّزاً، بما يليق بالإمارات، وقيادتها، وشعبها. ومثلما نقول في «رمستنا»، عند إقبال ضيف نود الترحيب به بحرارة: «مرحبا ملايين.. ولا يسدّن»، أردت عبر «رمسة عاشة» أن نقول معاً: «مرحبا خمسين من قلوبنا».

حديث السنوات ليس مجرّد أرقام عند البشر، وما عليك سوى أن تسأل إنساناً عن عُمره؛ فترى آثار السؤال على وجهه! فعدد سنوات العمر حديثٌ يُصيب القلب مباشرة، حتى وإن كانت له دلالات منطقية أو حياتية. وهو ما حدث للرقم خمسين، مؤخراً، ليس في الإمارات فحسب، لكن للجمهور العريض الذي يقرأ مجلة المجتمع الخليجي «زهرة الخليج»؛ فقد أصبحت له دلالات كثيرة من الآن فصاعداً، وهي ما أردت مشاركتكم إياها، ونحن نحتفل باليوم الوطني الخمسين لدولتنا.

الخمسون عاماً الماضية حملت لكلّ عائلة مجموعة ذكريات عاشتها في دولتنا، أو حتى مرّت بها مرور الكرام عندنا، فالقواسم المشتركة بيننا جميعاً، مواطنين ومقيمين وجيراناً غلاة في الخليج والمنطقة وأصدقاء من العالم، أننا صنعنا ذكريات جعلت للصحراء الموجودة في بقاع مختلفة حول العالم معنى آخر جديداً تماماً، فهي ليست الجفاف والبيئة الصعبة، أو مجرّد مشهد طبيعي خلّاب، لكنها شهادة حيّة أنّه من قلب الصعب يولدُ الحلم، وميزة الحلم الإماراتي أنّه حِلم وطن، وفي الوقت ذاته حلمٌ فردي لكل واحد منّا.

وهنا أستذكر مبادرة أطلقتها لجنة الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولتنا بعنوان «رسائل إلى المستقبل»، تدعو المبادرة كل من يتخذون من الإمارات وطناً لهم إلى كتابة رسالة إلى أنفسهم في المستقبل، يرسمون - من خلالها - ملامح أحلامهم، وتصور رحلتهم في مستقبل الدولة. لذا وفي السياق نفسه: لماذا لا ننظر إلى ما مضى من عُمرنا في الحياة، حتى وإن لم نبلغ الخمسين، ونكتب رسالة إلى ذاتنا نُخبرها كم نحن فخورون بما حققنا، وكم عدد الدروس التي تعلمناها، وما الحياة المستقبلية التي نريدها لأنفسنا، ولمن نُحِب؟!

من قلب عاشة وبرمستها، أبدأ رسالتي بأن أحمد الله على فرصة أنني ولِدت ابنة زايد، الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله، وتوليت مهام كثيرة؛ جعلتني على ما أنا عليه اليوم، وأشكر الله أنني ولدت ابنة بطي بن بشر، رحمه الله، وقبل أن أكمل مطلع رسالتي أكاد أقرأ رسالة أخرى تُكتب، يحمد فيها كاتبها نعمة المعاني التي أضافتها الإمارات إلى سمعة المنطقة؛ فنحن لسنا عالماً ثالثاً، نلهث وراء الآخرين، بل أصبحت منطقتنا حُلماً لكثيرين حول العالم، وفي أكثر الدول المتقدمة، وهو ما نقرأه في عيون من نُخبرهم بأننا من الإمارات؛ ليبدأ بريق التمني في عيونهم.

وبالتنهيدة ذاتها، التي يُسارع بها قلبنا، عندما نتحدّث عن عُمرنا، نهنئ أنفسنا بخمسين إماراتية مضت، ونرحّب بخمسين مقبلة، ليس للإمارات فقط، بل للمنطقة والعالم، عنوان التطوّر، وبناء الإنسان، وراحته، وسعادته.. فما الذي ستبدأون به رسائلكم، عندما تسمعون «يا مرحبا خمسين»؟