ليس أصعب من الخذلان شعوراً! ففي علاقاتنا مع الآخرين قد نضع في أذهاننا الكثير من التوقعات التي ننتظرها منهم، فإن لم تحدث فإن مشاعر الخذلان تبدأ في التسلل إلى نفوسنا فتصيبها بالإحباط، وقد تصاب علاقاتنا بالفتور والقطيعة.

نحن نعامل الآخرين، المقربين منا بالذات، بما نتطلع لأن يعاملونا به، ودوماً نرفع سقف توقعاتنا، ونبقى ننتظر منهم أن يعاملونا بالمثل، لكن الحقيقة أن الجميع ليسوا بالروح المعطاءة ذاتها، التي تبذل وتعطي عن حب وطيب خاطر؛ وحينها نقع فريسة للخذلان.

صحيح أننا - في كثير من الأحيان - لا ندخر جهداً من أجل إسعاد الآخر، دون أن نضع في أذهاننا المقابل الذي سيعود علينا به هذا العطاء، لكن هذا لا يمنع من أننا - ولو في داخلنا - نتطلع لأن نحصل من الآخر على التقدير والعطاء بالمثل. 

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن محقون في ذلك؟ 

أعتقد أن اللوم - أولاً وأخيراً - يقع علينا حينما نسرف في توقعاتنا، وحينما نضع أنفسنا في محل الآخر، ظانين أنه سيتصرف كما نشتهي، متناسين أن لكل منا شخصيته ونظرته الخاصة التي يتعامل بها مع الأمور.

لكن ذلك لا يمنع من أن يكون الخذلان إحساساً حقيقياً قد يحطم الأرواح ويطفئ المشاعر الجميلة، خاصةً إذا حدث من إنسان عاشرته طويلاً، ووضعت ثقتك كلها رهن إشارته.

بعض الخذلان قد يأتي نتيجة هفوة أو خطأ غير مقصود قد يُغتفر ويتجاوزه الإنسان، لكن الأشد إيلاماً حينما يكون الخذلان نتيجة فعل تُعرف نتائجه بشكل مسبق. هنا، يكون الخذلان قاتلاً لكل ما هو جميل، في علاقة بُنيت - في يومٍ ما - على أساس من الحب والثقة والتفاهم.

ولعل أكثر الأمور خذلاناً ما نتج عن خيانة الثقة التي قد نهبها لأحدهم، ولا نلقى منه - في المقابل - إلا الطعن والنكران، حينها يكون الخذلان أوقع أثراً في النفس، وحتى إذا أراد الطرفان تصحيح الأمور فإنها لا تستقيم بينهما من جديد.

الخذلان قد يحملنا على الشعور بالذنب، وقد نقسو على أنفسنا، ونحمّلها خطأ ما حدث، لكن ذلك خطأ؛ فما نحن إلا ضحية، وبيدنا وحدنا الخروج من دائرة الخذلان والكآبة.