تتعدد الأسئلة حول علاجات تقويم الأسنان والفكين.. ما أفضل علاج؟ وما أحدث التقنيات؟.. لكن يبقى السؤال الأكثر تكراراً وأهمية: ما أنسب عمر لبدء علاج تقويم الأسنان والفكين؟.. وللإجابة عن هذا السؤال المهم، نستضيف اختصاصي تقويم الأسنان والفكين، الدكتور محمد صالح، عضو الجمعية الأميركية لتقويم الأسنان والفكين، والمدير الطبي لمركز المينا الطبي بمدينة العين، والمحاضر السابق في عدد من الجامعات والمؤتمرات الدولية.

يقول الدكتور محمد صالح إن العمر المناسب لبدء العلاج التقويمي، يعتمد - بشكل أساسي - على نوع المشكلة الموجودة وحجمها. وتنصح جمعية تقويم الأسنان الأميركية بأن تكون أول زيارة لطبيب تقويم الأسنان والفكين بعمر السبع سنوات، فبعض الحالات يجب علاجها بعمر السبع سنوات، وبعض الحالات تعالج بعمر الثماني سنوات، بينما تتطلب بعض الحالات بدء العلاج بعمر العشر سنوات. وعلى الجانب المقابل، بعض المشاكل نؤجلها حتى يكتمل بزوغ الأسنان بعمر اثني عشر عاماً، وهنالك نسبة قليلة جداً نؤجلها لعمر 16 عاماً، وهي الحالات التي تتطلب علاجاً تقويمياً وجراحياً مشتركاً. ويضيف: عادة يستغرب الأهل عندما نتكلم عن العلاج المبكر التقويمي لدى الأطفال، حيث يطرحون السؤال التالي: في عمر السبع سنوات.. معظم الأسنان لدى الطفل هي أسنان لبنية وليست أسناناً دائمة.. فلماذا التقويم بهذا العمر؟..

لكن التقويم في هذا العمر يكون لعدة أسباب، منها:

الأول: علاج مشاكل الفكين (مشاكل عظم الفك العلوي، وعظم الفك السفلي)، التي يجب علاجها بشكل مبكر، حينما يكون العظم طرياً، ما يؤدي إلى استجابة سريعة وجيدة، ويمكن تعديل نمو الفكين لعلاج التشوهات بنسبة نجاح عالية، ما يجنب الطفل تشوهات كبيرة في وظيفة المضغ والكلام، ويجنبه الجراحة لاحقاً، حيث يمكن تنشيط نمو عظم الفك العلوي، وعظم الفك السفلي لدى الأطفال الذين يعانون من نقص في نمو أحد الفكين.. وعلى الجانب المقابل بعض الأطفال تكون لديهم زيادة في نمو أحد الفكين، وعندها يجب القيام بالعلاج المبكر.

الثاني: إيقاف العادات الفموية السيئة، مثل: مص الإصبع، أو دفع اللسان إلى الخارج، التي إن تأخر علاجها ستؤدي إلى تعقيد المشكلة وتفاقمها.


الثالث: تحسين نفسية الطفل؛ إذ أثبتت الدراسات العلمية أن وجود تشوهات على الأسنان والفكين مرتبط، بشكل رئيسي، مع زيادة نسبة التنمر، وحدوث مشاكل نفسية لدى الأطفال بسبب السخرية من أسنانهم. وعليه، فإن العلاج التقويمي المبكر يحسن نفسية الأطفال، ويجنبهم التنمر، ما قد يؤثر في تحصيلهم الدراسي، ويجعل الطفل يكره الذهاب إلى المدرسة.

الرابع: تحسين التنفس من الأنف؛ فالتنفس من الأنف أمر ضروري ومهم جداً، وللأسف يعاني بعض الأطفال من مشاكل حقيقية في التنفس من الأنف، بسبب تضيّق عظم الفك العلوي، أو تراجع عظم الفك السفلي، ما يجعل ممر التنفس ضيقاً، ويؤثر ذلك بشكل سلبي في نمو الأسنان والفكين والوجه، كما يؤثر في نسبة الأكسجين بدم الطفل، ما يؤثر بشكل سلبي في كامل الجسم، ونوعية النوم، وحتى تحصيله الدراسي. وأثبتت الدراسات تحسن كل هذه المشاكل، بعد توسيع عظم الفك العلوي للحالات التي تعاني من تضيّق عظم الفك العلوي، أو تقديم عظم الفك السفلي للحالات التي تعاني من تراجع عظم الفك السفلي.

الخامس: حماية الأسنان العلوية الأمامية من الرضوض، فقد أظهرت الدراسات أن بروز أسنان الفك العلوي الأمامية يزيد احتمالية انكسار هذه الأسنان عند سقوط الأطفال بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف، مقارنة بالأسنان غير البارزة، ويخسر للأسف عدد من الأطفال أسنانهم الأمامية بعمر مبكر بسبب هذه المشكلة.

السادس: تعديل بزوغ الأسنان التي تبزغ بشكل خاطئ؛ وللأسف لا تبزغ كل الأسنان في مكانها الطبيعي، وتتطلب بعض الأسنان مساعدة مبكرة لبزوغها في مكانها الطبيعي، ويؤدي التأخر في هذا التدخل لبزوغ خاطئ لبعض الأسنان، والتي قد تضغط على جذور الأسنان المجاورة، وتؤدي إلى تخربها وخسارتها، وهي أسنان دائمة لا يمكن تعويضها. ويمكن تجنب ذلك بإجراء صورة أشعة بسيطة بعمر الثماني سنوات، حيث يمكن للطبيب رؤية الأسنان داخل العظم، وكشف أي مشكلة قبل تعقد الأمور، وفوات الأوان.


وفي الختام، أود أن أوضح أن الدراسات تدل على أن 20% من أطفالنا يحتاجون إلى علاج مبكر (أي قبل الـ12 عاماً) بينما نؤجل 75% من الحالات إلى عمر الـ12 عاماً، وفقط 5% من الحالات تؤجل إلى عمر الـ16 عاماً. 


للتعرف أكثر إلى العلاج المبكر لدى الأطفال ومواضيع أخرى تقويمية، ننصح بمتابعة حساب الدكتور محمد صالح على "إنستغرام": dr.mohammedsaleh